إذا فَعَلها بوتين… هكذا سيكون الرد؟

خلدون زين الدين

التوتر الحدودي الروسي – الأوكراني يزداد غلياناً. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الحليف للغرب، يتحدث عن حشد موسكو نحو 100 ألف جندي. حلفاؤه في واشنطن وبروكسل يتأهبون، تتكثف مناقشاتهم، ويتبادلون أفكاراً حول حِزَم للرد، إذا فعلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووجه ضربة عسكرية لكييف… فماذا على أجندة الرد؟ وماذا في خلفيات المشهد؟

كبار المسؤولين الأميركيين أثاروا فكرة حزمة من الإجراءات العقابية في المناقشات مع نظرائهم الأوروبيين خلال الأسبوع الماضي. إدارة جو بايدن تعمل بالفعل على إعداد قائمة من الخيارات لمواجهة التحركات الروسية المحتملة.

“التخطيط في مرحلة مبكرة حتى داخل الولايات”، حسبما يقول مطلعون على المناقشات لـ”بلومبرغ”. المسألة ستتطلب المزيد من المناقشات قبل السعي للحصول على دعم دول أخرى، لكن هل ثمة ترف الوقت لذلك كله؟

المسؤولون الأميركيون يدقون ناقوس الخطر لقرب قيام موسكو “بشيء ما”، مستندين إلى معطيات عدة، أبرزها تصاعد التوترات بين روسيا والاتحاد الأوروبي “على كل شيء”، من المهاجرين إلى إمدادات الطاقة وغير ذلك. الأكيد أن الرد الأول سيكون فرض عقوبات على موسكو. سيكون الرد كذلك زيادة الدعم العسكري والأمني لكييف.

ما الهدف؟

الجهد الأميركي – الأوروبي يهدف إلى توجيه بوتين بعيداً من العدوان على أوكرانيا، عبر رسالة واضحة بأنه سيكون هناك ردّ قوي ومنسّق.

لا يدخل المتابعون عن قرب للمحادثات الأميركية – الأوروبية غير المعلنة بتفاصيل الرد. الأكيد أنه سيكون هناك رد مُنسّق، ومع وجود عقوبات على أجزاء كثيرة من الاقتصاد الروسي، فإن أحد المجالات المتبقية للهجوم قد تكون الطاقة. متحدث باسم البيت الأبيض رفض التعليق على ذلك، كما ينقل موقع “بلومبرغ”.

خلفية أوسع

التوترات الراهنة الروسية – الأوكرانية تأتي على خلفية أعمق مما يجري على الحدود. ارتفاع أسعار الغاز في شكل قياسي يجعل موسكو في موقع قوة. هذه نقطة تُقلق أوروبا لا سيما مع تهديد الرئيس البيلاروسي بقطع الإمدادات، تضاف إليها مخاوف من إشكاليات اللجوء، تفادياً لتكرار سيناريو العام 2015.

الاعتقاد السائد أن روسيا تُشجع حليفتها بيلاروسيا للضغط بملف اللاجئين على بولندا والاتحاد الأوروبي. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعرب عن الهواجس الأوروبية بشأن اللجوء في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي، وقال، وفق بيان للرئاسة الفرنسية، إن “بلاده مستعدة للدفاع عن وحدة أراضي أوكرانيا”. بوتين في المقابل انتقد حكومة كييف المدعومة غربياً لاستخدامها أخيراً طائرات من دون طيار ضد الانفصاليين المدعومين روسياً، كما دان مناورات البحر الأسود الأميركية – الأطلسية واصفاً إياها بالاستفزازية.

في الإطار أيضاً، اتصلت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مرتين خلال أيام عدة ببوتين لمناقشة التوترات. كما ناقش الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تطورات أوكرانيا.

التوتر يصل الفضاء

التوتر الروسي – الغربي وصل إلى الفضاء. تجربة روسية لصاروخ مضاد للأقمار الاصطناعية استدعى ردوداً عنيفة. واشنطن وصفت التجربة بالمتهورة والمُهددة لمصالح الدول. وزارة الدفاع البريطانية بدورها، قالت إن التجربة الصاروخية الروسية تُظهر تجاهل موسكو لأمن الفضاء وسلامته.

وبعد… ثمة المزيد

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستوتلبيرغ وصف العمل الروسي بالمتهور. قال إن الخطوة هذه مثيرة للقلق، ليس فقط لأن “حطام التفجير عرّض الرواد السبعة في محطة الفضاء الدولية للخطر، ولكن أيضاً لأنها أظهرت أن روسيا تطور أسلحة يمكنها أن تستهدف أقماراً اصطناعية رئيسة تُستخدم للملاحة المدنية والاتصالات…”.

في المقابل، أعلنت روسيا أنها “أجرت تجربة ناجحة لأسلحة استهدفت قمراً اصطناعياً عمره عقود”، لكنها نفت أن “يكون الحطام قد عرّض محطة الفضاء الدولية للخطر، وفقاً لزعم السلطات في الولايات المتحدة”. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وصف الاتهام لموسكو بتعريض الأنشطة السلمية في الفضاء للخطر بأنه “نفاق”. وكالة “تاس” الروسية للأنباء نقلت عن لافروف قوله إن واشنطن “توجه اتهامات لا أساس لها”، معتبراً أن الولايات المتحدة، من خلال قيادة الفضاء التي أنشأتها أخيراً هي التي تهدد بعسكرة الفضاء…”.

التوتر الروسي – الأوكراني يتواصل إذاً. يتشعب إلى توترات روسية – غربية. يجتاز الأرض ويصل الفضاء. برغم ذلك، “المواجهة العسكرية المباشرة على نطاق واسع مُستبعدة” يقول العديد من المراقبين للتطورات الأخيرة.

المصدر: النهار العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى