الاقتصاد السوري نحو كساد أكبر..بعد زيادة سعر الكهرباء

منصور حسين

تدخل سوريا مرحلة جديدة من مراحل إزالة الدعم الحكومي عن مصادر الطاقة، بعد إعلان النظام رفع تسعيرة الكهرباء لجميع الفئات، والصناعية منها على وجه الخصوص، الأمر الذي يرى فيه خبراء مقدمة لموجة غلاء جديدة لن تتوقف آثاره على تسعيرة فاتورة الكهرباء.

وأصدرت وزارة الكهرباء في حكومة دمشق، قراراً يقضي برفع سعر المادة بنسب متفاوتة، تراوحت بين 100 و600 في المئة، بدأت بتطبيقه مع بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر.

وبحسب التعرفة الجديدة لسعر الكيلوواط-ساعة، فقد ارتفع بالنسبة إلى الكهرباء المستخدمة للأغراض الزراعية ومنها الري من 12 إلى 40 ليرة سورية، ولضخ مياه الشرب إلى 120 ليرة سورية، ولأعمال الاسمنت والحديد من 30 إلى 110 ليرة، وللاستهلاك الزائد من 34 ليرة إلى 100 ليرة سورية. في حين بلغ سعر الكيلوواط-ساعة 120 ليرة سورية للصناعيين، و100 ليرة بالنسبة إلى التجار، بعد أن كان سابقاً 32 ليرة ونصف.

تضخم بالأسعار

وتشير المعطيات إلى حصول موجة مرتقبة من تضخم أسعار السلع والبضائع المنتجة محلياً، خاصة وأن قرار زيادة تعرفة الكهرباء، جاء بالتزامن مع رفع سعر الوقود الصناعي من 500 إلى 1700 ليرة. ومن المنتظر أن تؤدي زيادة أسعار هذه الخدمات إلى رفع أسعار السلع المهمة للمواطن وفي مقدمتها الألبسة والمواد الغذائية والخضروات.

ويتوقع تجار السوق المحلية أن تؤدي هذه الزيادة إلى كساد جديد، “أشدّ من الكساد الذي يعاني منه السوق حالياً، وعمليات تقشف جديدة من قبل السكان، كنتيجة طبيعية لاتساع الفجوة بين الدخل والإنفاق، تجعل من الألبسة، على سبيل المثال، خارج حساباتهم نهائياً”، بحسب ما يرى عبد الكريم (اسم مستعار)، وصاحب محل لبيع الألبسة في مدينة حلب.

ويقول: “يعتبر قطاع الألبسة من أكثر القطاعات المتضررة بهذه القرارات، حيث تمت زيادة التعرفة على جميع المراحل، فحالياً ستزيد أسعار البضائع نتيجة زيادة تكلفة التصنيع، ثم يضاف إليها تكلفة النقل، وبعدها تكلفة البيع التي تتم ضمن المحل التجاري، وبهذه الحالة فإن الزيادة التي يقال إنها 400 في المئة، هي فعلياً زيادة بمقدار 1200 في المئة، وجميعها تلقى على كتف الزبون”.

ويضيف أن “هناك اعتقاداً بين أصحاب محال الألبسة وبقية المحال التجارية، بأن الحكومة وضعتهم في مواجهة مباشرة مع الزبائن، فالسكان يعتبرون أن هذه الزيادة لن تؤثر على الأسعار، إذ إن الكهرباء غير متوفرة على أي حال، لكن العملية أكثر تعقيداً، فهذه الزيادة جرت بعد رفع سعر الوقود الصناعي، ثم تبعها رفع سعر الكهرباء، وبالتالي أصبح لدينا ارتفاع في كلفة الطاقة، إضافة إلى أننا نجبر على دفع فواتير الكهرباء وضرائب فواتير، فضلاً عن بقية الضرائب الكثيرة المفروضة علينا”. معتبراً أن “هذه الزيادة جرت بعد دراسة حقيقية من قبل الحكومة للتملص من مسؤوليتها أمام السكان، وتحميل التجار أسباب تضخم الأسعار مستقبلاً”.

نسب التأثير على الصناعة

مخاوف تجار السوق المحلية، تؤكدها تصريحات مدير التخطيط والتعاون الدولي في حكومة النظام أدهم بلان، الذي أكد على أن التعرفة الجديدة لن تؤثر على إجمالي كلف الإنتاج الصناعي التي لاتتعدى 3 في المئة.

في حين يوضح المدير التنفيذي لموقع “اقتصادي” يونس الكريم في حديث ل”المدن”، أن هذه التكلفة التي تحدث عنها المسؤول كانت في عام 2006، “أما اليوم فقد ارتفعت كلفة الطاقة بالنسبة إلى القطاع الصناعي إلى أكثر من30 في المئة، نتيجة لأسباب، أهمها رفع الدعم عن حوامل الطاقة من فيول والغاز وغيره”.

ويشرح الكريم الطريقة التي اتبعها النظام في عملية رفع كلفة الطاقة، قائلاً: “حالياً يمكن القول إن تكلفة الكهرباء حافظت على استقرارها من الكلفة الإجمالية بين 30-35 في المئة، وذلك بسبب ارتفاع أسعار السلع، حيث يحافظ التاجر أو الصناعي في وضع السوق الطبيعي على نسبة أرباح بمقدار 35 في المئة. ما يعني أن هذه الزيادة تؤثر بشكل مباشر على المستهلك”.

ويقول إن “المشكلة الحقيقية لا تتمثل بالكهرباء فقط، إنما بالمواد التشغيلية لحوامل الطاقة، من الفيول والبنزين والغاز وغيرها من المحروقات، وهذه توزع بنسب متفاوتة على القطاعات الاقتصادية، حيث تبلغ نسبة الصناعة 10 في المئة، وبالتالي فإن أسعار السلع سترتفع لأضعاف نتيجة عمليات زيادة أسعار الكلف التشغيلية التي تتم دون دراسة شاملة”.

ويتوقع الكريم أن تكون هذه العملية مبنية على توصية البنك الدولي، برفع الدعم عن حوامل الطاقة، وهذه العملية تقود إلى ارتفاع أسعار السلع، مضيفاً أن “المشكلة بالنسبة إلى السوريين، ستكون بارتفاع أسعار السلع مقابل أسعارها الرسمية عالمياً، وبالتالي تفقد السلعة السورية ميزة الرخص المعروفة عنها، ما سيؤدي بطبيعة الحال إلى تعطل القطاع الصناعي وتدهوره أكثر”.

أما الخبير الاقتصادي عبد الرحمن أنيس فيرى في عملية رفع تسعيرة الكهرباء أنها “تأتي في إطار خطة اقتصادية يتبناها النظام منذ سنوات مبنية على سياسة اقتصاد الحرب وتحميل المواطن العجز المالي”.

وبينما يبدو أن خطة رفع تسعيرة الكهرباء في سوريا، جاءت بعد دراسة اقتصادية، تشير المعطيات إلى أن هذه الدراسة كانت للتضييق أكثر على الصناعة المحلية، الأمر الذي ينذر بموجة غلاء جديدة ستضرب مختلف النواحي الاقتصادية ولن تتوقف آثارها على القطاع الصناعي.

المصدر: المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى