في ظهيرة يوم 6 تشرين أول / أكتوبر عام 1973 انطلقت شرارة الحرب الرابعة بين العرب والعدو الإسرائيلي والشرارة كانت كلمة السر للضباط والجنود على جبهتي مصر وسورية ببدء الحرب، كان الهدف منها كما أعلن ” تحرير الأرض واسترجاع الحق وإزالة آثار عدوان عام 1967 ،على الجبهة المصرية عَبَرَ الجنود قناة السويس ودمروا خط بارليف الذي وصف بأنه أكبرمانع عالي التحصين ودمروا التحصينات وقتلوا وأسروا الكثير من جنود العدو كل ذلك في أقل الخسائر وفي ست ساعات، وعلى الجبهة السورية وصل الجنود أيضًا للحدود الدولية باختراق تحصينات خط آلون الذي بناه العدو في الجولان المحتل. في إسرائيل كانت الصدمة والمفاجأة والتخبط لأيام واستنجدت قيادتهم بأميركا لشعورها بالإنهيار من هول الخسائر التي سارعت إلى نجدتهم بالسلاح والذخيرة والتجسس على القوات العربية وبدأت حركة دبلوماسية لوقف الحرب طالما العرب متفوقون، إلاّ أن الحرب التي تفاءلت شعوبنا بأنها ستكون حرب تحرير اتضح أنها باتفاق قيادات مصر وسورية هي حرب محدودة لاتصل إلى الأهداف التي أعلن عنها بتحرير الأرض واسترجاع الحق، وبتدخل السياسيين في مسيرتها توقفت الحرب باختراق إسرائيلي للجبهتين ووصلت القوات الإسرائيلية للكيلو 101 شرق القاهرة وفي سورية خسرنا ما حققناه بالأيام الأولى، وليس ذلك فقط بل خسرنا مواقع جديدة وأصبح العدو على بعد 60 كيلو مترًا عن دمشق داخلًا على الطريق الدولي بعد الإنهيارات في القيادات العليا التي لم تكن تملك الكفاءة لهذه الحرب بعد تسييس الجيش وتحويله إلى جيش عقائدي وإبعاد الكثير من ضباطه الأكفاء. يقول بعض المطلعين على مجريات المعارك أن العميد عمر الأبرش وكان ضابطًا سوريًا كفؤًا وصل بفرقته لبحيرة طبريا حين أتته أوامر غريبة بالإنسحاب وعندما رفض لأن ذلك يشكل خطرًا على فرقته أعدم ميدانيًا بأمر من القائد العام الذي هو رئيس الجمهورية في مكان قيادته. والجيش العراقي الذي دخل الجبهة السورية بثلاث فرق طلب منه مغادرة الأراضي السورية فور وقف إطلاق النار خلافًا لكل الأعراف العسكرية، إذًا أرادتها الشعوب حرب تحرير وأرادتها القيادات حرب تحريك لتوسل مفاوضات برعاية أميركية لعلها تفضي لاسترجاع ما احتل، ونعرف جميعًا أن ما أخذ بالقوة لا يسترجع بغير القوة.
صحيح أن مصر استرجعت الأرض ولكن بثمن باهظ وهو الإعتراف بوجود إسرائيل والتطبيع معها والخروج من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي والاستقالة من دورها العربي والإنزواء في داخلها، وما زالت الأراضي السورية محتلة إلى الآن ويعمل النظام على تحريرها برفع (شعارات المقاومة والممانعة) وهو لايقاوم إلاّ شعبه.
جرى ماء كثير بعد تلك الحرب التي كادت أن تكون حربًا ولكن نقص تصميم من أداروها وقف بها عند تلك الحدود التي أصابت الشعوب بالإحباط واليأس، وكرست تلك القيادات لتتحكم بشعوبها وتجرها إلى معارك جانبية كالاقتتال بين الإخوة وحروبها مع شعوبها حتى وصلنا إلى أن تكون أكثر من سلطة في بلاد العرب تدير حروبًا ضد شعوبها ممعنة بالقتل والتشريد والتدمير وسرقة ونهب الثروات وترسيخ قيم متخلفة في مجتمعاتها، وليصبح هدف استرجاع الحق وتحرير الأرض بعيد المنال أو أنه سيتوارى طالما بقيت هذه السلطات الغاشمة على رأس دولها. وبقي العالم المسمى متحضرًا تحكمه المصالح ولا مانع عنده من النظر إلى هذه السلطات كحامية لمصالحه والتعامل مع مصائبنا على أنها أزمات إنسانية وأزمات لجوء ونزوح تستوجب تقديم المساعدات التي يذهب جلها لتجار الحروب ولمجموعات من الإنتهازيين يعتاشون ويثرون على دم أبناء وطنهم دون رادع من قيم أو ضمير. وهذا واضح من حال ملايين اللاجئين وخيامهم التي تفضح هذه الأنظمة والمجتمع الدولي وتفضح أيضًا المعارضات الهزيلة، معارضات فنادق الخمس نجوم.
لن تستقيم الأمور في بلداننا إلاّ بقيام سلطات وطنية تكنس هذه الأنظمة إلى مزبلة التاريخ ولابد من العمل على هذا الهدف ولو طال الطريق.
المصدر: إشراق
جزاك الله خيرًا ؛فكل ما قلته صحيح ، وأضيف :
١- وما النصر إلا من عند الله .
٢- إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
٣-إن تنصروا الله ينصركم ،باتباع دينه وتحكيم شرعه.