العربي الجديد” ينشر مضمون “اللاورقة” الأردنية للحل في سورية

صبحي فرنجية

حصل “العربي الجديد”، من مصادر في واشنطن، على نسخة من “اللاورقة” التي قدمتها المملكة الهاشمية إلى الدول المعنية في الملف السوري، بما في ذلك الإدارة الأميركية، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل نحو أسبوعين.

وفيما قدّمت عمّان المقترحات تحت مبررات إيجاد حل سياسي للأزمة السورية بعدما بات “تغيير النظام هدفاً غير فعال”، مع ما يتطلبه ذلك من مسار جديد للتعامل مع القضية السورية؛ فإنها في الواقع تفتح الأبواب للتعامل من جديد مع نظام بشار الأسد ضمن خطة مبنية على مبدأ “خطوة مقابل خطوة”.

وفيما تشير عنونة هذا الطرح بـ”اللاورقة” إلى رغبة عمان في إبقاء رؤيتها في إطار الطرح غير الرسمي والقابل للنقاش والتعديل؛ فقد علم “العربي الجديد”، من مصادر في واشنطن، أن “اللاورقة” الأردنية لم تلقَ كثير اهتمام في أروقة الإدارة الأميركية، على الرغم من الجهود التي بذلتها المملكة الأردنية من أجل حشد الدعم للمقترح، كما أن الدول الأوروبية لم تجد مضمون “اللاورقة” مشجعاً، بينما لم تكشف عمّان عن الدول العربية التي تشترك معها في الرؤية و”النهج الجديد” للحل في سورية.

وبحسب “اللاورقة” التي تقع في خمس صفحات، وحصل “العربي الجديد” على نسخة عنها من مصادر في واشنطن؛ فإن “تغيير النظام ليس هدفاً فعالاً. الهدف المعلن هو إيجاد حل سياسي على أساس قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254″، وأنه لا يوجد تقدم ملموس في هذا المجال.

وترى “اللاورقة” أن النهج الحالي للتعامل مع القضية السورية كان له ثمن مكلف، وتحدثت عن عدة جوانب من هذا “الفشل” على المستوى الإنساني والأضرار التي لحقت بالسوريين ومعاناة اللجوء، وأن ملف محاربة الإرهاب لم ينتهِ، إذ إن خلايا “داعش” تُعيد ترتيب نفسها من جديد، كما أشارت إلى أن إيران تواصل زيادة نفوذها الاقتصادي والعسكري على النظام والعديد من الأجزاء الحيوية في سورية، وأنها تستغل معاناة الناس لتجنيد المليشيات، ووكلاؤها يزدادون قوة.

وقدّمت “اللاورقة” “نهجاً” جديداً للحل في سورية، يستهدف “تغيير سلوك النظام تدريجياً مقابل الحوافز التي سيتم تحديدها بعناية لإفادة الشعب السوري وتمكين بيئة مواتية للعودة الطوعية للنازحين واللاجئين“.

وتتضمن الخطة الأردنية غير الرسمية خمسة بنود هي: صياغة نهج تدريجي نحو حل سياسي على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254، بناء الدعم للنهج الجديد بين الشركاء الإقليميين والدوليين، السعي لاتفاق مع روسيا على هذا النهج، الاتفاق على آلية لإشراك النظام السوري، مرحلة التنفيذ.

وبحسب المقترح الأردني؛ فإن النهج الجديد “المعتمد” يقدم حوافز للنظام مقابل الإجراءات المطلوبة والتغييرات السياسية التي سيكون لها تأثير مباشر على الشعب السوري، وأنه سيتم تحديد “العروض” للنظام بعناية مقابل “الطلبات” التي ستطرح عليه، كما أن التركيز الأولي سيكون على القضايا الإنسانية في كل من العروض والطلبات، ثم يتم التقدم تدريجياً نحو القضايا السياسية التي تبلغ ذروتها في التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

وتحدث الطرح عن أن “الفوز بموافقة روسيا على هذا النهج هو عامل نجاح رئيس، ويمكن الاستفادة من الاعتراف بالمصالح “المشروعة” الروسية ومعالجتها في العرض لضمان قبول النظام وتنفيذه”. وأضاف أن “تحديد أرضية مشتركة مع روسيا ضروري لضمان التقدم نحو حل سياسي، كما أنه أساسي لجهود مواجهة النفوذ الإيراني المتزايد”، لافتاً إلى أن “العروض المتعلقة بالقضايا الإنسانية مقابل إجراءات عملية من قبل النظام أمر كانت روسيا منفتحة عليه”.

وجاء في المقترح جدول يتضمن المجالات التي سيتم العمل عليها على مبدأ خطوة مقابل خطوة في النهج الجديد، وقُسّمت المجالات إلى أربعة جوانب: الإنساني، تطبيق القرار الأممي 2254، محاربة الإرهاب، انسحاب قوات الدول الأجنبية من سورية

الجانب الإنساني

وضعت “اللاورقة” أربعة متطلبات هي: أولاً، الموافقة على استمرار المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وتسهيل قوافل الأمم المتحدة عبر الخطوط داخل سورية، ومنح المفوضية حق الوصول الكامل إلى المناطق المعنية. ثانياً، تسهيل عودة النازحين إلى مسقط رأسهم (بما في ذلك مخيم الركبان للنازحين) وتسهيل العودة الطوعية والآمنة للاجئين عبر عملية تدريجية ومنهجية تحت إشراف المفوضية. ثالثاً، المصالحة مع المعارضة السابقة ومختلف مكونات المجتمع السوري. رابعاً، اتخاذ إجراءات لضمان المساءلة ووقف الاضطهاد والتحقيق في التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان.

وفي مقابل تطبيق هذه المتطلبات، يتم تقديم عروض من قبل المجتمع الدولي هي: إرسال مساعدات صحية إلى سورية، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، إرسال مساعدات إلى مناطق النظام لدعم عمليات التعافي والاستقرار، وتمويل برامج إعادة الإعمار التي ستساعد على عودة النازحين واللاجئين إلى بلداتهم ومدنهم.

التقدم في الحل السياسي

جاءت في “اللاورقة” الأردنية أربعة متطلبات، هي اعتماد دستور معادة صياغته على أساس مسار اللجنة الدستورية، الإفراج عن المعتقلين والسجناء السياسيين وكشف مصير المفقودين، الموافقة على تشكيل هيئة حكم انتقالية أو شكل حكم حقيقي يؤدي إلى حكم أكثر شمولاً في سورية، إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة تؤدي إلى تشكيل حكومة شاملة.

والعروض المقابلة لتطبيق المتطلبات هي: تخفيف تدريجي للعقوبات على سورية، بما في ذلك تسهيل تجارة السلع مع أطراف أخرى، ورفع العقوبات عن القطاعات العامة السورية، بما في ذلك البنك المركزي والجهات الحكومية والمسؤولون، تقارب دبلوماسي مرحلي لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سورية وإعادة فتح البعثات الدبلوماسية في دمشق، وتسهيل عودة سورية إلى المحافل الدولية واستعادة مكانتها في جامعة الدول العربية.

مكافحة الإرهاب

المتطلبات في هذا المجال، والتي وضعتها “اللاورقة” الأردنية، هي: التعاون مع التحالف الدولي في مواجهة العناصر الإرهابية في شرقي سورية والمناطق الخاضعة لسيطرة النظام في جنوبي سورية والصحراء، تبادل المعلومات الأمنية حول الجماعات الإرهابية والصلات مع المجندين الدوليين وشبكات التمويل، وقف أنشطة الجماعات المتطرفة المرتبطة بإيران في سورية واستفزازاتها للطوائف السنّية والأقليات العرقية.

في مقابل ذلك، يتقدم المجتمع الدولي بعدة خطوات هي: التعاون مع النظام السوري وروسيا في مكافحة الإرهاب في شمال غربي سورية، ومكافحة العناصر الإرهابية في شرقي سورية، الاستقرار وإعادة الإعمار في المناطق المحررة من “داعش” الخاضعة لسيطرة النظام السوري، التنسيق بين النظام و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في التعامل مع سكان مخيم الهول والمقاتلين الإرهابيين وعناصر “داعش” المحتجزين.

انسحاب القوى الأجنبية من سورية

جاءت في “اللاورقة” خمسة متطلبات هي: انسحاب جميع العناصر غير السورية من الخطوط والمناطق الحدودية مع دول الجوار، كخطوة أولية على الطريق نحو الانسحاب الكامل من سورية (بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني والجماعات التابعة لإيران وحزب الله)، النظام يُطالب رسمياً إيران والجماعات الموالية لها بمغادرة سورية، عودة عدد القوات الروسية في سورية إلى ما كان عليه قبل 2011، إعلان وقف إطلاق النار على مستوى البلاد ووقف جميع العمليات العسكرية بما في ذلك القصف الجوي والغارات، والمشاركة الإيجابية مع البلدان المجاورة والالتزام بالاستقرار الإقليمي بما في ذلك الوفاء بالتزامات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

ويُقدم المجتمع الدولي مقابل ذلك عروضاً هي تسهيل الاتفاق بين “قوات سورية الديمقراطية” والنظام السوري بشأن الوضع الأمني في شمال شرقي سورية، مما يمهد الطريق أمام انسحاب أميركي من المنطقة بما في ذلك من التنف، التنسيق بين جيش النظام والأجهزة العسكرية والأمنية لدول الجوار لضمان أمن الحدود مع سورية، ووقف جميع الأنشطة الجوية العسكرية الأجنبية فوق سورية، بما في ذلك من قبل إسرائيل والتحالف الدولي، ما لم يتم الاتفاق على ذلك مع النظام كجزء من عمليات مكافحة الإرهاب.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى