قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ القتل خارج نطاق القانون يحصد 86 مدنيا بينهم 23 طفلا و9 سيدات، و8 ضحايا بسبب التعذيب في سوريا في أيلول 2021، مشيرة إلى أن عمليات القتل مستمرة حتى بعد إعلان المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن حصيلة الضحايا بلغت 350 ألف مواطن سوري.
وذكر التقرير -الذي جاء في 15 صفحة – أنَّ جريمة القتل اتخذت نمطاً واسعاً ومنهجياً من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المقاتلة معه بشكل أساسي، وأن عملية توثيق الضحايا الذين يقتلون في سوريا ازدادت تعقيداً بعد دخول أطراف عدة في النِّزاع السوري، وقال إنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ عام 2011 قامت ببناء برامج إلكترونية معقدة من أجل أرشفة وتصنيف بيانات الضحايا، ليصبح بالإمكان توزيع الضحايا بحسب الجنس والمكان الذي قتلت فيه الضحية، والمحافظة التي تنتمي إليها، والجهة التي قامت بعملية القتل، وعقد مقارنات بين هذه الجهات، والتَّعرف على المحافظات التي خسرت النسبة الأعظم من أبنائها. كما وزَّع التقرير حصيلة الضحايا تبعاً للمكان الذي قتلوا فيه وليس تبعاً للمحافظة التي ينتمون إليها.
ويرصد التَّقرير حصيلة الضحايا المدنيين الذين تمَّ توثيق مقتلهم على يد أطراف النِّزاع والقوى المسيطرة في سوريا في أيلول، ويُسلِّط الضوء بشكل خاص على الضحايا من الأطفال والنساء، والضحايا الذين قضوا بسبب التعذيب.
وبحسب التقرير فإنَّ الإحصائيات التي وردت فيه لحصيلة الضحايا الذين قتلوا تشمل عمليات القتل خارج نطاق القانون من قبل القوى المسيطرة، والتي وقعت كانتهاك لكل من القانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني، ولا تشمل حالات الوفيات الطبيعية أو بسبب خلافات بين أفراد المجتمع.
وتضمَّن التقرير توزيعاً لحصيلة الضحايا تبعاً للجهات الفاعلة، وأضافَ أن هناك صعوبة كبيرة في تحديد الجهة التي قامت بزراعة الألغام، وذلك نظراً لتعدد القوى التي سيطرت على المناطق التي وقعت فيها تلك الانفجارات، ولذلك فإن التقرير لا يُسند الغالبية العظمى من حالات قتل الضحايا بسبب الألغام إلى جهة محددة، ولم تكشف أيٌّ من القوى الفاعلة في النزاع السوري عن خرائط للأماكن التي زرعت فيها الألغام.
اعتمدَ التَّقرير على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافة إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
قال التقرير إن أيلول قد شهدَ انخفاضاً في حصيلة الضحايا المدنيين، وسجل استمرار قوات النظام السوري بعمليات القصف العشوائي والمتعمد، مستهدفة المدنيين، وأشار إلى أن 28 % من حصيلة الضحايا الموثقة في أيلول قد قتلوا على يد قوات النظام السوري معظمهم في محافظتي إدلب ودرعا. وأضافَ أن 44 مدنياً (51 % من حصيلة الضحايا المسجلة في أيلول) قد تم توثيقهم على يد جهات أخرى، وقد شهدَ أيلول استمراراً في وقوع ضحايا مدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، حيث وثق التقرير مقتل 10 مدنياً بينهم 8 أطفال لتصبح حصيلة الضحايا الذين قتلوا بسبب الألغام منذ بداية عام 2021، 142 مدنياً بينهم 58 طفلاً، و22 سيدة.
وبحسب التقرير فقد شهد مخيم الهول بريف الحسكة الشرقي، الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية استمراراً لحالات القتل على يد مسلحين مجهولين، فقد قتل في أيلول 4 مدنياً، بينهم 2 سيدة على يد مسلحين مجهولين، يعتقد أنهم يتبعون لخلايا تنظيم داعش. وقد تم تسجيل مقتل 69 مدنياً بينهم 10 طفلاً و22 سيدة في مخيم الهول على يد مسلحين مجهولين، منذ مطلع عام 2021.
وأشار التقرير إلى إعلان مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان -نهاية أيلول- السيدة ميشيل باشيليت أنَّ 350209 أشخاص تم تحديد هويتهم أنهم قتلوا على خلفية النزاع في سوريا بين آذار 2011 وآذار 2021 بينهم 26727 امرأة و27126 طفلاً، مشيرة إلى أنه تم تسجيل أكبر عدد لعمليات القتل في محافظة حلب تليها محافظة ريف دمشق ثم حمص ثم إدلب فحماة، ولفتَ إلى أنَّ الشبكة السورية لحقوق الإنسان مصدر أساسي لبيانات الضحايا في جميع التحليلات الإحصائية الصادرة عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
وفقاً للتقرير فإنَّ فريق توثيق الضحايا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد وثَّق في أيلول مقتل 86 مدنياً بينهم 23 طفلاً و9 سيدة (أنثى بالغة)، منهم 24 مدنياً بينهم 5 طفلاً، و5 سيدة قتلوا على يد قوات النظام السوري. فيما قتلت القوات الروسية 3 مدنياً بينهم 2 طفلاً، وقتلت هيئة تحرير الشام 4 مدنياً بينهم 1 طفلاً، فيما قتلت قوات سوريا الديمقراطية 3 مدنياً، وقتلت جميع فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني 8 مدنياً. كما سجَّل التقرير مقتل 44 مدنياً بينهم 15 طفلاً و4 سيدة على يد جهات أخرى.
وبحسب التقرير فقد وثَّق فريق العمل في الشبكة السورية لحقوق الإنسان في أيلول مقتل 8 أشخاص بسبب التعذيب، بينهم 4 على يد قوات النظام السوري، و1 على يد فصائل المعارضة المسلحة/ الجيش الوطني، و2 على يد هيئة تحرير الشام، و1 على يد قوات سوريا الديمقراطية.
بحسب التقرير فإن الأدلة التي جمعها تشير إلى أنَّ بعض الهجمات وُجّهت ضدَّ المدنيين وأعيان مدنية، كما تسبَّبت وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى أن هناك أسباباً معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وإنَّ استخدام الأسلحة الناسفة لاستهداف مناطق سكانية مكتظة يُعبِّر عن عقلية إجرامية ونية مُبيَّتة بهدف إيقاع أكبر قدر ممكن من القتلى، وهذا يُخالف بشكل واضح القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخرق صارخ لاتفاقية جنيف 4 المواد (27، 31، 32).
طالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
وطالب كل وكالات الأمم المتحدة المختصَّة ببذل مزيد من الجهود على صعيد المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي مخيمات المشردين داخلياً ومتابعة الدول، التي تعهدت بالتَّبرعات اللازمة.
ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما أوصى المجتمع الدولي بالعمل على إعداد مشاريع تهدف لإعداد خرائط تكشف عن مواقع الألغام والذخائر العنقودية في كافة المحافظات السورية؛ مما يسهل عملية إزالتها وتوعية السكان بأماكنها.
وأوصى التقرير لجنة التَّحقيق الدولية المستقلة COI بفتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه وما سبقه من تقارير، وأكَّد على استعداد الشبكة السورية لحقوق الإنسان للتَّعاون والتزويد بمزيد من الأدلة والتَّفاصيل. ودعا إلى التركيز على قضية الألغام والذخائر العنقودية ضمن التقرير القادم.
وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما أكَّد أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية تعليق كافة أشكال الدعم إلى أن تلتزم قوات سوريا الديمقراطية بقواعد القانون الدولي لحقوق الإنساني والقانون الدولي الإنساني.
وأوصى المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والمدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
كما أوصى التقرير جميع أطراف النزاع بتقديم خرائط تفصيلية بالمواقع التي قامت بزراعة الألغام فيها، وبشكل خاص المواقع المدنية أو القريبة من التجمعات السكنية. إلى غير ذلك من توصيات إضافية.
المصدر: الشبكة السورية لحقوق الانسان