بين النزوح وتحصيل لقمة العيش.. أهالي جبل الزاوية ينقسمون بين المخيمات وبلداتهم

عامر السيد علي

يعيش عبد الباسط حاج ياسين، وحيداً مع فأسه وأشجاره في قرية الموزرة التي تتبع ناحية احسم بجبل الزاوية، شمال غرب سورية، رغم أنه من عائلة كبيرة في المنطقة وأب لثمانية أولاد وجد لعدد من الأحفاد.

قبل عام ونصف، عندما حاول جيش النظام السيطرة على جبل الزاوية، أرسل أسرته إلى مخيمات كللي الواقعة شمال البلاد، والآمنة نسبياً، وبقي وحيداً مخاطراً بحياته كي يبقى في منزله وبستانه تحت القصف المستمر على قرى جبل الزاوية، من قبل قوات النظام وحلفائها المتمركزة جنوب محافظة إدلب.

يعتني عبد الباسط برفاق حياته ومؤنسي وحدته من أشجار المحلب والكرز التي تشتهر بزراعتها منطقة جبل الزاوية، فهي مصدر رزقه الوحيد، ناهيك عن شعور عبد الباسط بأنّ حياته وكرامته مرتبطة بأرضه مسقط رأسه، وهو يكافح للبقاء فيها ويقول في حديثه لـ”العربي الجديد”: “صابر على هذه الحياة رغماً عني، نزح أفراد عائلتي إلى المخيمات عندما هجم النظام خوفاً على حياتهم، وأنا أزورهم كلّ شهر تقريباً حسب ظروف العمل”.

وأضاف: “ما يجعلك تصبر على المرّ هو الأمرّ منه، والبستان هو مصدر رزقي الوحيد ولدي عائلة يجب أن أصرف عليها، خاصة في ظلّ ارتفاع الأسعار، لذلك أخاطر بنفسي هنا ولا أستطيع المخاطرة بحياة الأولاد”.

سبعين كيلومترا هي المسافة التي يقطعها عبد الباسط على دراجته النارية  ليصل إلى مخيمات كللي حيث تعيش زوجته بديعة حاج ياسين، مع من تبقى من عائلتهما التي شتّتتها الحرب في ظروف قاسية بمنطقة جبلية، وتركتها تعاني من حرارة الصيف وبرد الشتاء ومرارة البعد عن البيت والزوج.

تقول بديعة لـ”العربي الجديد”: “لا يوجد هنا قصف، لكن القهر لا ينتهي. فأنا دائماً قلقة على زوجي وابني ومن تبقى من أقاربي في القرية، و لطالما أقضي وقتي في البكاء عندما يشتد القصف عليهم وأخاف كثيراً. أخاف من الغد ولا أريده أن يأتي، فكلّ يوم يأتينا أصعب من الذي قبله”.

وتتابع بديعة حديثها بحزن وحرقة، وتقول: “نحن في وضع صعب للغاية، لدي ثمانية أولاد، استشهد واحد منهم وبقي سبعة، خمسة شباب وابنتان، ومع ذلك لم يتبقّ أحد منهم. ابنتي لاجئة في تركيا، وشقيقها وشقيتها في لبنان، وشابان في ليبيا وآخر في القرية”.

بسبب خرق الهدنة بشكل مستمر ويومي على قرى جبل الزاوية من قبل قوات النظام السوري وحلفائه، نزح معظم أهالي المنطقة، وعمد السكان إلى إبقاء أحد أفراد الأسرة في المنزل، للقيام بأعمال الزراعة في الأراضي التي هي مصدر رزقهم الوحيد، وللحفاظ على الأرزاق بشكل عام.

المصدر: العربي الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى