بعد تمرير قصة الإنتخابات الرئاسية في سورية ونتيجتها الهزلية بفوز رئيس النظام وأمام التراخي الدولي والتهافت العربي وجدت الأردن نفسها مضطرة للتعامل مع واقع جديد في سورية ومرشح وفق المدى المنظور للإمتداد طويلا
فذهب الملك الأردني عبد الله الثاني إلى البيت الأبيض متظلماً وشارحاً ومبيناً للأمريكان الأمور التالية
1- إن الأردن لا تستطيع الإستغناء عن علاقات اقتصادية وتجارية مع النظام ولابد لها من التعامل مع النظام ولكنها قبل ذلك تريد من الأمريكان استثناء الأردن و إعفاءها من تبعات قانون سيزر لعدم الوقوع في مطباته
2 -إن الأردن خسرت الكثير بإدخال جيش النظام السوري إلى الجنوب والذي حدث عام 2018 ولم تربح ما يوازي ذلك ولم يتم تعويضها
3- إن فتح المعابر مع النظام السوري والذي كان رغبة دولية وليس فقط رغبة اردنية لم يجلب للأردن سوى وصول الإيرانيين وأذرعهم إلى الحدود ومواصلتهم وإصرارهم على تهريب المخدرات والممنوعات إلى الأردن وبأساليب مافيوية منظمة ومتطورة تصل إلى حد استخدام الطائرات بدون طيار يل وهناك احتمالات دائمة لهجمات إيرانية إذاما أرادت إيران أن تزيد من أوراقها
4- إن الأردن خسرت حصتها من كعكة المساعدات الأممية للشعب السوري حيث كانت تستحوذ على نسبة جيدة وتدير عملية إيصال وتوزيع 100 ألف طرد غذائي شهريا إضافة إلى استيعاب الأردن لكافة نشاط المنظمات والبرامج الإغاثية والتنموية الأممية في الجنوب وأن الأردن لابد لها من استعادة حصتها في مسألة المساعدات الأممية
وهنا يبدو ان الأمريكان قد وافقوا على معظم هذه المطالب الأردنية وهذا يترتب عليه إبعاد الأذرع الإيرانية عن الحدود وتأمين معابر تكون آمنة و جاهزة لتحقيق كل مايتطلبه تنفيذ هذه المطالب وربما تمكين الأردن من العودة إلى ممارسة دورها في مجال المساعدات
وإذا ترجمنا هذا على أرض الواقع فهذا يعني تفكيك و إبعاد الميليشيات المحلية التي شكلها النظام بعد دخوله الجنوب تحت مسميات الأمن العسكري والمخابرات الجوية والفرقة الرابعة وغيرها من التسميات والتي أصبحت بشكل أو بآخر أدوات إيرانية وذلك على الأقل في منطقة الحدود بالقرب مدينة درعا
أي وباختصار لقد طلب من النظام إقليميا ودوليا إبعاد كل هذه المجموعات و إخلاء الجمرك القديم الملاصق لدرعا البلد ولا يمكن للنظام ان يزيل بعض المجموعات ويترك بعضها لأنها ستظل مجموعات ضعيفة غير قادرة على حماية نفسها فالقرار الصائب هو إزالتها كلها،
النظام ومن معه فكروا بطريقتهم ( المعروفة ) فقالوا لأنفسهم بدلا من أن ننفذ كل هذه الطلبات مجانا ونبدو كأننا ترجعنا وتخلينا عن مجموعاتنا بل اننا ننفذ أوامر خارجية بإمكاننا ان نحول هذا كله إلى صفقة نبدو من خلالها أننا نحن المبادرون ونظهر منتصرين ونكسب الكثير من النقاط والإعتبارات ،
فخرجوا بمقترح يوجهونه إلى إلى أبناء درعا البلد مفاده وخلاصته : اننا نريد منكم تسليم السلاح وإبراز بعض مظاهرالخضوع للنظام مقابل تفكيك المجموعات التابعة لنا وقد كانوا يتوخون من ذلك مكسبا كبيرا وهو ظهور درعا البلد وهي مهد الثورة و التي رفضت الانتخابات بشكل ملفت على أنها عادت إلى حضيرة الموالاة وسوف يتم متابعة ذلك لإخضاع كل حوران وقد قرأ النظام جميع المؤشرات والدلالات الحالية والمتراكمة واستنتج انها تشكل ضوء اخضرا دوليا وإقليميا لقيامه بكل ما يلزم لإعادة فرضه سلطته
وقد تبنى الروس هذا المقترح وذلك بهدف تثبيت موقعهم كضامن وكمهيمن ولكنهم تبنوه بشكل حذر فقد علقوا الأمر عند مستوى محدد أي بالضابط المسؤول عن الجنوب بحيث يمكن التراجع عنه وعزل الضابط إذا تطلب الأمر والخروج من أي موقف محرج ،
رفض أهالي درعا البلد هذا العرض وقالوا لن نسلم السلاح ولسنا معنيين بتفكيكم لمجموعاتكم كرر الروس واكدوا طلبهم فأكد أهالي درعا رفضهم ، وهنا وقع النظام في ورطة فإن سكت فإن حوران سوف تبدو اقوى من ذي قبل وسيزداد موقفه ضعفا وبدأت جولات التفاوض تحت تهديد الحرب وبرز التيار الإيراني واصبح يرفع سقف طلباته و يدفع نحو الحرب حتى اندلعت الحرب فعلا ومن خلال الجولة الأولى في يوم 29/7 اصطفت حوران بكاملها صفا واحدا وبدات تهاجم النظام لكي تدافع عن درعا البلد المحاصرة فخسر النظام عشرات النقاط على امتداد حوران و وقع جنود النظام بين القتلى والاسرى وبشكل ما تحولت روسيا من ضامن ومن متبني لمقترح النظام إلى جانب وساطة بين النظام ومن خلفه إيران وبين المفاوضين عن حوران وقد لاحظ بعض المفاوضين ان الروس يلعبون لعبة مريبة فهم ليسوا ضامنا وليسوا طرفا واضحا بل يبدون اجيانا راغبين بالحرب ولعلهم يريدون ان يفهموا النظام ومعه الإيرانيين انكم لاشيء بدون سلاح الجو الروسي
وللرد على التساؤلات المتوقعة فإننا سنعرج على توصيف العلاقة بين روسيا وإيران بالقول :
إن روسيا وإيران خارج سورية وبشكل عام حليفان استراتيجيان لا ينفصمان بسهولة اما داخل سورية فعلاقتهما معقدة بعض الشيء فهم بسكل عام حليفان ولاغنى للواحد عن الآخر فإيران لاتستطيع النصر على الأرض بدون شراكة الروس من الجو وروسيا ايضا لا تستطيع الانتصار من الجو دون مشاركة ايران وميليشياتها على الأرض ، وروسيا وإيران يفترض ان لا تتعارض مصالحهما لان اهدافهما مختلفة ولا تتقاطع فما تريده روسيا في سورية هو بعض النقاط الجيوسياسية المهمة و الخطوط العريضة في الاقتصاد مثل المطارات والموانئ وصناعات النفط والاسمدة وماشابه وتسليح الجيش اما ايران فهدفها الاول ثقافي وديني وتامين التواصل داخل الهلال الشيعي و بعض المصالح الإقتصادية الثانوية التي لا تزاحم روسيا
ولكن هناك بعض الخلافات التكتيكية نتيجة عدم ادراك الإيرانيين لحجمهم الطبيعي ومشاكستهم لورسيا و أجندتها وارتباطاتها الدولية وتعهداتها
وبعد هذا يمكن القول انه تم القرار بعدم اشراك الطيران الروسي للاسباب التالية :
1 -لا يمكن استخدام الطيران في مناطق مدنية مكتظة بالسكان لان كل قنبلة او صاروخ سوف يخلف مجزرة مروعة في صفوف النساء والاطفال وهذا مالايحتمله الرأي العالمي (الشعبي ) حتى داخل روسيا خاصة وأنه لن يأتي بنتيجة عسكرية حاسمة بل ربما يزيد المقاتلين شراسة وإصرارا
2- عدم امكانية ابعاد المدنيين بتنزيحهم لان الاردن غير مستعدة لاستقبال اي لاجئ بل لاتحتمل الاردن وجود النازحين على حدودها لان ذلك لو طال ستنشب له تبعات داخلية
3 – لاتبدو روسيا متحمسة للمغامرة بما بقي من رصيدها الاخلاقي والسياسي و إظهار نفسها انها بمواجهة العالم باجمعه وتتحمل مزاودات الغرب ( الإنسانية ) إذا استخدمت طيرانها لانها ستكون حماقة مثل حماقة عام 2018 لان روسيا اكتشفت ان ماقامت به حينها هادفة إلى إعادة تثبيت النظام وتحرير وتسليك الطريق الدولي وفتح المعابر والبدء باستثمار مكتسباتها بسيطرتها على الموانئ والمطارات لم يتحقق منه شيء مطلقا وان المستفيد الوحيد كان إيران التي باشرت نشاطها المؤذي للجوار وتهريب المخدرات غير عابئة بما سيعود ذلك على روسيا و كذلك إدارة معبر نصيب مع الأردن بأسلوب العصابات واللصوص
ولذلك قررت روسيا عدم اشراك طائراتها والتفرج على معركة للنظام وايران بدون مساعدتها
وكانت النتيجة هي عدم قدرة النظام و ميليشيات ايران على اختراق الوضع القائم وفرض واقع جديد على الأرض رغم استخدامهم لكل الاسلحة الثقيلة كالدبابات والهاونان ومدفعية الميدان والصواريخ والمدافع الرشاشة الثقيلة
والآن لاشك ان النظام يبحث عن مخرج يحفظ ماء وجهه اما حاضنته
وربما يقرر الاستمرار في الحرب وعندها سيلاقي جبهات عريضة فتحت بوجهه وسيخرج خاسرا
المصدر: ( كلنا شركاء )