استمرت المفاوضات والاتصالات بين النظام السوري واللجنة المركزية في درعا جنوبي البلاد، للوصول إلى اتفاق حول ملف درعا البلد المحاصرة من النظام، بينما ساد هدوء متقطع معظم درعا منذ صباح الأربعاء عقب جولة من القصف والاشتباكات، وترقّب لما ستؤول إليه الأمور تخوفاً من إقدام النظام على عمل عسكري.
وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إنّ “هناك حالة من الترقّب في درعا تتزامن مع معاناة المحاصرين في المنطقة، وحركة نزوح لبعض العائلات نحو مناطق تخضع للنظام في درعا”، وجاء ذلك في ظل الهدوء المتقطع المستمر منذ صباح يوم الأربعاء، واستمرار الاتصالات بين النظام واللجنة المركزية عن طريق الوسيط الروسي.
وتابع الناشط أن قوات النظام استهدفت أحياء درعا البلد بعدة رشقات من رشاشات ثقيلة، وقصف مدفعي على حي طريق السد في المنطقة، فيما يتخوف السكان في درعا البلد من قيام النظام بعمل عسكري من خلال “الفرقة الرابعة” التي “يرفض السكان واللجنة المركزية دخولها إلى المنطقة، وهي فرقة مدعومة من إيران وتأتمر بأوامرها”، وفق الناشط.
وكانت اللجنة المركزية قد قدمت، أمس الثلاثاء، مقترحاً للنظام عن طريق روسيا بدخول قوات تابعة للنظام و”اللواء الثامن” الموالي لروسيا، إلى درعا البلد، ونشر حواجز هناك، بالإضافة لإجراء عمليات تفتيش بوجود اللجنة ومحاسبة مطلقي النار على أهالي درعا من عناصر النظام.
ويقضي المقترح بأن تتم تلك العملية بإشراف روسي ودخول الشرطة العسكرية الروسية إلى المنطقة لمتابعة عملية تنفيذ الاتفاق حال التوصل إليه، وينص المقترح أيضاً على سحب النظام لتعزيزات “الفرقة الرابعة” التي جلبت إلى درعا ومحيطها.
وقال الحوراني إنّ الأهالي يرفضون مليشيات “الفرقة الرابعة” بالتحديد لأنها “فرقة تتبع لأوامر إيرانية وتسير وفق توجيهات إيرانية، وتهدف تدخلاتها إلى قتل وتهجير السكان وإحداث تغيير ديموغرافي لصالح إيران على غرار ما فعلته في الزبداني والغوطة الشرقية وريف حمص”.
وكانت لجنة التفاوض في محافظة درعا قد أصدرت بياناً، الليلة الماضية، حذرت فيه من “الهيمنة الإيرانية” على جنوب سورية، بعد دخول أربعين يوماً على حصار أحياء درعا البلد، وذلك عقاباً على عدم مشاركتها في مسرحية الانتخابات الرئاسية التي جرت أخيراً.
وذكر “تجمع أحرار حوران” الإعلامي أنّ قوات من “الفرقة الخامسة عشرة” التابعة للنظام السوري، أخلت، يوم الأربعاء، مواقعها في بلدة الجيزة شرقي درعا، مضيفاً أنّ عناصر الفرقة غادروا الحاجز الواقع بين بلدتي الجيزة وغصم وبلدتي الجيزة والطيبة، مضيفاً أنّ جميع القوات المنسحبة توجهت باتجاه الحاجز الرباعي الواقع بالقرب من مفرق المسيفرة في شرق درعا.
وكان النظام السوري قد اشترط خروج عناصر من درعا البلد وادعى أنهم من عناصر تنظيم “داعش”، وذكرت مصادر محلية أنّ أبرز العناصر الذين يطالب النظام بخروجهم هو محمد المسالمة الملقب بـ”هفو” قد غادر درعا البلد منذ أيام ونشر تسجيلاً مصوراً يظهر ذلك، إلا أنّ النظام لا يزال متعنتاً في شروطه، ويحاول جرّ المنطقة إلى مزيد من العنف.
على صعيد آخر، زعمت “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) أن الجيش التركي اليوم تسبب بمقتل عائلة كاملة بقصف مدفعي استهدف منزلها بريف بلدة عين عيسى شمالي الرقة.
وقالت “قسد”، في بيان صدر عنها، إن الدبابات التابعة للجيش التركي قصفت منازل مدنيين في شرق بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي، ما أسفر عن مقتل عائلة بأكملها مكونة من أربعة أفراد، وجرح امرأة وطفل آخرين.
وأكدت مصادر “العربي الجديد” وقوع القتلى والإصابات في المنطقة جراء القصف، وقالت إنها لا تملك معلومات دقيقة عن مصدره.
وفي بيان صدر عنها، نددت الإدارة الذاتية لمناطق شمال وشرق سورية بما وصفته بـ”الهجوم التركي على مناطق عين عيسى”، وطالبت المجتمع الدولي وروسيا بـ”التدخل للحد من هذه الممارسات الإجرامية”.
ولم تعلق وزارة الدفاع التركية على هذه الاتهامات، كما حاول “العربي الجديد” التواصل مع المتحدث باسم الجيش الوطني يوسف حمود، إلا أنه لم يتلق أي رد على هذه الاتهامات.
وتشهد محاور عين عيسى بريف الرقة الشمالي عمليات كر وفر بين فصائل المعارضة المدعومة من الجيش التركي وقوات “قسد”، فضلا عن تبادل القصف المدفعي من الجانبين منذ عدة أشهر دون أن تتغير خارطة السيطرة.
في سياق منفصل، أفادت مصادر لـ”العربي الجديد” في الحسكة بأن عناصر من قوى الأمن الداخلي التابعة للإدارة الذاتية (أساييش) اعتقلت، صباح اليوم، أربعة معلمين في مدينة المالكية بريف الحسكة بتهمة تدريس مقررات غير تابعة لـ”الإدارة الذاتية”، كما أفادت المصادر بأن “قسد” اعتقلت 10 أشخاص في مدينة الرقة اليوم بتهمة تنفيذ عمليات ضدها في المحافظة.
وفي شمال البلاد، قال الناشط الإعلامي في إدلب بلال بيوش، لـ”العربي الجديد”، إن قوات النظام استهدفت بقذائف المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ بلدات الفطيرة وكنصفرة وكفرعويد في جبل الزاوية جنوبي إدلب، كما طاول القصف مواقع لقوات المعارضة في بلدتي تل واسط والعنكاوي بريف حماة الغربي، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.
من جانبها، أعلنت غرفة عمليات “الفتح المبين”، التي تضم عدداً من فصائل المعارضة، استهداف مرابض مدفعية لقوات النظام بقذائف الهاون وصواريخ غراد على محاور معمل الزعتر وبلدة أوم الكبرى بريف حلب الغربي.
وفي جنوب البلاد، قال الناشط الإعلامي يوسف مصلح، لـ”العربي الجديد”، إن قوات النظام السوري واصلت انسحابها اليوم من داخل بلدة الجيزة في الريف الشرقي من محافظة درعا، وكذلك الحواجز العسكرية من البلدة ومحيطها.
وأوضح أن الانسحاب شمل كافة العناصر والعتاد الثقيل والخفيف، من الحواجز العسكرية على مداخل بلدة الجيزة، ومحيطها، مشيراً إلى أن هذا الإجراء شمل أيضاً مناطق أخرى في المحافظة، ومن ضمنها منطقة اللجاة.
وحول أسباب هذه الانسحابات، قال مصلح إن سحب معظم الحواجز والنقاط العسكرية الضعيفة التي لا تحتوي على معدات ثقيلة وعناصر كافية، يأتي بهدف تفادي تعرضها لهجمات خلال الأيام القادمة، في حال اشتدت المواجهات بدرعا.
وكانت قوات النظام قصفت، صباح يوم الأربعاء، بقذائف الهاون مسجداً في حي طريق السد أثناء الصلاة، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية. وتشهد درعا تصعيداً في العمليات العسكرية من جانب قوات النظام السوري منذ أكثر من شهر، وسط حصار خانق لأكثر من 11 ألف عائلة تقيم في أحياء درعا البلد.
المصدر: العربي الجديد