شككت مصادر في المعارضة السورية بما سربته بعض وسائل الإعلام حول تزويد روسيا للنظام السوري بمعدات وتقنيات عسكرية جديدة ستسهم في الحد من الغارات الإسرائيلية في سورية.
وقال المحلل العسكري العميد أحمد رحال لـ”العربي الجديد” إن روسيا تحاول من خلال هذه التسريبات “التحرش من أجل ترتيبات جديدة في سورية” عبر إيصال رسائل سياسية موجهة للولايات المتحدة عبر إسرائيل، بأنها المرجعية الأهم في سورية، ولا يمكن لأحد أن يتخطاها، فهي قادرة على تخريب أي دور للآخرين، ما لم يكن بالتشاور معها.
وأضاف أن صواريخ “إس 300” التي كانت روسيا قد زودت بها النظام؛ ما زالت مجمدة، “حيث نزع الروس منها بطاريات التشغيل، بالتنسيق مع الإسرائيليين، وهو ما يحولها إلى خردة”. وشكك بحصول النظام على معدات جديدة تحسن قدرته على مواجهة الغارات الإسرائيلية، وقال إنه “كان الأولى أن يتم تفعيل المعدات التي أعطيت له أصلاً، أي (إس 300) قبل منحه معدات جديدة”.
وحول إعلان متحدث روسي عن إسقاط سبعة صواريخ من أصل ثمانية أطلقتها الطائرات الإسرائيلية في الغارات الأخيرة على السفيرة بريف حلب؛ استبعد رحال صحة ذلك، وقال إن المعلومات عن الغارات الإسرائيلية الأخيرة تشير إلى أنها استهدفت رتلاً عسكرياً دخل من العراق برعاية “حزب الله” العراقي، وانقسم الرتل إلى قسمين؛ اتجه الأول إلى السفيرة بريف حلب الشرقي، حيث تم قصفه، والثاني باتجاه القصير بريف حمص، وجرى قصفه أيضاً. واعتبر رحال أن الدليل على كذب الروس، قولهم إنه تم إسقاط كامل الصواريخ الإسرائيلية المطلقة على القلمون مؤخراً، فكيف إذاً قُتِل القيادي بـ”حزب الله” عماد الأمين وقيادي آخر من ميليشيا فاطميون؟
ورأى رحال أن روسيا أخفقت في مكافحة الوجود الإيراني في سورية، حيث المليشيات الإيرانية باتت على بعد 300 متر من خط الاشتباك في الجولان. وأضاف أن إسرائيل أبلغت روسيا والنظام السوري بأن المستهدف بالغارات ليس جيش النظام، بل المليشيات الإيرانية، والعناصر الإيرانيين الموجودين داخل القطعات العسكرية التابعة للنظام السوري. ورأى أن روسيا ليست بصدد مواجهة الدور الإيراني في سورية أو تحجيمه؛ لأنها ما زالت بحاجة إلى الخدمات التي تؤديها المليشيات المدعومة من إيران.
من جهته، قال القيادي في المعارضة السورية العميد فاتح حسون إن روسيا تريد أن يكون لها دور ولو ثانويا في الاتفاق النووي مع إيران، لذا حسّنت شروط استخدام وسائط الدفاع الجوي في سورية ضد الغارات الإسرائيلية لتتواصل معها الولايات المتحدة لتذليل ذلك.
وأضاف حسون في حديث مع “العربي الجديد” أن استبعاد روسيا من ملفات دولية عديدة “يجعلها تبحث عن دور فيها، ولو من خلال تخريب التفاهمات المبدئية وإعاقتها”.
ورأى أن روسيا تحاول فرض شروط جديدة على ثلاث دول تتدخل في سورية بشكل مباشر؛ وهي الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، حيث “هناك قيادات جديدة في هذه الدول تعمل موسكو على فتح قنوات مع كل منها، وقد وجدت في تحسين شروط استخدام وسائط الدفاع الجوي في سورية طريقاً لذلك”.
وكانت وسائل إعلام عربية وإسرائيلية ذكرت في الأيام الأخيرة أن موسكو عززت الدفاعات الجوية للنظام السوري، وزودته بمعدات حديثة يشرف عليها الخبراء الروس بشكل مباشر.
وحسب التسريبات التي مصدرها روسيا، فإن الإسرائيليين شعروا أنه تم تفعيل الدفاعات الجوية في سورية، بعد أن أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن دفاعات نظام الأسد دمرت الصواريخ الإسرائيلية الأربعة التي استهدفت القصير فجر الخميس الماضي، وكذلك دمرت سبعة من أصل ثمانية صواريخ أطلقتها إسرائيل صوب السفيرة فجر الثلاثاء.
وحسب مصدر روسي، فإن هذه التسريبات “دليل على نفاد صبر موسكو بسبب مواصلة تل أبيب تجاهل الدعوات الروسية لوضع قواعد واضحة للتعامل على الأرض السورية”، مشيراً إلى أن الطيران الإسرائيلي لم يعد منذ وقت يدخل المجال الجوي السوري، ويقوم بتنفيذ الهجمات من أراضٍ مجاورة، وهذه الهجمات لم تعد لها فعالية كبيرة لأن شبكة المضادات الجوية تم تعزيزها أخيراً.
وتشن إسرائيل بشكل متواصل غاراتٍ جوية على مواقع للنظام وإيران داخل سورية، بينما تؤكد موسكو أنها ضد هذا القصف، وطلبت سابقاً من تل أبيب التنسيق معها بشأن ذلك.
وكانت روسيا، وخلافاً للسياسة التي سارت عليها خلال السنوات الماضية، علّقت مؤخراً على الغارتين اللتين استهدفتا مواقع عسكرية داخل سورية، وهو الاستهداف الذي أعلنه النظام السوري.
وجاء التعليق الروسي ضمن بيانين منفصلين أصدرتهما وزارة الدفاع الروسية بشأن الضربتين في السفيرة والقصير، وقالت الوزارة إن منظومتي الدفاع الجوي الروسيتين “بانتسير – بوك”، اللتين يمتلكهما جيش النظام السوري أسقطتا تقريباً كل الصواريخ الإسرائيلية، ما عدا واحدا.
المصدر: العربي الجديد