أيمن العتوم روائي أردني وهذه الرواية الاولى التي نقرأها له، وهي تتكلم عن تجربة العمل الطلابي في جامعة اليرموك في اربد بالأردن في أواسط ثمانينات القرن الماضي.
بطل الرواية ورد، والرواية شبه مذكرات يتحدث بها عن تجربته، ورد الفلسطيني القادم من الضفة الغربية من مدينة نابلس الفلسطينية للدراسة في جامعة اليرموك في الأردن أوائل الثمانينات من القرن الماضي. الجامعة الحديثة العهد والتي يرأسها شخص يريدها على نموذج الجامعات الغربية، يتصرف فيها ومع طلابها بطريقة فوقية و استبدادية، يلقبونه الرئيس، الجامعة كانت ممتلئة بالحركات السياسية المندمجة بحركتها الطلابية. فيها شباب الإخوان المسلمين والشيوعيين وحركة فتح الفلسطينية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وبعض القوميين العرب والليبراليين. كان ورد ينتسب للإخوان المسلمين، وكان حضورهم طاغي وكان من مطالبهم ومطالب بقية القوى السياسية ان يكونوا جزء من جمعياتها الطلابية التي اعطيت حق الانتخابات التي فاز في أغلبها الإخوان المسلمين. كان ذلك محرجا لبقية القوى، لكنهم توافقوا أخيرا على الالتفاف حول جمعيتهم المنتخبة لحماية مصالحهم الطلابية. كان لورد دورا رائدا فهو قيادي إخواني وقيادي طلابي، عمل على خلق تكتلات طلابية من كل القوى، والعمل سوية على تحقيق مصلحة الطلاب، وخاصة ان الرئيس كان يتصرف وفق ما يراه مصلحة الجامعة، ليست بالضرورة متطابقة مع مصلحة الطلاب وفي اغلب الاحيان كانت تعادي مصالحهم، او لا تعطيهم الحق بمتابعة شؤونهم وأحوالهم، كان يتصرف دائما بطريقة تجعل وجودهم شكليا و رمزيا وغير فاعل. فتارة يحاصرهم ويقيّدهم ويلزمهم أن عملهم ليس أكثر من خدمي، أو هم مجرد وسيط بين الادارة والطلاب، واعتمد على تجزئة جمعياتهم من سبعة حسب الكليات إلى سبعة وعشرين حسب التخصصات، وكان لايلبي مطالبهم ويضيق عليهم في اللقاءات واماكنها وتوقيتها، والموضوعات المطروحة داخلها. بالمختصر كان يتصرف الرئيس على قاعدة إلغاء فاعلية هذه الجمعيات، إن لم يكن قادرا على إلغاء وجودها. وهذا أدى عمليا الى تجاوز التنوع الحزبي والسياسي للطلاب ليقفوا متحدين أمام تغوّل الرئيس وإدارة الجامعة. كان ورد كقيادي طلابي اخواني و بقية القيادات بعضهم اخواني والبعض الاخر يساري او شيوعي، وكان اغلبهم يعيشون في بيت نعيمة المرأة التي تعيش لوحدها بعد استشهاد زوجها الطيار هناك على أرض فلسطين في مواجهة العدوان الاسرائيلي في معارك قبل عقود، واستمرارها وفية لذكراه، تعاملها مع الطلاب مثل أولادها الذين لم تلدهم. تعايش الطلاب عندها وتوطدت العلاقة بينهم، مما جعلهم يتجاوزون حزبيتهم و يلتحمون في قضايا الطلاب وكيفية تحصيل حقوقهم، ومواجهة استبداد الرئيس، وتفعيل عملهم لمصلحة زملائهم الذين حمّلوهم الامانه حين انتخبوهم. لكن الإدارة تمارس الاستبداد والغاء الحضور الطلابي وتتصرف بعنجهيه. تسن القوانين المضرّة بمصلحة الطلاب، فهاهي تقرر دروسا إضافية وتقرر لها اجورا عالية، يعجز اغلب الطلاب عن تلبيتها، وعندما قرر الطلاب مراجعة الإدارة والمدير، لم يتجاوب وبدأ يسوّف ويتعلل ويتهرب ورفض أي تعديل. وعندها أصرّ الطلاب على مطالبهم ولجأوا للتصعيد سواء بالاضراب او التظاهر او برفع العرائض، والادارة تتصرف على ارضية كسر ارادة الطلاب ومزيد من سن القوانين؛ سواء عبر فصل بعض الطلاب نهائيا أو لأوقات محددة. تصاعد الموقف بين الطرفين، الطلاب انتقلوا الى التظاهر اليومي ثم الاعتصام الدائم، واستمروا في تأكيد حقوقهم وأن عملهم مطلبي وليس سياسي وغير موجه ضد الدولة. لكن السلطة والمتواصلة مع الادارة قرأت الحالة على أنها تمرد على الدولة وعصيان ووراءها قوى سياسية ويجب انهاء الحالة بأي شكل. نعم السلطة المستبدة لا تقبل إلا الخنوع والطاعة والتملق. الطلاب رفضوا التراجع ورفعت السلطة يد إدارة الجامعة عن الموضوع، تدخلت الشرطة والأمن والجيش، فاوضوا على الاستسلام، رفض الطلاب وتم مداهمتهم بالعنف العاري مما ادى لاستشهاد طالبتين وطالب، وجرح المئات واعتقل اغلب المعتصمين وهرب البعض. بدأت التحقيقات في أجواء من التعذيب، تم الإفراج عن اغلب الطلاب، وتم التحفظ على قياديي الحراك، حكموا بالسجن والفصل من الجامعة. وتدخل الملك في هذه اللحظة و يطرح نفسه كأب للطلاب وحامي مصالحهم، فيقيل رئيس الجامعة ورئيس الشرطة وغيرهم ويعفوا عن الطلاب. اما ورد الذي استطاع الهرب فقد عاد للجامعة وقدم امتحانه الأخير ومن ثم اعتقل. تعرض للتعذيب واعترف على كل ماعنده عن الحراك الطلابي كاملا. وهذا ادى لان يعرض على الملك ويؤكد اعترافه، وليخرج من السجن وقد خسر احترامه لذاته، وتحول في نظر جماعته الإخوان وفي نظر الطلاب الى خائن، باستثناء بعض زملائه الذين وجدوا به قائدا، وأنه لم يستطع الصمود امام تعذيب لا انساني. خرج ورد من المعتقل يحمل قرارا بمغادرة الاردن، راسل جامعة أمريكية ليكمل دراسته، حصل على موافقة الجامعة، غادر تاركا نعيمة مريضة واصدقائه كل قد أخذ مساره الخاص في الحياة. في أمريكا درس ورد وعمل وتفوق وأخذ شهادته العالية، عاد الى بلاد الخليج ليعمل بعد أن تزوج امريكية وانجب الاطفال، عاش حياة مرفهة، لكنه بقي يتذكر أنه كان في يوم ما له قضية وعمل لها بصدق وإخلاص، وأن أوراق تلك الأيام في حوزته وانه سيعود الى الاردن ليسلم الاوراق لمن يستحقها. انه يقدم الأوراق لنا نحن القرّاء نستلم الامانه.
هنا تنتهي الرواية.
.في تحليلها نقول: الرواية مغرقة في التفاصيل تصل لمستوى المذكرات اليوميه، تتحدث عن تنوع سياسي متنافس في الثمانينات، كلهم ضحايا الانظمه المستبده التي تستثمر اختلاف التحزبات لزرع الفرقة وللعب على اختلافها وقمعها كلها. واقع الحركة الطلابية في الاردن وقتها اقل سوء من واقعها في سوريا والعراق مثلا. حيث لا حركة طلابية الا كجزء من النظام وشبكة القمع المتغلغلة في حياة الناس على كل المستويات، واما المسيّس من الطلبه كمعارضة فاغلبهم في السجون والمعتقلات و الملاحقة. تحقيق رسالة الحصول على الحقوق من أي فئة اجتماعية أو قوة سياسية تحتاج لجو ديمقراطي لتستطيع أن تحقق مطالبها. التأكيد ان الدول المستبدة لن تسمح بأي شكل من أشكال الحراك الا ضمن مصالحها وخططها. لذلك كان النضال من أجل الحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والحياة الافضل. تتطلب تكاتف كل القوى المؤمنه بهذه الحقوق وتتطلب إسقاط الاستبداد والمستبدين.
1 693 4 دقائق
روايه الاديب ايمن العتوم
هي سردية توثق فترة من فترات بناءً البلد وكانت غاية في الاهمية وحبلى بولادة حركات ذات ميول اسلامية كما ان المنطقة العربية في الثمانيات لا تزال تحت تاثير صدمتين خروج مصر من الساحة بتوقيع كامب ديفد وحرب العراق مع ايران بهدف الوقوف امام القووة فيها ومنع تصديرها
كما انه تسود حياة الطلاب في فترة الثمينات
الرواية جديدة بالقراءة انها سردية اردنية قومية الميول
ترك فيها الكاتب الحرية للقاريء ليتخيل طبيعة الحياة الاجتماعية والاقتصادية