في محاولة جديدة من الاتحاد الروسي والصين لإعادة قيامة النظام السوري، ومن ثم إعادة إنتاجه وتدويره من جديد، واستغلالاً لمسألة تفشي الوباء الكوروني عالميًا، واتكاءً على ما أعلنه (غويتيرش) الأمين العام للأمم المتحدة، وبعده (غير بيدرسون) من دعوة النظام السوري والمعارضة المسلحة، إلى وقف كلي لإطلاق النار، والالتفات إلى وضع آليات جدية للتصدي للوباء المنتشر في العالم. فقد دعت روسيا والصين وبعض الدول الأخرى التي تسير في فلكها، إلى إنهاء حالة فرض العقوبات على النظام السوري، بل إلغائها كلية، ضمن سياق ذرائعي استغلالي، لمنح النظام السوري جوائز ترضية على ما اقترفت يداه، من دمار للوطن السوري، ومقتلة بحق السوريين مازالت مستمرة ومتواصلة حتى اليوم، راح ضحيتها ما يزيد عن مليون سوري مدني على الأقل.
يحاول الروس (الذين جاؤوا إلى سورية لمنع سقوط بشار الأسد ونظامه، بعد أن عجز الإيرانيون عن ذلك أواخر العام 2015)، حض الأميركان والأوربيين على دعم إعادة الإعمار المفترضة والمأمولة من طرفهم، حيث تم تثبيت تكاليفها حسب آخر التقديرات ب 400 مليار دولار، من خلال الدراسات البحثية الأممية المعنية بالوضع السوري، وهو رقم قابل للزيادة ما استمر النظام ومعه روسيا في مشاريعهم العسكرية الأمنية كحل لا يرون بديلًا عنه لإنجاز تطلعاتهم في الهيمنة على الجغرافيا السورية برمتها، عبر تطبيق سياسة الحرق والقضم والتهجير القسري للشعب السوري باتجاه الشمال قريبًا من الحدود التركية، حتى لو توقفت الحرب مؤقتًا بعد اتفاق بروتوكولي هش تم توقيعه في 5 آذار / مارس 2020، بين الدولتين الضامنتين روسيا وتركيا.
ولعل الحراك السياسي الروسي المتعجل من أجل فك حزمة العقوبات على النظام السوري، وما رافقها وتساوق معها، من تحركات أممية، واتصالات من بعض النظم العربية، وغزل أميركي للنظام عبر عروض تقديم مساعدات طبية للتصدي لكورونا مقابل إطلاق سراح الصحفي الأميركي المعتقل لدى أجهزة أمنية تابعة للنظام السوري، إنما هي محاولات وقتية لن تثمر عن شيء، في وقت يستمر فيه النظام بحجز ما ينوف عن 400 ألف معتقل سياسي سوري، وهم اليوم الأشد عرضة للخطر، جراء تفشي الوباء الكوروني، وهو ما ترافق مع دعوات حثيثة لنشطاء سوريين من أجل إنقاذ حيوات هؤلاء المعتقلين، بينما هم مهيؤون للتعرض في أي لحظة لأقسى وأشد الظروف خطورة، دون وجود أية إمكانية حقيقة لوجستية أو صحية إسعافية داخل المعتقلات التي باتت مكتظة بالناس، حيث تتلاصق الأجسام ببعضها البعض. ولا توجد أية وسائل للنظافة، وهو ما أدى في السابق، وقبل الكورونا، إلى استشهاد عشرات الألوف داخل المعتقلات، عبر التعذيب تارة، والمرض المنتشر دون وجود وسائل معالجة إسعافية على الإطلاق، ودون الموافقة على إخراج أي مريض مهما كانت شدة خطورة وضعه إلى أي مشفى خارج الزنازين/ سيئة الذكر.
أتت الدعوة الروسية بعد زيارة (شويغو) وزير الدفاع الروسي إلى دمشق ولقائه بشار الأسد، محاولة للنظر عبر نافذة واحدة، هي مصلحة النظام ومعه دولة الاحتلال الروسي، بعيًدا جدًا عن أية محاولات للضغط على النظام لإطلاق كل المعتقلين، ومنهم ممن مازال في سجنه لأكثر من تسع سنوات متواصلة. لأنه لم يعد معقولًا ولا مقبولاً أن يستمر احتجاز كل هذا العدد من المعتقلين في أسوأ الظروف الصحية، وتستمر معه المطالبة الروسية للمجتمع الدولي بإنقاذ النظام المُتفلت من كل الالتزامات الدولية، ومن كل قرارات الأمم المتحدة، ودون أي وعد (مجرد وعد) بإطلاق سراح المعتقلين، وإنهاء ملف الاعتقال بحد ذاته، كلية في الوضع السوري.
وإذا كانت الدول في مجموعها، أصدقاء الشعب السوري، وأعداءه، غارقة في مشاكلها الداخلية إلى أذنيها، كما يقال، جراء الفشل الواضح في سياسات وطنية عالمية مطلوبة للتصدي للفيروس الكوروني، وهو أي هذا الفيروس وانتشاره، يأتينا كل يوم بجديد، فإن أوضاع السوريين في المعتقلات الأسدية، ومن ثم كل السوريين في الشمال أو في الجنوب أو الوسط الشرق أو الغرب، تعنينا سلامتها، وحياتها هي الأهم لنا كسوريين، مازلنا نؤمن إيمانًا لا ينضب، بضرورة إزالة وكنس النظام السوري المجرم، والوصول إلى شعار الثورة الأول الحرية والكرامة، وإخراج الاحتلالات الأجنبية من الجغرافيا السورية، التي ساهم النظام بشكل أساسي باستقدامها لإنقاذه. ومن ثم التوافق على عقد اجتماعي جديد ومتجدد لا يستثني أحدًا من السوريين، ضمن حالة وحدة سورية أرضًا وشعبًا، والعمل من أجل سورية حرة مستقلة بلا إيران، وبلا روسيا، وقبل ذلك وأوله بدون الطاغية الأسدي ومن لف لفه.