يتكرر اسم معسكر جورين، الملقب بـ”نبع الموت”، بين سكان ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، بسبب إشراف المعسكر على القصف اليومي للقرى المحيطة به، والتي تطالها مدافعه وصواريخه المستقرة في المعسكر الأشهر في سهل الغاب بريف حماة، والذي حاولت المعارضة اقتحامه عدة مرات منذ إعادة بنائه عام 2012.
وقال مراسل عنب بلدي في إدلب، الأحد 6 من حزيران، إن المدفعية التركية ردت على مصدر القذائف التي سقطت على قرى في ريف ادلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، في معسكر جورين، دون معلومات عن قتلى أو جرحى في صفوف قوات النظام المتمركزة في المعسكر.
وذكر “الدفاع المدني السوري عبر “فيس بوك“، أن شخصًا قتل بقصف صاروخي لقوات النظام استهدف قرية بلشون بريف إدلب الجنوبي، فيما أصيب شاب بجروح طفيفة بقصف مماثل على بلدة إحسم، بالتزامن مع قصف مدفعي مستمر منذ الصباح على الأراضي الزراعية في محيط قرية الزيارة بسهل الغاب.
بينما قالت شبكة “شام إف إم” الموالية للنظام السوري، إن قوات المعارضة استهدفت بعدة قذائف صاروخية بلدة جورين في ريف حماة، دون ورود معلومات عن خسائر في الأرواح.
آخر المجازر التي نفذتها قوات النظام المتمركزة في معسكر جورين، كانت في تموز 2019، إذ شهدت بلدة قسطون الواقعة في سهل الغاب، قصفًا مصدره المعسكر أدى إلى مجزرة راح ضحيتها ستة مدنيين، بينهم أربع نساء وإصابة آخرين، بحسب “الدفاع المدني السوري“.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية في أثناء حملتها العسكرية التي استمرت لأيام ضد قوات النظام السوري في عام 2020، عن قتلها 56 عنصرًا تابعين للنظام السوري إثر استهدافها المعسكر بحسب ما نقلته قناة “TRT” التركية.
ويستمر المعسكر باستهداف المناطق التي تخضع لاتفاق “موسكو”، الموقع بين تركيا وروسيا، والذي ينص على وقف إطلاق النار، وإنشاء “ممر آمن”، وتسيير دوريات مشتركة على الطريق الدولي “M4″، تبدأ من بلدة الترنبة (شرق إدلب) وحتى عين الحور (غرب إدلب) آخر منطقة تحت سيطرة فصائل المعارضة.
ويعتمد النظام السوري على المعسكر في إدارة الحملات العسكرية في المنطقة، وإمداد قواته على الجبهات.
ما معسكر جورين
وبحسب معلومات من سكان في المنطقة تحققت منها عنب بلدي، يعود تاريخ المعسكر إلى حقبة رفعت الأسد، شقيق الرئيس السوري السابق حافظ الأسد.
إذ بنى رفعت الأسد المعسكر وأطلق عليه اسم معسكر “سرايا الدفاع”، ومع الخلاف الذي جرى بين شقيقه حافظ وخروج رفعت الأسد من سوريا، جرى تحويل المعسكر إلى ثانوية زراعية لعقود.
ويتميز المعسكر بموقعه الاستراتيجي في سهل الغاب، إذ يعتبر بوابة الدخول للقرى الخاضعة لسيطرة النظام في ريف حماة.
وتطل قلعة ميرزا الواقعة شمال غرب المعسكر عليه، وتؤمن له الحماية من خلال استخدامها كقاعدة لصواريخ “كورنيت” المضادة للدروع، وتعد المسؤولة عن حماية المعسكر في حال جرت أي عملية اقتحام بالمدرعات الثقيلة.
ويعتبر المعسكر أضخم قاعدة عسكرية لقوات النظام في سهل الغاب، والذي كان يصنف كثانوية زراعية إلى أن بدأ النظام باستخدامه في السنة الثانية للثورة السورية، كمعسكر ومركز تجمع للمعتقلين الموقوفين على حواجز سهل الغاب.
ويقع المعسكر في ريف حماة الغربي، ويبعد عن مركز مدينة حماة 91 كيلومترًا.
ويضم بداخله 13 بناء بارتفاع ثلاث طوابق لكل بناء منها، بالإضافة إلى عدة مستودعات وأقبية تحت الأرض بطول 60 مترًا، وعدد كبير من السراديب الممتدة تحت المعسكر.
وتعمد قوات النظام على استخدام المرتفعات المحيطة بالمعسكر كنقاط حماية له، عن طريق تثبيت أسلحة مضادة للدروع والأفراد، بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من المدافع الثقيلة بعيدة المدى، وراجمات الصواريخ التي يطلقها النظام من داخل المعسكر إلى القرى الواقعة ضمن مدى أسلحته.
وتعد منطقة جورين القريبة من المعسكر مزروعة بالألغام بالكامل كخط دفاع أول عن المعسكر، ويوجد في محيطها سواتر ترابية عالية مزودة بقواعد صواريخ حرارية “كورنيت”، بالإضافة إلى الدبابات والرشاشات الثقيلة وعربات الشيلكا في محيط المعسكر للدفاع عنه.
وشهد المعسكر العديد من محاولات التقدم باتجاه حصلت بين عامي 2013 و2015، إلا أنها لم تنجح، كون الأراضي المحيطة بمنطقة جورين مكشوفة على مدى كيلومترات، مما يجعل تنفيذ عمل عسكري أشبه بالانتحار.
وتمكنت قوات المعارضة في آب 2015 من السيطرة الكاملة على بلدة الزيارة وحاجز التنمية الزراعية القريب منها الواقعين في سهل الغاب، إضافة إلى بلدات المنصورة وتل واسط وخربة الناقوس، بينما انسحبت قوات النظام آنذاك نحو معسكر جورين.
وصارت حينها الفصائل التي كانت منضوية تحت اسم “غرفة عمليات جيش الفتح”، فعليًا على أبواب معسكر جورين غرب سهل الغاب، وتحيط به من محورين هما الشرقي (خربة الناقوس، المنصورة، تل واسط)، والشمالي (البحصة، فورو، الصفصافة)، لتتراجع الفصائل بعدها.
المصدر: عنب بلدي