فرغت تقريبًا من قراءة كتاب ” لورنس العرب” حياته وميراثه تأليف عدة كتاب لدار نشر شارلز ريفر , وأحب تسجيل ملاحظاتي هنا على هذه الصفحة .
- بدا لي لورنس ( 1888-1935) شخصا بتركيبة نفسية معقدة أثرت فيها بعمق طفولته المضطربة فهو ابن غير شرعي فقد ولد توماس ادوارد لورنس في ويلز ببريطانيا عام 1888 والده السير توماس شابمان وهوابن لأحد ملاكي الأراضي من عائلة شابمان أما والدته فقد كانت تعمل مديرة منزل العائلة حيث ارتبط بها والده بعلاقة غير شرعية أنجب منها خمسة أبناء وقد اضطر والده بسبب ذلك للهجرة من بلدته الأصلية إلى اوكسفورد بعد أن رفضت زوجته الشرعية ايديث تسجيل أبنائه الخمسة باسمها مما خلق مشكلة كبيرة للعائلة حسب قوانين تلك الفترة الزمنية .
- كما أضفت بنيته الهزيلة سببا آخر لانطوائيته التي عرف بها في طفولته ومراهقته . رغم أن سجل حياته اللاحق يدل أن خلف هزال جسمه بنية قوية استطاعت تحمل أعباء مغامراته القاسية .
- ظهر ولع لورنس بالتاريخ والآثار مبكرا فكان يقضي وقتا طويلا في قراءة التاريخ خصوصا تاريخ الحروب الصليبية والعصور الوسطى ويبدو أنه تأثر عاطفيا بعمق بعلاقة أوربة بالشرق العربي – الاسلامي في العصور الوسطى وظهر ذلك لاحقا في الرحلات التي قام بها إلى سورية وهو في أوائل العشرينات, حيث تنقل بين الحصون التي تركها الصليبيون في ساحل بلاد الشام مذهولا بها ووصف قلعة الحصن بأنها أجمل وأكمل قلعة يمكن تصورها.
- لا أدري تماما فيما إذا كان ذلك الاهتمام وما رافقه من مشاعر قوية هو ماقاده للتفكير في ” كيف يمكن استعادة تلك المنطقة ؟ ” فلورنس كان دائما حريصا على إخفاء مشاعره الدفينة لكن لنتأمل قليلا فيما كتبه لورنس بنفسه في ” أعمدة الحكمة السبعة ” صفحة 453 حين دخل القدس مع الجنرال البريطاني اللنبي في 11 كانون أول عام 1917 في الاحتفال باحتلال القدس بعد أن طغت عليه مشاعره الكامنة : ” لقد كانت تلك قمة لحظات الحرب “. ولايوجد أي معنى لوصفها كذلك من وجهة النظر العسكرية والاستراتيجية فأهم لحظات الحرب التي خاضها لورنس كانت احتلال العقبة ثم دخول دمشق ولايبقى لتفسير كلامه سوى المدلول العاطفي التاريخي , وقد عبر عنه بصراحة أكبر الجنرال اللنبي بعد دخوله القدس حين قال ” اليوم انتهت الحروب الصليبية ” .
- شكل رفض الجيش البريطاني قبول لورنس في صفوفه كونه غير لائق جسديا حافزا إضافيا عميقا في البنية النفسية للورنس دفعه لإثبات جدارته بتقديم إنجازات كبيرة لبريطانيا مما أجبر القيادة العسكرية بالفعل على منحه رتبة عسكرية عليا بعد أن خطط وقاد معركة كان لها أثر بالغ في الحرب ضد الدولة العثمانية والألمان في المشرق وهي معركة العقبة.
- لاحقا سأتناول دور لورنس فيما سمي ب ” الثورة العربية الكبرى ” .
المصدر: المركز العلمي للبحوث والدراسات العربية