غياب المشروعية الدستورية والقانونية للانتخابات الأسدية

أحمد مشول

لابد في البداية من مقاربة أبرز التطورات التي مرت بها الثورة السورية ابان حكم  نظام بشار الاسد.
1-في الخامس عشر من آذار انطلقت الثورة السورية لاسباب مباشرة ونتيجة لقيام نظام بشار الاسد باعتقال وتعذيب اطفال درعا وقتل البعض منهم تحت التعذيب فانطلقت شرارة الثورة السورية من درعا ثم امتدت لدمشق وبقية المحافظات السورية .
ولاسباب غير  مباشرة تتعلق بالديكتاتورية والقمع والاستبداد ونهب وسرقة البترول والثروات والمال العام والاقصاء والتهميش وعدم مساواة الناس امام القانون واهدار حقوق الشعب الكردي وحقوقه المشروعة بالمواطنة والمساواة امام القانون.
ولقد حاول النظام السوري ومنذ بداية الثورة  استخدام كافة انواع الاسلحة من طائرات ومدافع وصواريخ ودبابات بما فيها الاسلحة الكيماوية المحرمة دوليا من اجل اعمال القتل والقصف والابادة الجماعية للمدن والقرى .
ولقد ادى ذلك لدمار نصف المدن والمناطق والقرى السورية وتشريد اكثر من نصف الشعب السوري ولذلك فان الاسباب التالية تعتبر من اهم الاسباب التي تمنع ترشحه لفترة رئاسية جديدة :
اولا – من القواعد القانونية المعروفة في القوانين والدساتير في العالم  ان المرشح يجب ان يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية وغير محكوم بجرم  وفق نص الفقرة الثالثة من المادة 84 من الدستور السوري وبما ان بشار الاسد قد تسبب  بقتل مليون انسان وجرح وتعطيل مليوني انسان واعتقال وتعذيب وقتل  مئات الالاف
بالاضافة لارتكابه جرائم الاغتصاب في السجون والمعتقلات  وجرائم الابادة الجماعية والتهجير القسري وهي الجرائم التي تمنع ترشحه لرئاسة الجمهورية
ثانيا – ان بشار الاسد ارتكب جرم الخيانة العظمى  بجلب منظمات ارهابية  اجنبية  لمواجهة ثورة الشعب السوري ومنها حزب الله وتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام والمسمى داعش واطلاق سراح مئات الالاف من الجهاديين من السجون السورية ببداية الثورة تزامنا مع نفس الخطوة من قبل نوري المالكي بالعراق بالاضافة لميليشيات طائفية اخرى.
وقام بتسليم حزب الله مناطق واسعة في ريف دمشق والغوطة  ومناطق اخرى واقدم على تسليم داعش مدينة الرقة ودير الزور وتدمر والمحطة الحرارية في ريف حلب واماكن اخرى
كما اقدم على تسليم حزب العمال الكردستاني وتابعه حزب الاتحاد الديمقراطي  مناطق واسعة في شمال وشرق سورية ويتم ادارتها بواسطة قسد وهي تنظيم تابع لحزب العمال الكردستاني واحد اذرعه العسكرية ولذلك يسعى وبالقوة وبالتحالف مع قوى دولية لتقسيم سورية واقتطاع جزء منها .
كما اقدم بشار الاسد  على جلب قوى الاحتلال الايراني والروسي
وبما ان هذه الجرائم تشكل جرم الخيانة العظمى  ويجب ملاحقته قضائيا وفق احكام المادة 264من قانون العقوبات السوري  والتي تنص
1 ـ كل سوري دس الدسائس لدى دولة أجنبیة أو اتصل بھا لیدفعھا إلى مباشرة العدوان على سوریة
أو لیوفر لھا الوسائل إلى ذلك عوقب بالأشغال الشاقة المؤبدة.
2 ـ وإذا أفضى فعله إلى نتیجة عوقب بالإعدام.
كما يشكل فعل بشار الاسد جرم التنازل عن جزء من الاراضي السورية وهو معاقب عليه وفق احكام المادة 292
والتي تنص :
1 ـ من حاول أن یسلخ عن سیادة الدولة جزءا من الاراض السورية عوقب بالاعتقال المؤقت
2 ـ وتكون العقوبة الاعتقال المؤبد إذا لجأ الفاعل إلى العنف.
وبما ان بشار الاسد قد ارتكب هذه الجرائم وقد خالف احكام الدستور والقانون فان هذه الجرائم الفادحة تمنع ترشحه لرئاسة الجمهورية وتستدعي ملاحقته قضائيا
ثالثا –استخدم بشار الاسد السلاح الكيمياوي وكافة انواع الاسلحة في عمليات قصف وقتل وتدمير المدن والقرى حيث استخدم السلاح الكيمياوي عشرات المرات ومنها  الغوطة الشرقية في  شهر اب  2013 واستخدامه في هجوم خان العسل  في ضواحي حلب في اذار 2013  واستخدامه لغاز السارين في خان العسل في 19اذار واستخدام السلاح الكيماوي في سراقب في 29 نيسان 2013 واستخدامه في قصف اشرفية صحنايا في 25 اب 2013. وفي جوبر بريف دمشق في 24 اب 2013
كما استخدم النظام السوري الكيماوي في قصفه خان شيخون في الرابع من نيسان 2017
ولقد تاكد ذلك في تقارير دولية ومنها لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سورية التي انشئت من قبل مجلس حقوق الانسان والتي اكدت في تقريرها بانه توفرت للجنة امكانية الوصول الى مخزون الاسلحة الكيماوية التابع للجيش السوري في اشارة واضحة لتحديد المسؤول عن هذه الجرائم الا ان الامم المتحدة لم تتمكن من احالة الفاعلين  بالنظام السوري الى المحكمة الجنائية الدولية استنادا للمادة الخامسة من قانون روما والتي تعاقب على جرائم القتل والابادة الجماعية وجرائم الحرب والعدوان
بسبب استخدام روسيا والصين لحق النقض (الفيتو)
ولان هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم وفق المادة 29 من قانون روما فان الشعب السوري سوف يلاحقه مهما طال الزمن
رابعا: هل يجوز اجراء انتخابات وبشار الاسد لم  يسمح  بتطبيق اتفاق جنيف 1 والقرار 2254  ولم يسمح باطلاق سراح المعتقلين وفق هذا القرار رغم مضي مدة ست سنوات على صدوره .كما ادى لفشل اربعة مبعوثين دوليين الى سورية ومازال المبعوث الدولي غير بيدرسون يحاول دون اية جدوى من مفاوضات عبثية ادت لمزيد من القتل والدمار والتشرد
فاذا كان جميع الناس احرارا وفق المادة الاولى من الاعلان العالمي لحقوق الانسان وبالتالي حقهم باختيار رئيس الجمهورية وشكل نظام الحكم
واذا كانت المادة الخامسة منه تمنع التعذيب او الحجز التعسفي وفق المادة العاشرة منه
واذا كان بشار الاسد خالف اتفاقية مناهضة التعذيب الصادرة عن الامم المتحدة التي انضمت اليها سورية في 19 اب 2001
كما خالف اتفاقية حقوق الطفل بارتكابه جرائم القتل بحق الاطفال وتعذيبهم منذ بداية الثورة في درعا ثم اقدم على جرائم اعتقالهم وتعذيبهم وقتلهم  في المحافظات السورية  كافة .
واذا كان بشار الاسد قد تسبب بارتكاب جميع جرائم الاعتقال والحجز والاغتصاب بحق النساء   ماهي مشروعية بقاءه في السطة ؟
وماهي مشروعية ترشحه في هذه الانتخابات ؟
وكيف يمكن اجراء انتخابات حرة وديمقراطية والشعب السوري في داخل وخارج سورية يرفع شعار اسقاط بشار الاسد ونظامه الديكتاتوري الدموي ؟
خامسا: ان شروط الانتخابات تستوجب وجود حل سياسي وبالتالي تطبيق مقررات جنيف 1 والقرار 2254 وبالتالي نقل السلطة لهيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات وبالتالي عدم وجود اي دور للاسد
فكيف لمن فقد هذا الدور وفق القرارات الاممية ان يعود لحكم سورية بعد مضي عشر سنوات من الثورة ؟
وكيف يمكن ان يحكم سورية لمدة سبع سنوات اخرى وفق المادة 88 من الدستور السوري الحالي؟
كما ان الانتخابات تستوجب ان تتم بحرية ونزاهة وبمشاركة جميع السوريين وفق احكام  المادة 21 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والتي تنص :
( 1 ) لكلِّ شخص حقُّ المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إمَّا مباشرةً وإمَّا بواسطة ممثِّلين يُختارون في حرِّية.
( 2 ) لكلِّ شخص، بالتساوي مع الآخرين، حقُّ تقلُّد الوظائف العامَّة في بلده.
( 3 ) إرادةُ الشعب هي مناطُ سلطة الحكم، ويجب أن تتجلىَّ هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريًّا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السرِّي أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرِّية التصويت.
ولقد منحت  المادة الاولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية للشعوب حق تقرير مصيرها حيث نصت:
1. لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها. وهى بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي
كما اوجبت المادة الخامسة منه على عدم اهدار اي حق من الحقوق او الحريات المنصوص عليها
واوجبت المادة 25 من العهد الدولي المذكور على حق المواطن بالمشاركة بالشؤون العامة وان ينتخب بحرية وبالمساواة في تقلد الوظائف العامة
حيث تنص:
يكون لكل مواطن، دون أي وجه من وجوه التمييز المذكور في المادة 2، الحقوق التالية، التي يجب أن تتاح له فرصة التمتع بها دون قيود غير معقولة:
(أ) أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية،
(ب) أن ينتخب وينتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين،
(ج) أن تتاح له، على قدم المساواة عموما مع سواه، فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده
ان تقرير  ارادة الشعب وحريته في الترشح والاختيار بحرية ونزاهة مقرر ايضا في قرارات صادرة عن الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 137/46تاريخ 17 كانون الاول 1991 وفي عدة قرارات دولية اصبحت معروفة
وبالتالي فان جميع القوانين والأنظمة والشرائع السماوية وقرارات الامم المتحدة تمنع من ارتكب جرم القتل والاعتقال والاغتصاب والتهجير القسري من الترشح للوظيفة العامة فكيف يمكن ترشحه لرئاسة الجمهورية ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى