دمرت سنوات من القصف المتكرر على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب العاصمة السورية دمشق، نحو 70 في المائة من البنية التحتية الحيوية، وتركت غالبية مبانيه غير صالحة للسكن، وبعد تدمير المخيم، وتهجير سكّانه من اللاجئين الفلسطينيين والسوريين، ومنع النظام السوري عودتهم، يواجه مالكو العقارات في المخيم مشكلة جديدة، إذ إن تجارا مقرّبين من النظام يسعون إلى تملكها.
تؤكد مصادر محلية وضع مخطط لبناء مدن تضم بنايات فاخرة في الخطة التي وضعها النظام لإعادة إعمار المخيم، ما دفع سماسرة محسوبين على النظام إلى الضغط على أصحاب العقارات داخله لبيع حصصهم من الأسهم العقارية.
وقبل أيام، كشفت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية” عن وجود أوامر بمنع سماسرة العقارات من إجراء عمليات بيع أو شراء للمنازل أو المحال التجارية في المخيم، بعد الكشف عن حالات احتيال، إذ بيعت عقارات لأكثر من مشتر، علاوة على بيع عقارات بأسعار زهيدة في استغلال للبطء الشديد في إجراءات عودة النازحين، وإعادة إعمار البنية التحتية.
وقالت المجموعة إن “أسعار العقارات في مخيم اليرموك في ارتفاع مستمر”، محذرة من مغبة البيع أو الشراء لما فيها من غبن لطرفي العقد، وأنه “في حال فتح المخيم أمام عودة الأهالي سيصبح سعر المتر المربع للشقة لا يقل عن 4 ملايين ليرة سورية”.
بعد انتهاء المعارك، عاد إلى مخيم اليرموك نحو 400 عائلة فقط بسبب الشروط القاسية التي وضعها النظام مقابل السماح بالعودة، في حين ما زال العائدون يفتقدون أدنى مقومات الحياة. وقال إبراهيم العلي، الباحث في “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية”، لـ “العربي الجديد”: “هناك محاولات للاستيلاء على ما تبقى من منازل المدنيين في مخيم اليرموك بعد أن عرف سكانه خسائر فادحة، والأمور في المخيم معقّدة نتيجة النزوح المتكرر والطويل للسكان عن منازلهم”.
واعتبر العلي أن “حالة المماطلة في إعادة الإعمار، وكذا في عودة الأهالي إلى المخيم، جعلت مئات العائلات تقع فريسة طمع التجار والسماسرة الذين يستغلون الحاجة والعوز اللذين يعاني منهما النازحون بعد أن تسلل اليأس من العودة إلى نفوسهم، ما دفع بعضهم إلى الاستسلام والبيع. عودة قرابة 500 عائلة إلى المخيم لا يمكن أن نسميها عودة للنازحين، لأن عدد العائلات الفلسطينية فقط قبل 2011، كان يتجاوز 44 ألف عائلة، فضلا عن العائلات السورية”.
وتابع: “يستغل السماسرة فرصة انتقال أصحاب المنازل من اللاجئين إلى خارج سورية للتلاعب بالأوراق الخاصة بعقاراتهم، وتزوير عقود بيع، ونقل الملكية لآخرين مقابل مبالغ يقتسمها المتواطئون في هذه العمليات، وينبغي وقف هذا السلوك، وإلغاء أية عمليات نقل للملكية، وإبطال ما يترتب عليها لما يشوبها من محاولات نصب واحتيال وتزوير وابتزاز”.
وكشف أحد سكّان المخيم الذين لم يتمكّنوا من العودة، لـ”العربي الجديد”، أنّه تلقّى أربعة عروض من أجل بيع منزله من قبل محامين يعملون في دمشق، وسماسرة، موضحًا أنّه رفض البيع لإيمانه بأن سعر المنزل في المنطقة سوف يرتفع بشكل كبير عقب عمليات التنظيم.
وقال الرجل الذي رفض الكشف عن هويته: “هناك كثير من العائلات التي تبيع حاليا بأسعار زهيدة لأنهم مضطرون للبيع بسبب قسوة حياة النزوح في دمشق، أو حاجتهم إلى استئجار منزل، وتأمين متطلبات معيشتهم في ظل الغلاء الفاحش، وعمليات شراء العقارات في اليرموك تبدو مخطّطة من أجل استثمار أراضي المنازل التي سيتضاعف سعرها لاحقا”.
المصدر: العربي الجديد