ترشح جنرالات للرئاسة الإيرانية يذكي “عسكرة الدولة” سبق لهم أن نافسوا في استحقاقات سابقة لكن عددهم يتوقع أن يكون الأكبر في انتخابات 2021

يثير العدد المتزايد للشخصيات ذات الخلفية العسكرية التي أعلنت ترشحها أو يرجح أنها تعتزم المنافسة في الانتخابات الرئاسية في إيران، خشيةً من “عسكرة” الحيز السياسي في البلاد.

وعلى الرغم من أن ترشح شخصيات طبع الميدان العسكري مسيرتها العامة ليس أمراً جديداً في إيران، الا أن العدد المتوقع تقدمه لانتخابات 18 يونيو (حزيران)، يفوق ما تم تسجيله في دورات سابقة.

السوابق

ويقول الصحافي أحمد زيد آبادي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن مشاركة “مرشحين يتمتعون بخلفية عسكرية ليست جديدة”.

وسبق لضباط معروفين أن نافسوا في الانتخابات، مثل الأميرال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، أو اللواء محسن رضائي، أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني، ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، أو سلفه علي لاريجاني، اللذين كانت لهما تجربة في الحرس الثوري أيضاً. إلا أن أياً منهم لم يفز بمنصب الرئيس.

ويوضح حبيب ترشكاوند، الصحافي في وكالة “فارس” القريبة من التيار المحافظ، أن “أياً من هؤلاء المرشحين” لم يدخل المنافسة في وقت كان لا يزال “عضواً في قوة عسكرية”.

مرشحون ما زالوا مرتبطين بالسلك

وتبدأ الثلاثاء ولمدة خمسة أيام، مهلة تسجيل الترشيحات للانتخابات الرئاسية 2021، ويتوقع أن تشهد “أطول لائحة من المرشحين ممن لديهم مسار عسكري”، وفق وكالة الأنباء الرسمية “إرنا”.

وعلى خلاف دورات سابقة حيث كان العسكريون خارج السلك بالكامل قبل الترشح، يعتزم بعضهم هذه السنة خوض المنافسة على الرغم من استمرار ارتباطهم بشكل أو بآخر، بالهيكلية العسكرية.

ومن هؤلاء، العميد سعيد محمد، الذي قاد حتى مطلع مارس (آذار) “مقر خاتم الأنبياء”، وهو ذراع اقتصادية للحرس الثوري تعنى بشؤون البناء والإعمار. وعلى الرغم من إعلانه استقالته من منصبه، يبقى محمد رسمياً مستشاراً لقائد الحرس الثوري.

اسم آخر يندرج في خانة مشابهة، وهو وزير النفط السابق العميد رستم قاسمي، الذي يشغل منصب معاون للشؤون الاقتصادية لقائد قوة القدس المرتبطة بالحرس الثوري.

بعض المرشحين

ولا يقتصر المرشحون من العسكريين على هذين الاسمين.

فالعميد حسين دهقان، وزير الدفاع خلال الولاية الأولى للرئيس حسن روحاني (2013-2017)، ومستشار المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي، أصبح في أواخر 2020، من أوائل الذين أعلنوا عزمهم على الترشح للانتخابات.

تلاه عزت الله ضرغامي، الضابط السابق في الحرس الثوري الذي تولى أيضاً الإشراف على هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية، وصولاً إلى اللواء محسن رضائي.

وعلى الرغم من أن شمخاني وقاليباف ولاريجاني لم يعلنوا نيتهم بعد، يتم التداول بأسمائهم ضمن الترشيحات المحتملة.

وسيكون على الراغبين بالترشح تقديم ملفاتهم إلى وزارة الداخلية، في خطوة يليها تولي مجلس صيانة الدستور دراسة الأسماء والمصادقة على المؤهلين منهم.

المخاوف من “عسكرة الدولة”

وأثار إقبال الشخصيات العسكرية على الترشح، جدلاً سياسياً في إيران.

ورأت صحيفة “جمهوري إسلامي” المعتدلة، أن انتخاب “عسكري على رأس الحكومة” قد تكون له “تبعات سلبية”.

أما النائب الإصلاحي السابق علي مطهّري، الذي يُستبعد أن ينال مصادقة مجلس صيانة الدستور على ترشحه، فأجرى مقارنة مع أنظمة عسكرية “سابقة في تركيا وباكستان”، معتبراً أن هذين البلدين “ناضلا، مع صعوبات كبيرة، من أجل التحرر من الهيمنة العسكرية”.

لكن دهقان، وفي ما بدا بمثابة رد على هذه المخاوف، انتقد البعض لـ “اعتقادهم بأن العسكر في حال فوز أحدهم بالرئاسة، سيفرضون الأحكام العرفية ويقيّدون الحريات”، مشدداً على أنه “في إيران، لا إمكانية لعسكرة الدولة”.

توسع “الحرس الثوري”

وكان مؤسس إيران، الخميني، حضّ العسكر على “عدم التدخل في السياسة”.

وشهد عهد المرشد خامنئي، تنامي دور الحرس الثوري واتساعه ليشمل المجالين السياسي والاقتصادي، ما يدفع محللين للاعتقاد بأن هذه المؤسسة باتت تتمتع بهيكلية موازية لدولة ضمن الدولة.

لكن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، عباس علي كدخدائي، يشدد على أن ترشح شخصيات عسكرية و”تدخل” العسكر في السياسة، هما أمران منفصلان.

وقال لوكالة الصحافة الفرنسية الأسبوع الماضي، إن “القانون لا يمنع مشاركة العسكر في الانتخابات”، بل “التدخل” فيها، موضحاً أن التدخل قد يكون بشكل إعلان “قوة عسكرية تسمية مرشح أو التصرف بشكل يغيّر نتيجة الانتخابات”.

تسجيل ظريف

وزاد الحديث عن دور العسكر في السياسة في الفترة الماضية، بعد تسريب تسجيل صوتي لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في أواخر أبريل (نيسان)، يتحدث فيه عن أولوية الميدان على الدبلوماسية في إيران.

وأثار التسجيل جدلاً واسعاً، وانتقادات لوزير الخارجية خصوصاً من المحافظين.

وأبدى ظريف أسفه لأن تصريحاته أثارت “قلق القائد الأعلى” خامنئي، وذلك بعدما اعتبر الأخير أن بعض ما ورد على لسان الوزير يشكّل “خطأً كبيراً”.

وبعيد انتشار التسجيل، أعلن رضائي نيته الترشح، منتقداً ظريف ضمنياً.

قرار “فردي”

وفي ظل الأخذ والرد، أكد قائد الحرس الثوري، اللواء حسين سلامي، أن ترشح العسكريين قرار يعود لهم، وليس مدفوعاً من المؤسسة التي يرتبطون بها.

وقال في حديث للتلفزيون الرسمي في السادس من مايو، أن تقدم “أي من أفراد الحرس أو عسكري إلى انتخابات (يعبّر عن) رغبة شخصية”.

ويرى الصحافي زيد آبادي أن منتقدي ترشح العسكريين “يخشون أن تؤدي رئاسة عسكرية إلى تمركز غير مسبوق للسلطة”.

أما ترشكاوند، فيقلل من شأن المخاوف، واضعاً إياها في إطار الانتقادات “ذات الغايات الانتخابية”. ويربط بين هذه الانتقادات، ومحاولة التأثير على التيار المحافظ الذي يبدو في موقع أفضلية بعد فوزه الكبير في الانتخابات التشريعية في العام 2020، في ظل خيبة أمل الرأي العام من تحالف المعتدلين والإصلاحيين الداعم لروحاني.

المصدر: أ ف ب/أندبندنت عربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى