اللاجئون السوريون في تركيا: «الحلقة الأضعف» في مواجهة «كورونا»

يجلس اللاجئ السوري محمد نجار /33 عاماً/ في منزله في مدينة غازي عنتاب التركية، منتظراً بفارغ الصبر أن تنتهي الإجراءات التي اتخذتها السلطات التركية لمواجهة فيروس كورونا، وذلك حتى يستطيع العودة إلى عمله في صالون الحلاقة.

وكل ما يتمناه نجار أن لا يدوم قرار السلطات التركية إغلاق صالونات الحلاقة ومراكز التجميل طويلاً، لأنه بحاجة إلى العمل، لإعالة أسرته المكونة من أربعة أفراد، وتسديد إيجار المنزل والفواتير الشهرية. يقول لـ»القدس العربي»: «فجأة توقف عملنا، ولا يوجد مكان بديل للعمل، وخصوصاً أن غالبية الورش والمصانع قد أغلقت أبوابها، خوفاً من انتشار كورونا»، ويضيف بحزن واضح: «نتمنى أن لا تطول هذه المحنة». وغير بعيد عن نجار، لم يجد الأربعيني أبو ماجد وسيلة لإطعام أولاده، بعد أن فقد عمله في مطعم سوري للوجبات السريعة، وسيلة سوى إقناع صاحب متجر المواد الغذائية، ببيعه ما يحتاج بالدين، على ما أكد لـ»القدس العربي».

وأضاف، أن «صاحب المتجر قبل على مضض بيعه بعض المواد الغذائية بالدين، علماً بأن كمية المواد لا تكفي لاحتياجات العائلة لأكثر من أسبوعين»، مؤكداً أنه «اسـتطاع بصعوبة بالغة أن يحتفظ بمبلغ قليل من المال لسداد إيجار المنزل، للشهر القادم». حال هؤلاء حالة غالبية اللاجئين السوريين بتركيا، الذين يعيشون أوضاعاً اقتصادية صعبة، نتيجة فقدان مصدر رزقهم، بعد تشديد تركيا الإجراءات الاحترازية ضد فيروس كورونا.

وكانت وزارة الداخلية التركية، قد أعلنت عن إجراءات عدة، منها إغلاق صالونات الحلاقة، ومنع أصحاب المطاعم ومحال بيع الحلويات من استقبال الزبائن، والاكتفاء بتوصيل الطلبات عبر الهاتف، أو بيع أطعمة مغلفة دون السماح للزبائن بالجلوس. كما أن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة، كان اعلن ارتفاع وفيات فيروس كورونا إلى 37 والإصابات إلى اكثر من 1500.

واعتبر المستثمر السوري في تركيا محمد عقيل، أن اللاجئين السوريين في تركيا، هم الشريحة الأضعف، وقال لـ «القدس العربي»: إن الإجراءات التي فرضتها تركيا قد تزيد من معاناتهم الاقتصادية، وخصوصاً أن الأسواق التركية تعاني أصلاً من التضخم. وقال: إن الانقطاع عن العمل لمدة شهر أو أكثر تعني كارثة لغالبية اللاجئين، لأنهم بالكاد وهم يعملون يتدبرون أمرهم، داعياً في هذا الصدد المستثمرين وأرباب العمل السوريين والمنظمات إلى مد يد العون للسوريين، في هذه الفترة الصعبة. وأضاف عقيل، أن على الدولة التركية كذلك مساعدة اللاجئين، معتبراً أن الواجب زيادة كمية المساعدات المالية (كرت الهلال الأحمر) للسوريين في هذا الوقت تحديداً، نظراً للالتزامات المالية الكبيرة الملقاة على عاتقهم، من إيجـارات ومصـاريف أخـرى.

رجل الأعمال السوري سعيد نحاس المقيم في تركيا، كتب على «فيسبوك»، إن «مأساة كورونا لا تتمثل في المرض فحسب بل في مضاعفات تأثيره السلبي على حيوات الناس وسبل عيشهم». وتساءل «ماذا يفعل العمال والموظفون الذين تم إيقافهم عن العمل، وهم يعتمدون على راتب آخر الشهر بشكل كلي في حياتهم»، وأضاف أن «تغير نمط الحياة بشكل شديد السلبية، هي مسؤولية حكومية ومجتمعية، ولا شك أن لمنظمات المجتمع المدني دورا كبيرا لتقوم به في هذا الشأن».

وتابع «الكثير من شركات ومحال البيع بالتجزئة توقفت وتحولت للبيع أونلاين،وأصبح موظفوها بلا عمل، كورونا وتداعياته، أول تأثيراته وأخطرها على الطبقة الكادحة وعما قريب على المتوسط، بلاء وابتلاء في عالم قاس».

وعلى وسائل التواصل الاجتماعي تداول نشطاء نص رسالة وجهها سوريون للحكومة التركية، طالبوا فيها الأخيرة بمساعدتهم على مواجهة هذه الأزمة، وقالوا: «لقد ضاقت الأحوال علينا فالذين كانوا يعملون الآن أصبحوا بدون عمل والذين عندهم محلات، أصبحوا يدفعون الماء وكهرباء وإيجار أيضاً بدون عمل». وتساءلوا، أنه في حال استمرت هذه الأوضاع، ماذا سوف يحصل للذين لا يملكون العمل، مطالبين بالمساواة مع الأتراك، وأشاروا إلى إعلان عدد من المسؤولين الأتراك عن اعتزام الدولة تقديم المساعدات الإنسانية والمالية للشعب التركي. وحسب إحصائية صادرة عن «جمعية اللاجئين في تركيا» مطلع العام الجاري فإن أعداد اللاجئين السوريين في تركيا تجاوزت حاجز الثلاثة ملايين ونصف مليون لاجئ.

المصدر: «القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى