مما لا شك فيه أن الجوائز الأدبية ظاهرا هي مظهر من مظاهر الاهتمام والرقي في التعامل مع الإبداع، ومبادرة من مبادرات دعم المبدعين وتحفيزهم على رفع سوية الأداء للارتقاء بالأدب عامة، وإبراز كمية الدعم والميزانية الممنوحة لردف المشهد الثقافي وبلورته من قبل الدول والمؤسسات المتبنية له؛ إلا أن هذه التظاهرات الأدبية للأسف لا تخلو من الفساد الذي استشرى في كل مناحي الحياة ومفاصل الاحتكام في هذا العالم إلى أن ولج إلى صالونات الأدب وأروقة الإبداع والفنون عامة..
حتى أن المراقب للمشهد الثقافي يرى أن هذا الفساد ليس فقط في الساحة العربية وإنما طال الجوائز العالمية الكبرى كجائزة نوبل للأدب..
وهذه السياسة المعمول بها في كثير من الجوائز لا تخص الأدب فحسب بس تشمل أيضا الجانب العلمي، فكثير من الأبحاث الجادة والتي تحمل نفعاً جمعياً كاملا تم استبعادها نتيجة أن الباحث أو الكاتب ليس من أصحاب الولاء لتيار مَرْضِيٍّ عنه من قبل الدولة المانحة أو اعتبارات أخرى، فاللبنانية التي فازت بالبوكر مثلا هذا العام كانت تتهجم عليهم قبل عام،
الخلاصة أن هذه الجوائز التي تخصص للمبدعين تخلو في معظمها من النزاهة فتُمنح على أساس الولاءات لا الكفاءات وتتدخل فيها أيادٍ تحركها المحسوبيات .. وأرى من سلبياتها أيضا أنها كثيرا ما تعبث بتوجه النتاج الإبداعي بحيث يؤطره صاحبه بضوابط تناسب هذه المسابقة أو تلك فيحجر على فكرة ما أو يضيفها بحيث يتماشى ما يقدمه في عمله الإبداعي المشارك مع شروط ومطالب القائمين على المسابقة دولا ومؤسسات.
ونهايةً لا أحد ينكر أهمية الجائزة بالنسبة للمبدع من الناحية المادية والمعنوية أيضا لأن بعض الجوائز تكون ذات قيمة عالية إلا أنني أقترح أن يكون هناك إشراف بإجراءات حازمة حال اختيار القائمة القصيرة من بين قائمة الأعمال المرشحة، وأن يتم اختيار اللجان المُحَكِّمة من الثقات، وكذلك أقترح أن تكون لجان التحكيم غير دائمة، أي أن تكون لجان دورية، ومن كل الدول العربية وليس من دول بعينها..
وأقترح أخيرًا جوائز لأصحاب التجارب المميزة والرصيد الثقافي النوعي، بعيدًا عن الجوائز الآنية على عمل بعينه وذات البُعد السياسي أو المذهبي أو الطائفي، إلخ.