الجولة 15 في مسار “أستانة السوري”.. ثلاثة ملفات على الطاولة

ضياء عودة

في الوقت الذي تغلق فيه أبواب الحل السياسي في سوريا، وتنعدم فيه الخيارات، تطل “الدول الضامنة” لمسار “أستانة السوري” بجولة جديدة في مدينة سوتشي الروسية تحمل رقم “15”.

وعلى الرغم من انعدام أي آمال من هذا المسار، نظرا لحصيلة جولاته الـ14، إلا أن التوقعات تشير إلى أن التحرك الحالي من شأنه إنعاش “اللجنة الدستورية السورية”، والتي فشلت على مدار خمس جولات مضت من تحقيق أي نتائج على صعيد كتابة دستور جديد للبلاد.

جولات

طوال أربع سنوات، عقدت 14 جولة من “أستانة”، تنوعت فيها شخصيات المعارضة، مع ثبات هيكل وفد النظام السوري، والدول الضامنة الثلاث (روسيا، إيران، تركيا)، والتي تولت خوض المحادثات بشكل أساسي من خلال الاتفاق على البنود في كل بيان ختامي يصدر في نهاية الجولة، بعيدا عن الأطراف المحلية التي التزمت بتنفيذ ما أملي فقط.

وعلى خلاف ما مضى ينظر إلى الجولة 15 بعين الأهمية من قبل الدول الثلاث التي ترعاها، وليس من قبل السوريين، كونها جولة “حاسمة” تأتي في وقت حساس، يتبع إعلان فشل اللجنة الدستورية السورية من قبل المبعوث الأممي، غير بيدرسون، كما أنها تستبق الانتخابات الرئاسية التي يحضر لها نظام الأسد، والمقرر تنظيمها في أبريل المقبل.

ثلاثة ملفات على الطاولة

حسب ما قال أحد المشاركين من وفد المعارضة في “أستانة 15” التي تنطلق، الثلاثاء، في سوتشي، فمن المقرر أن يناقش المشاركون ثلاثة ملفات، على رأسها اجتماعات اللجنة الدستورية، إلى جانب ملف محافظة إدلب وضرورة تثبيت الخارطة العسكرية الحالية، وملف المعتقلين في سجون نظام الأسد.

ويضيف المصدر في تصريحات لموقع “الحرة” أن “الملف الأبرز الذي نتوقع تحقيق نتائج ملموسة فيه هو ملف إدلب، وذلك من خلال تثبيت حدود السيطرة كما هو حالها اليوم. فيما يخص ملف اللجنة الدستورية فهو مرتبط بما ستكون عليه الرؤية الروسية”.

ورغم إدراج مسار “أستانة”، منذ الجولة الأولى له في عام 2017 ضمن إطار التفاهمات السياسية الخاصة بالملف السوري، إلا أن “الضامنون” له أصبغوه بـ”النفس العسكري”، فالبنود التي يتم الاتفاق عليها عقب ختام كل جولة ترسم شكل الخريطة العسكرية لسوريا على الأرض، وخاصة خارطة إدلب، والتي كان لهذه المحادثات دورا كبيرا في تغييرها، في السنوات الماضية.

ومن المقرر أن يرأس الجانب الروسي في محادثات الثلاثاء مبعوث الرئيس لشؤون التسوية السورية، ألكسندر لافرنتييف، والمبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى الشرق الأوسط، ألكسندر كينشاك.

ومن الجانب التركي سيكون حاضرا مسؤول ملف سوريا في وزارة الخارجية التركية، سلجوق أونال، ومن إيران كبير مستشاري وزير الخارجية، علي أصغر حاجي.

أما عن الوفدين السوريين، سيكون أحمد طعمة على رأس وفد المعارضة السورية، وفي المقابل سيكون معاون وزير خارجية النظام السوري، أيمن سوسان على رأس وفد الأخير.

مسار فرض نفسه وليس خيار

في تصريحات لموقع “الحرة” وصف أيمن العاسمي، المتحدث باسم وفد المعارضة إلى “أستانة”، بأن هذا المسار هو عسكري “بحت” كونه يجمع القوى العسكرية الفاعلة على الأرض، ويقول: “هو مسار فرض نفسه وليس خيار. سمي بالمسار لطول جولاته الـ15”.

ويضيف العاسمي الذي وصل إلى سوتشي الروسية الاثنين “نحاول في هذه الجولة دفع اللجنة الدستورية السورية بعد تعطيلها، والعمل على استمرار وقف إطلاق النار في محافظة إدلب”.

وعن أسباب إصرار المعارضة السورية على حضور جولات “أستانة”، رغم انعدام النتائج المرجوة منها، يوضح “بالنهاية هو مسار يجب المحافظة على وجوده، مع انعدام المسارات الأخرى. كفصائل عسكرية لدينا مصلحة فيه في تثبيت وضع محافظة إدلب، وخاصة وجود النقاط التركية لمنع أي عمل عسكري من جانب النظام وروسيا”.

ويتابع المعارض السوري “أستانة متعلق بإدلب، وصحيح أن هناك خروقات من جانب النظام وروسيا وإيران، إلا أننا حافظنا على الجزء الأكبر من الخريطة. غير راضين على جميع نتائج المسار لكن هذا لا يعني أننا لم نحقق شيء”.

وكانت تركيا وإيران وروسيا الدول الضامنة لأستانة قد أصدرت بيانا مشتركا، في يناير الماضي على هامش الاجتماع الخامس للجنة الدستورية السورية أعلنت فيه الاتفاق على عقد “اللقاء الدولي الخامس عشر، في مدينة سوتشي”.

وأكد البيان الثلاثي في ذلك الوقت على “الالتزام القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها”، مشددا على “ضرورة احترام هذه المبادئ من قبل جميع الأطراف”.

وكانت أعمال الجولة الـ14 من محادثات “أستانة” بشأن سورية قد انتهت في ديسمبر 2019 بالاتفاق بين “الدول الضامنة” على بنود عريضة، أبرزها “الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية”.

مسار يقوده الراعون

في سياق ما سبق يرى الكاتب والمعارض السوري، حسن النيفي أن التمسك بمسار “أستانة” لا يرتبط بالسوريين المشاركين فيه فحسب، بقدر الإرادات الدولية التي يتبعون لها.

ويقول الكاتب السوري في تصريحات لموقع “الحرة” “مسار أستانة هو مسار تركي- روسي- إيراني، والمشاركون فيه من الفصائل العسكرية المعارضة وشخصيات سياسية أخرى يتحركون بعيدا عن المصلحة الوطنية، بل بما تمليه الدول المحركة لهم”.

ويستبعد أن تخرج الجولة 15 من “أستانة” بنتائج تذكر، وهو الأمر الذي يمكن التماسه بمستوى التمثيل لكل من “الدول الضامنة”، موضحا: “مستوى التمثيل ليس من وزراء الخارجية بل أدنى من ذلك”.

وهناك سبب آخر أيضا يدلل على عدم التوصل لأي نتائج، وحسب النيفي “ليس هناك أجندة محددة للنقاش سوى كلام عام، والتركيز على المزيد من التنسيق ومناقشة الشؤون الإنسانية”.

ويضيف “فيما يخص اللجنة الدستورية فلا توجد أي دلالة على الانفراجة، بل على العكس فإن الطريق مسدود، ولا توجد أي نية لاختراقه، وخاصة من جانب الروس”.

زخم مغاير

على الطرف الآخر من طاولة المحادثات هناك وفد النظام السوري، والذي يبدو أنه مرتاحا لمسار “أستانة”، كونه صب في صالحه على الأرض من جهة، في السنوات الأربع الماضية، وفي مضمار السياسة من جهة أخرى.

وكما هو الحال قبل أيام من انعقاد الجولات شهدت العاصمة دمشق، في الأيام الماضية زيارات ولقاءات لمسؤولين من حلفاء الأسد، أبرزها الزيارة التي أجراها كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي والتقى فيها رئيس النظام، بشار الأسد، الأسبوع الماضي.

وجرى خلال اللقاء حسب البيان الصادر عن “الرئاسة السورية” حينها التأكيد على التشاور حول عدد من المواضيع على الجانب السياسي، ومنها اجتماعات “أستانة”، و”ضرورة البناء على ما تم تحقيقه في الاجتماعات السابقة”.

وحسب ما نقلت صحيفة “الوطن” عن مصدر مطلع الاثنين فإن الجولة المقرر عقدها الثلاثاء في “سوتشي” تتخذ “زخما مغايرا، على اعتبار أن مسائل طارئة عديدة ومؤثرة طرأت على المشهد الميداني السوري خلال المرحلة الماضية، خصوصا مع وصول إدارة بايدن، وعودة “الخروقات لمنطقة خفض التصعيد في إدلب”.

ووصفت الصحيفة شبه الرسمية مسار “أستانة” بـ”الناجح”، واعتبرته “هاما ويحقق الكثير من المكاسب بالنسبة للملف السوري”، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يتضمن البيان الختامي للجولة المقبلة “التركيز على ملف مكافحة الإرهاب، ووقف دعم المنظمات الإرهابية، والوقوف في وجه دعم النزعات الانفصالية في مناطق شمال شرق سورية”.

المصدر: الحرة. نت

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى