الصراع المصرفي في سورية 

سمير خراط

​ القطاع المصرفي السوري منذ استلام البعث، عانى من جراء السياسة بإدارة النقد والعربة الاقتصادية ثم أخذ الفاسد الأول بشار الأسد القرار بفتح السوق المصرفية للقطاع الخاص  بعد أن أصبح هذا القطاع عائقًا  أمام الانفتاح الذي أراد تطبيقه للعربة الاقتصادية مما دفعه للسماح للمصارف الأجنبية بدخولها وفق حصص تحافظ من جرائها على القرار والسياسة للمساهمين السوريين بها ووفق أنظمة وقوانين يشرف عليها المركزي السوري، حيث أعطى نوع من الأمل لرجال الأعمال بأن هناك تحسن وانفتاح على السوق العالمية المصرفية وحرية الحركة بالاستثمار وتطوير السوق المالية السورية بحيث تتلاءم مع الحركة العالمية للاقتصاد وكل ما يدور بفلكه من نشاطات ثانوية، بعد أن كان هذا القطاع حصراً على الدولة مقسم إلى مصارف مختصه وفق النشاط كالقطاع الصناعي والزراعي إلى التجاري والعقاري ليختتم بالتسليف والتوفير بدون أي منازع أو منافس، مما خلق قوقعة صلبة عليهم وأبعدهم كليًا عن المفاهيم المصرفية ودورها بالعربة الاقتصادية للبلد.
جاء قرار النظام السوري بالسماح للمصارف الخاصة وبدأت فعلًا التراخيص بالمزاولة بالمناطق الحرة بالبداية حتى انتهى الأمر بالتراخيص بالساحة السورية بامتياز وكانت التراخيص للمصارف العربية حصراً، وشاهدنا المصارف اللبنانية تنتشر بالسوق السورية كلبنان والمهجر وبنك عودة وبيمو (السعودي الفرنسي) والذي لا يمت لا لفرنسا ولا للسعودية بأي صلة، اللهم الاسم.
يحق للمصرف الخاص الجديد وفق القوانين السارية  أن يشهر مصرفه بالسوق السورية بعد أن يضع الحصة الأولى من رأسماله بالمركزي على أن يتم تسديد المتبقي بعد فترة من الزمن يتم التوافق عليها وبذلك وجدنا بعض المصارف قد سددت 50% من رأسمالها والبعض أقل أو أكثر ولكن الغالبية لم تسدد ما عليها بسبب الظروف التي مرت بها البلاد وبسماح من المركزي السوري، وحصة المساهمين غير السوريين يتم تحوليها من الخارج بالقطع الأجنبي ليتم تحويلها إلى العملة المحلية الليرة السورية لتشكل رأسمال المصرف حيث المصرف يعتبر شركة سورية ورأسمالها وفق القانون بالليرة السورية، هذه النقطة ساعدت كثيرًا المساهمين على توفير مبالغ كبيرة من تسديد حصصهم بسبب الفارق الذي ظهر بسعر صرف العملة وتراجع الليرة.
منذ أن بدأت المصارف الخاصة عملها استطاعت أن تستقطب أغلبية الحركة المصرفية ولأسباب عديدة يمكننا بيان البعض منها والتي تشير بالوقت ذاته إلى سوء حال المصارف العامة في سورية بالوقت ذاته حيث تتمتع المصارف الخاصة بليونة الحركة والخبرة بالتعامل مع الأسواق الدولية والمهنية التي لاحظها رجال الأعمال السوريون وكون أغلبها تعتمد على إدارتها العامة بموطنها كلبنان والأردن ساعد جداً على تسريع التعاملات وتطبيق تقنية عالية بالتجاوب مع ما يحتاجه العميل السوري فبدأت المصارف الخاصة بالتوسع والهيمنة بالتدريج على السوق مما سبب خسارات كبيرة للقطاع المصرفي العام، نتج عنه الصراع بين التجاري السوري والمركزي وبلا شك المصارف الخاصة.
نتج عن هذا الصراع بعض القوانين حدت من قوة المصارف الخاصة وأربكتها، حيث وضعت يدها على القطع الأجنبي بحصة كبيرة وأصبحت تابعة للمركزي بامتياز بكل تصرفاتها إضافة إلى نسبة السماح لهم بالاحتفاظ بنسبة ضعيفة من الودائع والسيولة بمصارفهم أو أن تكون تحت تصرفهم مما خفف من حركة السيولة لديهم، ناهيك عن الحواجز التي وضعت أمام المساهمة بالمشاريع الكبيرة حتى باتت تلك المصارف كعلبة بريد لعمليات الاعتمادات المصرفية وقروض السيارات وبعض العقارات للقطاع الخاص، رغم ذلك حققت أرباح جيدة جداً حيث السوق السورية كانت متعطشة جداً لهذا النوع من التسهيلات والمرونة بالتعامل وبذلك بقيت مستحوذة على نسبة كبيرة من حركة السوق بالشكل العام وبشكل خاص بعض من رجال الأعمال الذين يتمتعون بالسمعة الحسنة والملاءة الجيدة ولهم دور بالنشاط الاقتصادي، ونورد قائمة المصارف الخاصة ورؤوس أموالها ونسبة المدفوع منها إضافة الى حجم الموجودات:
بنك بيمو السَعودي الفرنسي Banque Bemo Saudi Fransi
باشر العمل بتاريخ 2004/01/04، بشراكةٍ إستراتيجية مع بنك بيمو في لُبنان والبنك السعودي الفرنسي في السعودية. ويبلغُ رأسُ المال المُصرَّح به 10 مليار ليرة سورية، والمدفوع 6.5 مليار ليرة سورية، وحجم موجوداته قرابة 302.867 مليار ليرة سورية. ولديه 37 فرعًا ومكتبين.
بنكُ سورية والمهجر Bank Of Syria And Overseas
باشرَ العمل بتاريخ 2004/01/07، بشراكةٍ إستراتيجية مع بنك لبنان والمهجر في لبنان، ويبلغ رأس المال المُصَرَّح به 10 مليار ليرة سورية والمدفوع 6 مليار ليرة سورية، وحجم موجوداته قرابة 154.216 مليار ليرة سورية، ولديه 29 فرعًا.
المصرف الدولي للتجارة والتمويل The International Bank For Trade&Finance
باشرَ العمل بتاريخ 2004/04/03، بشراكةٍ استراتيجيةٍ مع مصرف الإسكان للتجارة والتمويل في الأُردن. ويبلغ رأس ماله المُصَرَّح به 10 مليار ليرة سورية والمدفوع 5.25 مليار ليرة سورية، وحجمُ موجوداته قرابة 163.985 مليار ليرة سورية، ولديه 31 فرعًا.
بنك عَودة – سورية Bank Audi-Syria
باشر العمل بتاريخ 2005/09/15، بشراكة إستراتيجية مع بنك عَودة في لبنان. ويبلغ رأس ماله المصرح به 10 مليار ليرة سورية والمدفوع 5.7245 مليار ليرة سورية، وحجمُ موجوداته قرابة 119.672 مليار ليرة سورية. ولديه 19 فرعًا.
بنك بيبلوس – سورية Byblos Bank-Syria
باشرَ العمل بتاريخ 2005/12/05، بشراكةٍ استراتيجيةٍ مع بنك بيبلوس في لُبنان. ويبلغ رأس ماله المُصَرَّحِ به 10 مليار ليرة سورية والمدفوع 6.12 مليار ليرة سورية، وحجمُ موجوداته قرابة 84 مليار ليرة سورية، ولديه 11 فرعًا ومكتبين.
البنك العربي – سورية ARAB BANK -SYRIA
باشرَ العمل بتاريخ 2006/01/02، بشراكةٍ إستراتيجيةٍ مع البنك العربي في الأُردن. ويبلغ رأسُ مالهِ المُصَرَّحِ به 10 مليار ليرة سورية والمدفوع 5.05 مليار ليرة سورية، وحجمُ موجوداته قرابة 62.511 مليار ليرة سورية. ولديه 19 فرعًا.
بنك سورية والخليج Syria Gulf Bank
باشرَ العمل بتاريخ 2007/06/13، بشراكةٍ إستراتيجيةٍ مع بنك الخليج المُتحد في البحرين. ويبلغ رأس ماله المُصَرَّحِ به 10 مليار ليرة سورية والمدفوع 6,020,141,000 ليرة سورية، وحجم موجوداته قرابةَ 47.542 مليار ليرة سورية، ولديه 12 فرعًا.
بنك الشام CHAM BANK
باشرَ العمل بتاريخ 2007/08/27، بشراكةٍ إستراتيجيةٍ مع المصرف التجاري الكويتي. ويبلغ رأس ماله المدفوع المصرح به 15 مليار ليرة سورية والمدفوع 5.25 مليار ليرة سورية، وحجمُ موجوداته قرابة 160.025 مليار ليرة سورية. ولديه 12 فرعًا.
بنك سورية الدولي الإسلامي Syria International Islamic Bank
باشرَ العمل بتاريخ 2007/9/15، بشراكةٍ إستراتيجيةٍ مع بنك قطر الدولي الإسلامي في الدَّوحة. ويبلغُ رأس ماله المُصَرَّحِ به 15 مليار ليرة سورية والمدفوع قرابة 13,701,159,800 ليرة سورية، وحجم موجوداته قرابة 583.434 مليار ليرة سورية. ولديه 24 فرعًا ومكتبين.
بنك الأُردن – سورية Bank of Jordan-Syria
باشر العمل بتاريخ 2008/11/18، بشراكة إستراتيجية مع بنك الأردن في عمّان. ويبلغ رأس ماله المصرح به 10 مليار ليرة سورية والمدفوع 3 مليار ليرة سورية، وحجم موجوداته ما يقارب 32.9 مليار ليرة سورية، ولديه 14 فرعًا ومكتبٌ واحد.
فرنسَبنك – سورية FRANSBANK SYRIA S.A.
باشر العمل بتاريخ 2009/01/15؛ بشراكةٍ إستراتيجيةٍ مع فرنسَبنك في لبنان، ويبلغ رأس ماله المُصَرَّح به 10 مليار ليرة سورية والمدفوع 5.25 مليار ليرة سورية، وحجمُ موجوداته قرابة 121.904 مليار ليرة سورية. ولديه 10 فروع.
بنك الشرق Bank AL -SHARQ
باشر العمل بتاريخ 2009/05/03، بشراكةٍ إستراتيجية مع البنك اللبناني الفرنسي في لبنان. ويبلغُ رأسُ ماله المُصَرَّح به 10 مليار ليرة سورية والمدفوع 2.75 مليار ليرة سورية، وحجم موجوداته قرابة 85.792 مليار ليرة سورية، ولديه 8 أفرع ومكتبٌ واحد.
بنك قطر الوطني – سورية Qater national Bank – Syria
باشر العمل بتاريخ 2009/11/16 بشراكةٍ إستراتيجية مع بنك قطر الوطني في الدَّوحة، ويبلغ رأس ماله المُصَرَّح به 15 مليار ليرة سورية والمدفوع 15 مليار ليرةٍ سورية، وحجم موجوداته قرابة 103.539 مليار ليرة سورية. ولديه 15 فرعًا.
بنك البركة – سورية AlBaraka Bank Syria
باشر العمل بتاريخ 2010/06/01، بشراكةٍ إستراتيجية مع مجموعة البركة المصرفية في البحرين. ويبلغ رأس ماله المُصرَّح به 15 مليار ليرة سورية والمدفوع 10 مليار ليرة سورية، وحجم موجوداته قرابةَ 377.497 مليار ليرة سورية، ولديه 11 فرعًا ومكتب واحد.
نلاحظ أن أغلب المصارف لم تكمل رأسمالها رغم مرور عدة سنوات على إشهارها ويمكن أن يبرر ذلك دخول البلاد بحالة اقتصادية مزرية وحرب لا نعلم نهايتها، وأدخل الخوف على أغلبهم من نهاية مجهولة حيث لا قوانين صريحة ولا منظومة اقتصادية قادرة على مواجهة واقع الحال بالبلد مما كبح لديهم تلك الرغبة بتكملة رأسمالهم المتبقي، وكما رأينا أنهم استحوذوا على كمية جيدة من السيولة المتداولة وراحوا يستثمرونها ولكن المصيبة الكبرى كانت بالتزامهم بوضعها في المركزي واستعمال نسبة منها مما يعني أن تلك السيولة هي بالحقيقة بأيدي المركزي الذي يعتبر بنك البنوك وفي حال أي عائق أو تعثر سيجدون صعوبة كبيرة بحرية السحب كونه أصدر تعليمات بوضع سقف لسحب السيولة من المصارف، كما هو الأمر لكل العملات الأجنبية التي يملكها المصرف الخاص، إضافة إلى غياب شبه كامل لتأمين الودائع في حال إفلاس المصرف كما هو العرف الدولي حيث لا يوجد شركة تأمين دولية تتقبل شروط وطريقة العمل المصرفي في سورية كي تبرم أي عقد تأمين.
إذا أخذنا قصة بنك بيمو وبنك عودة ورغبة انسحاب الأخير من السوق المصرفية السورية وتنازله عن حصته لبنك بيمو وإذا تعمقنا بالموضوع باحثين عن الدواعي التي دعت بنك عودة سنجد أولها أن بنك عودة كان من أقوى البنوك التي استحوذت على الحصة الكبيرة من العمليات المصرفية والتي نسميها الاعتمادات كونه يملك خلفية مصرفية قوية في لبنان وشبكة مراسلين بأنحاء العالم وحيث يتواجد نشاط أغلب رجال الأعمال السوريين، ومنذ أن دخلت لبنان ومصارفها بالأزمة الكبيرة التي لا نعلم إلى أين ستودي لبنان إضافة إلى العقوبات الأميركية على كل من يساهم أو يدعم الحركة الاقتصادية بسورية. قررت إدارة البنك بالانسحاب خوفًا على مصالحها وشبكتها بأنحاء العالم، ونضيف إلى ذلك كثرة المتعثرين وعدم قدرتهم على سداد ما عليهم من التزامات، علمًا أن أغلب تلك الالتزامات هي بالليرة السورية من ما قبل الثورة السورية مما يعني خسارة تلك الالتزامات عشرات الأضعاف لصالح العميل، والمصرف أكبر خاسر بها إذا ما أراد العميل تسديدها اليوم وبالكامل، حتى مع فوائدها أيضًا، أما مصلحة بنك بيمو بشراء تلك الحصة لبنك عودة فهو طمع بنك بيمو بإزاحة أكبر منافس من السوق والمستحوذ على أكبر حصة بالعمل المصرفي، إن شراء الحصة المشهرة بالليرة السورية يبقى بيعها بالليرة السورية مما يعني أنها أضحت بتراب الفلوس، وبنك عودة يخرج بأقل خسائر ممكنة من السوق،  إن العملية لن تتوقف عند هذا بل سنجد بالأيام القادمة مصارف أخرى ستنسحب من السوق السورية خوفاً على نفسها من العقوبات ولأنه لم يعد هناك ما يحفز البقاء أو يستحقه كمجازفة، فالأخطار أكبر من إمكانات الربح،  ومن ناحية أخرى لم يعد هناك بنية قانونية يمكن الارتكاز إليها لمتابعة النشاط بشكل شفاف حيث يصدر كل يوم مرسوم معاكس لما قبله وكل يوم تتصدر قرارات المركزي أساليب وطرق لا يمكن أن تتماشى مع واقع الحال والتي أغلبها تكون صادرة عن تماسيح السوق ورجال الظل ووفق مصالحهم ضاربين بعرض الحائط المفاهيم والأعراف المصرفية ومصلحة البلد، وسيبقى الحال على ما هو عليه حتى يتسلم إدارة الوطن رجال همهم الأول مصلحة الوطن.

المصدر: اشراق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى