تشخيص الدمار المجتمعي السوري (2 من 3): مؤشرات التفكك الأسري والمجتمعي في سورية

ملخص الدراسة

الفصل الأول                                                          مؤشرات التفكك الأسري في سورية
أولًا                                                                      زواج القاصرات
ثانيًا                                                                     تأخر سن الزواج (العنوسـة)
ثالثًا                                                                     تعدد الزوجات
رابعًا                                                                     ارتفاع نسبة الطلاق
خامسًا                                                                 ارتفاع ظاهرة الأرامل
سادسًا                                                                انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات بين الشباب والطلاب
سابعًا                                                                  انتشار ظاهرة الدعارة والبغاء القسري
ثامنًا                                                                    ارتفاع أعداد الأطفال مجهولي النسب

الفصل الثاني                                                         مؤشرات التفكك المجتمعي في سورية
أولًا                                                                      التشرد والتسول
ثانيًا                                                                     الفقر والبطالة
ثالثًا                                                                     انتشار الجريمة المنظمة وتناميها
رابعًا                                                                     تفشي ظاهرة الفساد

فريق عمل الدراسة
د. طلال مصطفى
د. حسام السعد
أ. وجيه حداد

ملخص الدراسة
1- ساهمت الحرب في تفكك بنية الأسرة السورية وعدلت وظائفها. ولم يتوقف تصدع الأسرة السورية وتفككها على الجوانب البنيوية، بل شمل القيم الاجتماعية التي تعمل على تعزيز التماسك الأسري، فبرزت الصراعات والعداوات والقطيعة بين الإخوة والأقارب نتيجة وجودهم في صفوف أطراف مختلفة في الصراع السوري.
2- ظهرت سلسلة من المشكلات الاجتماعية أبرزها: انتشار العصابات الإجرامية، استفحال القتل، اختلاط القيم الداعمة للتماسك والتضامن بالقيم التفكيكية للنسيج الثقافي والاجتماعي، ما أدى بدوره إلى خلل كبير في بنية الأسرة السورية ووظائفها، أنتج عددًا من المشكلات الاجتماعية (الطلاق، تعدد الزوجات، زواج القاصرات، الإتجار بالبشر)، العنف ضد المرأة والطفل، ازدياد عدد الأطفال الأيتام، والأطفال غير المصحوبين بأسرهم، انتشار عمل الأطفال، والتسرب المدرسي، والزواج المبكر بالتوازي مع ظاهرة العزوف عن الزواج، وارتفاع نسبة العزوبية عند الذكور والإناث .
حصل تحول في نمط الاسرة السورية من النواتية إلى الممتدة التقليدية الكبيرة، المرتبطة بمجتمعات ما قبل الحديثة، أدى إلى اندلاع عدد من الخلافات الداخلية بين أفراد العائلة والصراع الدائم المدمر لعلاقات المودة بين أفراد العائلة كافة، إضافة إلى انتفاء الخصوصية الأسرية لآلاف الأسر السورية. وينطبق هذا الأمر بشكل أساسي على الأماكن التي تعيش فيها أكثر من أسرة، مثل المخيمات، مراكز الإيواء، أو المنازل التي تجتمع فيها عائلتين أو ثلاثة كما هو الحال في مناطق متعددة من دمشق وحلب واللاذقية وحمص وغيرها.
3- مع وصول نسب خط الفقر في سورية إلى 93%، بات أكثر من 70% منهم تحت عتبة الفقر المدقع، وانعدام الأمان الغذائي، ومع غياب المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، وجد أكثر من ربع مليون سوري نفسه بين التسول المباشر والتشرد على قارعة الطرقات، عدا عن أعداد المشردين في المخيمات غير الخاضعين لهذا التصنيف. وشكل غياب المعيلين الذكور واحدًا من أهم الأسباب الذاتية إلى جانب الفقر العام وغياب فرص العمل والتأكل الاقتصادي العام، وجنوح النظام إلى التماهي المطلق مع أمراء الحرب الساعين إلى مزيد من النهب العام ليضاف إلى جمهور المتسولين الذي يتسع شرائح جديدة من الأرامل واليتامى والأطفال مجهولي النسب الذين لم يجدوا معيلًا لهم، إضافة إلى المعاقين جرحى الحرب وكبار السن العاجزين.
4- انعكس التدمير الكلي للاقتصاد السوري على الواقع الاجتماعي بحدة، وجرف شرائح بشرية نحو القاع بعيدًا عن وجود شبكات أمان، أو قدرة على تأمين متطلبات الحياة الرئيسية، فحرمها من قدرة الحصول على مدخولات كافية لأمنها الغذائي والصحي، فوجدت نفسها في مهب الحاجة الشديدة تبحث عن لقمتها في سلال القمامة والحاويات، ودفعتها الحاجة الشديدة إلى طلب المعونة بشكل فردي عبر التسول المباشر، أو التسول المقنع بوساطة القيام بأعمال هامشية بسيطة للحصول على مدخولات إضافية تساعد ضمن الظروف القاسية.
5- أفضت المتغيرات العسكرية والاجتماعية إلى تنامي ظاهرة الأطفال مجهولي النسب الذين تزايدت أعدادهم في المناطق الخارجة على سيطرة النظام، سواء بسبب الزواج من مقاتلين أجانب لم تحدد هوياتهم بدقة، أم بسبب الزواج من مقاتلين محلين قتلوا لاحقًا، وتعذر إيجاد وثائقهم أو تسجيل واقعات زواجهم بسبب فقدان الوثائق أو موت الأبوين كليهما، ومع تغيرات خرائط السيطرة تكشفت الأعداد الكبرى لأبناء هذه الظاهرة حيث استدعت الحاجة إلى توثيق وجودهم أو تحديد نسبهم وجنسياتهم، و إيجاد الجهات الوصائية الكفيلة برعايتهم، وخصوصًا في حال غياب الأبوين.
6- مع تجاوز نسبة الفقر في سورية معدل تسعين في المئة وهي أعلى نسبة مسجلة في الكوكب يتنحى الحديث عن كونها الحاجز الأكبر أمام التنمية الفردية والمجتمعية، وكونها تولد مزيدًا من الفقر والإحباط، لمصلحة الحديث عن خطرها الوجودي المباشر على حياة السوريين أولًا، وعلى قدرتهم على الصمود والاستمرار ثانيًا، بانتظار الحلول الفردية أو الجماعية أو السياسية.
7- اختلطت الجريمة المنظمة في سورية بالإرهاب وجرائم الحرب. وبين الانفلات الأمني وضعف سيطرة الدولة، وتنامي الفساد وتحول سورية إلى مصاف الدول الفاشلة، سيطرت الجريمة على جزء كبير من النشاط الاقتصادي الشرعي وغير الشرعي وحققت مدخولات خيالية لأصحابها الذين تميزوا في مناطق النظام بقربهم منه، وبالأخص أثرياء الحرب أو ما يمكن تسميتهم (بمحظيي النظام) الذين تحولوا إلى سادة الجريمة المنظمة في وجوهها الأكثر ربحية مستفيدين من شراكاتهم مع النظام وأقطابه في الحصول على الحصانة الكاملة وعدم الخضوع للمساءلة.
وشكلت الجريمة المنظمة في بعض وجوهها المحلية نوعًا من الرشوة للموالين، في الخطف لأجل الفدية وتجارة الاعتقال، وتبييض الأموال داخليًا، وتزوير الوثائق الشخصية والعقارية والاستيلاء على الأملاك. وارتبطت تلك الشبكات مع مثيلاتها في المناطق الخارجة على النظام بحكم المصالح، بغض النظر عن الوضع القتالي والسياسي المتنافر، وبخاصة في التبادل السلعي والنفط والتهريب والإتجار بالمخدرات والآثار وتبييض الأموال، حققت أموال الجريمة المنظمة مصدرًا مهمًا من التمويل الذاتي للميليشيات الجهادية المناوئة للنظام.
8- شكل الفساد جوهرًا أساسيًا في منظومة السلطة السورية، انبثق من احتكارها القرار في مجالات الحياة كلها، واحتكارها آليات المحاسبة وإخضاعها لوصاية لسلطة التنفيذية بما فيها القضاء، وإلغائها وقمعها كل أدوات المحاسبة المندرجة خارج إرادتها كالصحافة والمجتمع المدني، فباتت المشرع والمنفذ والرقيب والمحاسب في آن معًا. ومن جهة ثانية شكل صعود أمراء الحرب إلى الواجهة الاقتصادية وضياع الهامش بين القرار الحكومي ومصالح تلك الفئات ارتفاعًا في معدلات الفساد بشقيها المغطى بتوصيفات قانونية كالاستثمار والتعهدات والقرارات الحكومية، أو الفساد المرتبط بنهب المال العام.
وساهم نقص تدفق المعلومات وغياب الشفافية وانعدام المساءلة، في تنامي الفساد المرتبط هيكليًا بمدى النفوذ والاقتراب من موقع القرار في سنوات الحرب ليرتفع إلى مستويات قياسية عالميًا جعلت سورية ضمن البلدان الأعلى فسادًا في العالم.
فقد أصبح ترتيب سورية في تقرير منظمة الشفافية الدولية في آخر السلم، أي باتت سورية الدولة الأكثر فسادًا في العالم اليوم.
وفي المقابل استثمر النظام الفساد وظيفيًا في مستويات متعددة؛ منها إحكام القبضة على المقربين منه لضمان عدم خروجهم عن النسق الخاص به، ومنها تعويم الفساد اجتماعيًا، وإحالته إلى الطبيعة المجتمعية وعوامل التربية الذاتية للتهرب من مسؤولياته في محاربة الفساد، وانعدام سلطة القانون، وتوازن السلطات.
9- بالتوازي مع استمرار الفساد فوتغوله ي بيئة النظام، افتقرت بنى المعارضة، وقوى الأمر الواقع الخارجة على سيطرة النظام إلى النزاهة والشفافية، وغياب شبه كلي للقانون ومرجعياته الواضحة، وافتقرت إلى آليات المحاسبة، واتسمت بعدم استقرارها العسكري والزمني، ليجد الفساد فرصه المواتية في تلك التقلبات.
10- مع استعادة النظام مساحات واسعة من سورية بمساعدة الروس، ارتفع منسوب الفساد في مناحي الحياة العامة كلها، لتصل سورية بقيادة أمراء الحرب الجدد الذين تصدروا المشهد، إلى رأس قائمة الدول الأكثر فسادًا في العالم.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل

المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى