عقد أكاديميون يوم الإثنين ندوة ثقافية حملت عنوان “آفاق الواقع السياسي” في قاعة المؤتمرات بجامعة الشمال الخاصة قرب مدينة سرمدا شمالي إدلب، بدعوة من كلية العلوم السياسية في الجامعة.
وتناولت الندوة المنعقدة بحضور أكاديميين وباحثين وطلبة جامعيين ثلاثة محاور رئيسية، وهي “الدور الفرنسي في خلق النزعة الانفصالية في منطقة الجزيرة السورية والطرق الدولية وآثارها في الصراع على سوريا ومستقبل الوجود الروسي في سوريا”.
وحاضر في المحور الأول الدكتور كمال عبدو، دكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر من جامعة دمشق وحالياً أستاذ في جامعة إدلب قسم التاريخ وأستاذ محاضر في كلية العلوم السياسية جامعة الشمال الخاصة، وفي المحور الثاني الدكتور عبادة تامر، دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة دمشق وحالياً نائب عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشام العالميّة، وفي المحور الثالث تحدث الأستاذ إياد زيدان، ماجستير في العلاقات الدولية جامعة حلب وحالياً محاضر في جامعة الشمال الخاصة.
الدور الفرنسي في خلق النزعة الانفصالية في منطقة الجزيرة السورية
حول المحور الأول يقول الدكتور “كمال عبدو” في حديث لموقع تلفزيون سوريا، إنّ لفرنسا دورا كبيرا في إعادة إعمار منطقة الجزيرة السورية من خلال المشروعات الصناعية والزراعية والتجارية، فضلاً عن استقبالها عدداً كبيراً من المهاجرين الأكراد والمسيحيين، إنما لم يكن الدافع إنسانياً كما الظاهر، بل استخدم هذا الدور والورقة كما تبين لاحقاً للضغط على الأتراك، وكذلك إشعال فتيل الصراع الكردي ـ العربي أيضاً، وكذلك فتحت الاكتشافات النفطية أعين الفرنسيين على مقدرات منطقة الجزيرة السورية.
ويضيف “عبدو”: “النزعة الانفصالية التي تشهدها منطقة الجزيرة السورية اليوم بدعم أميركي، شبيهة بالنزعة الانفصالية التي خلقتها فرنسا سابقاً، وتكرار حرفي في الإدارة الذاتية والسيطرة العسكرية والهيمنة على النفط والغاز والفوسفات، وأيضاً للضغط على تركيا كما يتم الآن بعد 100 عام”.
ويعتبر أنّ تركيا كشفت مخطط الفرنسيين وخفاياه سابقاً ولذلك اشترطت خلال الاحتلال الفرنسي توطين الكرد والمسيحيين على مسافة 50 كيلو متراً ضمن الأراضي السورية، وهي ذات المطالب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلو متراً على الأراضي السورية لإبعاد قوات سوريا الديمقراطية وتوطين اللاجئين السوريين”.
وحول أبعاد الدعم الأميركي لـ “قسد” والمشروع الانفصالي، اعتبر “عبدو” أن السبب هو ضرب مراكز القوة في المنطقة، ومنع النفوذ التركي في المنطقة سواء بالبحر الأبيض المتوسط أو سوريا والعراق، والعقوبات الغربية المستمرة تعكس ذلك.
وتوقع “عبدو” أنّ الواقع السوري ذاهب للاستقرار، وربطه بالإرادة الدولية وجهودها في سبيل تحقيق ذلك.
الطرق الدولية وآثارها في الصراع على سوريا
في المحور الثاني، رأى الدكتور “عبادة تامر” أنّ الطرق الدولية (M4) و(M5) هي من أكثر المسائل التي شغلت رؤوس السوريين وتفكيرهم وخاصة بعد الحملة العسكرية الأخيرة.
وركز “تامر” خلال الندوة، على أهمية المنطقة جغرافياً والطرق الدولية بناءً على مفهوم (الجيوسياسية ـ الجيوبولتيك) وهو الذي يعتمد على الزمن الطويل في تحقيقه.
وأوضح خلال الندوة أنّ الطريق الدولية M4 هو أكثر أهمية من M5 وبكثير، وتريد روسيا تأمينه لزيادة قوتها ونفوذها في المنطقة كما حال الدول، في وقتٍ تحاول فيه الولايات المتحدة الأميركية كبح ذلك.
وتحاول روسيا وصل بحر قزوين عبر إيران عبر شمال العراق عبر سوريا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، ومن أجل ذلك تريد السيطرة على الـ M4، وبذلك لا تكون حبيسة أي دولة، بحسب “تامر”.
وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة لا ترغب بهذه السيطرة، ويظهر ذلك جلياً من خلال الاحتكاك الحاد والتوترات في مناطق شرق الفرات بين الدوريات الروسية والأميركية، بما ينسجم مع التوجهات التركية في ذلك.
مستقبل الوجود الروسي في سوريا
حول المحور الثالث، قال “إياد زيدان” في حديث لموقع تلفزيون سوريا إنّ روسيا تأخذ دور المحتل للبلاد، ولذلك تمّ تناول موضوع الوجود الروسي في سوريا.
وأضاف أنّ “التدخل الروسي كان بناءً على طلب من نظام الأسد وإيران بعد الانتصارات التي حققها الثوار السوريون والفصائل، بمباركة مجلس الاتحاد الروسي الذي اعتبر أنّ الأمن القومي الروسي يبدأ من دمشق”.
وأشار إلى أنّ المحور ركز على أهداف التدخل الروسي في سوريا، الذي كان في العلن لحماية النظام من السقوط والتهاوي بعيدًا عن شخص رأس النظام بشار الأسد.
ومن ضمن سيناريوهات آفاق الواقع السياسي في سوريا، تناول “زيدان” في السيناريو الأول إبقاء مناطق السيطرة على شكلها الحالي بين مناطق سيطرة النظام وقوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا والمعارضة في شمال غربي سوريا وفي سيناريو آخر، استعرض سيناريو الحسم العسكري الذي يتمثّل باجتياح إدلب.
وفي نهاية الندوة طرح الحاضرون عدداً من الأسئلة حول المحاور المتناولة، وبدورهم عقب المحاضرون عليها بإجاباتٍ في ختامها.
“بلال الغاوي” أحد الحاضرين قال لموقع تلفزيون سوريا، إنّ المواضيع المتناولة فتحت أذهاننا لكثير من المفاصل الحساسة في الشأن السوري ووسعت مداركنا حولها، إذ إنها كانت مهملة تماماً.
الدكتور “رياض وتار” نائب رئيس جامعة الشمال للشؤون الإدارية، أوضح لموقع تلفزيون سوريا أنّ الندوة جاءت ضمن مساعيها لنشر الوعي الثقافي بين الناس، وإضافة أفكار جديدة راهنة وساخنة تتعلق بالشأن السوري.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا