“عندما تكون الثورة كُلّها بشعار واحد يصبح الشعب كُلّه معها بقلب واحد، وعندما تصبح الثورة مؤتمرات ومشروعات وشعارات يصبح الشعب كُلّه في الشتات”، هي كلمات المناضل والسياسي الوطني بسام بصلة، قبل رحيله بأيام، وهو السوري الذي هتف للثورة منذ انطلاقتها، وعمِل لأجلها؛ فكان صورة للكفاح المدني في سبيل نُصرتها وأهلها.
بسام بصلة، المُكنّى بـ “أبو فاروق”، من مواليد مدينة التل في ريف دمشق، كان مناهضًا للنظام قبل الثورة، وعضوًا قياديًا، وفاعلًا في حزب “الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي” المُعارض، وبعد اندلاع الثورة، ظهر ولاؤه الحقيقي لأفكاره، وبرهن على ثباته ومبدئيّته، فرفض الخروج من أرض الوطن، على الرغم من كل المضايقات والملاحقات التي تعرّض لها خلال ثلاث سنوات.
رفع شعار المواطنة والديمقراطية؛ ليكون نواةً جامعة لكل الوطنيين الذين يحلمون ببناء دولة العدل والمساواة، وشكّلت أفكاره وإصراره على زرع قيم الثورة في عقول الشباب مصدر ذعر ورعب لجلاوزة النظام؛ فداهموا بيته واعتقلوه.
لم يدّخر يومًا، جهدًا في دعم الثورة والثوار، والمشاركة في جميع الفاعليّات الثورية، وكان يردُّ على من يطلب منه الخروج :”إن لم نتحرك في الداخل لن نصنع شيئًا في الخارج، إن لم نصرخ حرية في داخل بلدنا، وساعدنا النازح واليتيم والمشرّد، فما قيمة عملنا”.
كان له بصماته الواضحة في الحراك الثوري في مدينة التل، التي وصل مداها إلى أنحاء مختلفة من الريف الدمشقي الواسع.
على الرغم من أن عيون النظام وجواسيسه كانت مفتوحة عليه، قبل الثورة؛ لنشاطه السياسي الجريء، فإنه لم يبالِ بذلك، وبقي مواظبًا على الخروج في المظاهرات، والهُتاف مع الشباب للحرية والكرامة، والمشاركة الفاعلة في أي عمل يخدم الثورة.
من آخر ما كتبه “كنا نعيش في مستنقع، سطحه صافٍ يعكس لون السماء، فلما دخل نهر الثورة إليه بدأنا نرى كل الأوساخ والبكتريا والعفن الموجود فيه، فأصبحنا نعلم أين كنا نعيش، ومع ذلك؛ فبعضنا يود العودة إلى المستنقع! على الرغم من كل ما نحن فيه من إحباطات وتشرذم، إلا أننا أفضل بكثير مما كنا فيه، لأننا -على الأقل- تعرّفنا إلى الواقع الذي كنا نعيشه قبل الثورة، وعملية التنظيف لا بد من أنها ستأخذ وقتها، وعلينا أن نتحمّل النتائج لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة”.
استُهدف في مدينته التل بريف دمشق برصاصات غادرة “مجهولة المصدر”، ليقضي مُتأثّرًا بجراحه في الرابع عشر من شباط / فبراير 2014.
المصدر: جيرون