تحدث نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام ( رحمه الله ) الينا في باريس عن اسرار رفض حافظ الاسد التوقيع على اتفاقية صلح مع اسرائيل مقابل تنازل اسرائيل عن 98 بالمئة من الجولان فقال:
انه سأل الاسد عن سبب رفضه هذه الصفقة المجزية فقال له الاسد ان عدداً من كبار ضباطه سألوه السؤال نفسه فكان رده عليهم حاسماً :
انا لا استطيع كعلوي ان اتحمل وان احمل العلويين في سورية عبء اتفاق سوري مع اسرائيل ، فغداً سيقول السوريون ان العلويين خونة وانهم اتفقوا مع اسرائيل ..
في مجلس خاص تحدث الرئيس المصري الراحل عن وساطته بين حافظ الاسد واسحق رابين بعد ان اشتكى الاخير لمبارك من ان الاسد حصل على كل ما يريد وسيعود اليه الجولان كاملاً لكنه يرفض ان يفتح سفارة لإسرائيل في دمشق، ماذا ؟ هل يريدني ان ازور
دمشق لآكل القمر الدين من سوق الحميدية؟ ارجو ان تبلغه ان رابين لا يحب القمر الدين…
نقلت هذه الواقعة لأبو جمال فضحك اول الامر ثم قال جاداً:
يا ابو علي (وهي الكنية التي كان يناديني بها على الرغم من لفتي له بأنني ابو أحمد) الرئيس حافظ قرأ تجربة انور السادات بعد توقيع مصر اتفاقية كامب ديفيد وشاهد كيف سمح السادات بعدها بالانفتاح الاقتصادي ثم بالانفتاح السياسي وكيف انشأ المنابر الحزبية ثم سمح بإنشاء احزاب وهمش الاتحاد الاشتراكي العربي وسمح بإنشاء الصحف التي امتلكت مساحة من الحرية وصارت هناك اراء اخرى في مصر مكتوبة ومعلنة ومشروعة … هذا كله لا يسمح به حافظ ولا يطيقه خصوصا بعد ان كبرت الانا عنده وما عاد يتحمل اي نقد او راي آخر
يتابع خدام: صار حافظ اسير التقارير التي تصله من اجهزته الامنية خصوصاً تلك التي تكتب ضد بعضها البعض، كانت هذه متعته المفضلة وكان يقرؤها ويضحك، وكان يقرأ بعضها امامي او يحدثني هاتفياً ليقرأ وهو يقهقه، ليقول: اسمع ماذا يقول هذا الخسيس، وهو يقصد أحد قادة اجهزة الامن ضد زميل له قد يكون قائداً لجهاز امن آخر.
كان الرئيس حافظ يسعد ويضحك من تقارير الاجهزة الامنية اذا كانت تحمل اخباراً شخصية او عائلية او نسائيةً عن اي كان، اما اذا كانت التقارير تحمل اخباراً عن رأي لمعارض ناقد له او لقرار اصدره او لحديث ادلى به او نقداً لاحد افراد اسرته او عائلة الاسد فإنه كان يظهر وجهه الآخر فيتجهم ويتصل بالجهاز المعني بمتابعة هذا المعارض ليطلب منه عمل اللازم..
قال خدام رداً على سؤالي: ما هو اللازم ابو جمال؟
يكشف خدام ان حافظ كان يعطي فرصة واحدة للمعارض الذي ينتقده او ينتقد النظام فيبلغه ضابط الامن ان عليه ان يمتنع عن تكرار نقده، فإن فهم الرسالة وتوقف انتهى الامر هنا اما إذا عاد الى نقده فسينتهي به الامر الى سجن طويل كما حصل مع المعارض التاريخي رياض الترك الذي سجن 18 سنة لأنه كرر نقد حافظ بعد تنبيهه.
يختم خدام:
الرئيس حافظ لم يكن ليقبل ان يحصل في سورية من انفتاح كما حصل في مصر بعد الصلح مع اسرائيل وهذا هو سبب عدم عقد اي اتفاق مع اسرائيل…
المصدر: مجلة الشـراع