لا جدال في أن الانحياز الأميركي للكيان الصهيوني متواصل منذ عام 1948 من قبل الادارتين الجمهورية والديمقراطية. مما يثير ريبة مشروعة في قانون قيصر لصدوره في أميركا. إن قانون قيصر سبق أن قدم مشروعه نواب عديدون في عام 2016 في ولاية الرئيس الديمقراطي أوباما. بهدف (وقف قتل الشعب السوري بالجملة وتشجيع التوصل لتسوية سلمية عبر التفاوض، ومحاسبة منتهكي حقوق الانسان السوري على جرائمهم).
وإن الادارة الجمهورية في عهد الرئيس ترامب في السنوات الماضية بدعم الحركة الانجيلية المتصهينة، عمقت هذا الانحياز الى انحياز مطلق بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان وبقرار ضم الأراضي التي بنيت عليها المستوطنات في الضفة الغربية. وبضم غور الأردن وبسط سيطرته على مرتفعات الجولان وبإعلان صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية، متجاهلة قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة والتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني بثوراته المتواصلة وانتفاضاته المستمرة في الداخل وفي الشتات. وقد أقره الكونغرس بمجلسيه، في عهد الرئيس ترامب قبل سنتين. ووقع عليه في أواسط شهر حزيران 2019. وبدأ تنفيذه بتاريخ 17حزيران الماضي بعنوان قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين.
والسؤال المشروع هو: كيف يصدر قانون لحماية المدنيين عن إدارة منحازة كليًا لكيان معاد للشعب السوري؟
في تقديري، أن القانون صياغة وصناعة سورية من الاسم الرمزي (قيصر) للضابط او الشرطي العسكري الذي انشق عام2013 محتفظًا بملف ضخم لمئات آلاف المعتقلين تحت التعذيب الوحشي.
وجهود السوريين الامريكيين من نواب في مجلس النواب ومجلس الشيوخ في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ناشطين ونافذين واعضاء في منظمات حقوق انسان وهيئات مجتمع مدني اميركية سورية واميركية وناشطين حقوق انسان سوريين في أوربا اضطروا للهجرة من سورية حفاظا على حياتهم وحياة اسرهم، تابعوا ما يجري في سورية واعدوا ملفات موثقة عن جرائم ضد الانسانية، ساندتهم منظمات حقوق انسان ومنظمات مجتمع مدني اوربية وعالمية بالإضافة لتعاون نواب ديمقراطيين وجمهوريين في المجلسين، عقدوا جلسات سماع لناشطين سوريين وشهود عيان. بما فيهم قيصر، واستعرضوا صور التعذيب في جلسات طويلة، كل ذلك شكل رأيا عاما شعبيا في أميركا وفي دول الاتحاد الاوربي والعالمي.
يستهدف القانون الحلقة الضيقة في قمة النظام ومجموعة التجار الموالية والمتعاملة معها والمستفيدة منها والرموز السياسية والعسكرية والامنية المدرجة في القوائم.
ومن يتعامل معهم والدول المتعاملة مع النظام او التي تطبع معه ولو كانت حليفة لأميركا كما ان إيران مستهدفة كحليف للنظام والميليشيات التابعة لها. والعمل على انهاء وجودها والضغط على الشركات الروسية والصينية وغيرها التي تتعامل مع النظام.
تقييم دور البنك المركزي في عمليات غسيل الاموال، وتوسيع الحظر على قطاعات التكنولوجيا والبترول ومعدات الطيران والمعاملات مع الحكومة لمنع استخدام هذه الموارد. لاستهداف المدنيين، حماية حقوق المدنيين السوريين بمنع عمليات الاستيلاء واعادة البناء على املاك المهجرين، زيادة الرقابة على العمليات الانسانية داخل سورية…عن.. حرف المساعدات عن الوصول لمستحقيها (مقال رئيس تحالف المنظمات الاغاثية السورية الامريكية د. احمد طرقجي لصحيفة القدس 24/٦/2020.
وحول تأثير العقوبات على الدولة السورية والشعب السوري : ان سورية مدرجة على قائمة الارهاب والعقوبات الدولية منذ نهاية السبعينات في عهد الاب ثم عبر قانون (محاسبة سورية) في عهد الاسد الابن وتم رفع الاجراءات لأسباب عديدة الى مستوى اعلى بقانون قيصر لتوفر أدلة جديدة عديدة وموثقة يقيد حركة السلطة التنفيذية ويطال جهات سورية او غير سورية تخرق بنوده ويجعل النظام ( في حالة عزلة ) تحول دون اقامة صلات معه او استئنافها من دول اخرى ولابد ان تنعكس اثاره سلبًا على الاحوال المعيشية لأكثرية واسعة تحت خط الفقر تزيد عن نسبة ثمانين بالمئة أفقرها النظام بسياسات النهب واللبرلة وتتفاعل لديها عوامل الانفجار والمطالبة برحيله، والمحظور الآخر هو استمرار العقوبات بعد التغيير المحتمل عبر العملية السياسية التفاوضية في ضوء ما حدث في العراق وليبيا.
ثمة من يعتبر ان الهدف الاميركي من قانون قيصر تغيير سلوك النظام وليس تغييره من جهة وربط رفع العقوبات المفروضة بموجبه بموافقة الجار (الاسرائيلي) وينسحب ذلك على موقف واشنطن من الحل السياسي التفاوضي وفقًا لبيان جنيف1والقرار2254.
ويستند في ذلك الى تصريحات المبعوث الدولي الخاص الى سورية المسؤول ونائبه السيد جويل دون ان يطلع على تفسيرهما لاستخدام تغيير سلوك النظام. كما ورد في مقال الاعلامي ابراهيم حميدي للشرق الاوسط 20/6/2020.
إن مبدأ (تغيير الانظمة) التي رفعته الادارات الأميركية السابقة في العراق وفي ليبيا لا يحظى بدعم داخلي من الشعب الامريكي وتم استبداله بمبد أ (تغيير سلوك النظام) عبر مطالبته بشروط ان طبقها او طبق بعضها ينهار النظام، والشروط المطلوبة منه __اخراج إيران من سورية، التوقف عن رعاية الارهاب، وعن دعم حزب الله، والتخلي عن السلاح الكيماوي، وان لا تشكل تهديدا لجيرانها، وتوفير شروط عودة النازحين واللاجئين، محاسبة مجرمي الحرب ومساءلتهم ” والعمل لتنفيذ القرار الدولي 2254. وتنفيذ هذه الشروط صارت ملزمة للحكومة الحالية، واي حكومة مقبلة وتنفيذها يعني تغيير النظام.
وتنفيذ القرار الدولي يلزم حكومة النظام بتنفيذ اجراءات بناء الثقة بإطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين وبيان مصير المفقودين والاسرى منذ2011حتى صدور قانون العفو العام من جهة وتشكيل هيئة حكم غير طائفي وتوفير بيئة حيادية آمنة من جهة ثانية اي انتقال سياسي. ويعزز ذلك تأكيد وزير خارجية الاتحاد الروسي لافروف على أهمية التطبيق الكامل للقرار2254 بما يضمن تسوية الوضع في سورية دون تدخل خارجي وان بلاده ترحب بدور عربي فاعل بهذا الاتجاه.