
أصدر رئيس اتحاد الكتّاب العرب في سوريا، الدكتور أحمد جاسم الحسين، قرارًا بإقالة رئيس تحرير جريدة “الأسبوع الأدبي” حسن قنطار، على خلفية منع نشر مقال للكاتب محمد منصور بعنوان “ثقافة الإلغاء والدمج: وداعًا مجلاتنا”، وهو ما أثار عاصفة من ردود الفعل داخل الوسط الثقافي السوري بين مؤيدين ومعارضين للقرار.
مضمون المقال المثير للجدل
في مقاله الذي لم يُنشر في المجلة بل نشر في العربي القديم، انتقد الكاتب محمد منصور رئيس الاتحاد وتناول ما اعتبره خطوة خطيرة من اتحاد الكتّاب تتمثل في إلغاء جميع المجلات الثقافية التي كان يصدرها الاتحاد وهي: الموقف الأدبي، التراث العربي، الآداب الأجنبية، والأسبوع الأدبي، ودمجها في مجلة واحدة مع موقع إلكتروني.
وانتقد منصور القرار بوصفه “تخليًا عن الإرث الثقافي السوري” الذي يمتد لعقود، مشيرًا إلى أن القرار اتُّخذ “بموافقة أربعة أعضاء فقط من أصل تسعة، وهو ما لا يمثل النصاب المطلوب في المكتب التنفيذي”
كما استعرض المقال تاريخ المجلات الثقافية العربية التي صمدت أمام التحولات السياسية الكبرى، مثل الهلال وروز اليوسف في مصر، ومجلة المضحك المبكي في سوريا، لافتًا إلى أن المجلات الثقافية ليست مجرد منشورات، بل “ذاكرة فكرية تشهد على تطور الوعي العربي”.
وختم منصور مقاله بالقول إن التاريخ “سيحكم بقسوة على من يبدأ عهد التحرير بإلغاء رموز الثقافة السورية”، داعيًا إلى تطوير الخطاب الثقافي بدل إلغاء منابره.
تضارب في الروايات
بعد صدور قرار الإقالة، قال اتحاد الكتّاب في بيان رسمي إن رئيس التحرير “منع نشر المقال بما يتعارض مع مبادئ حرية التعبير التي يمثلها الاتحاد”، مؤكدًا أن الاتحاد “ألغى الرقابة المسبقة على المواد المنشورة” وأن “السلطة القضائية هي الجهة المختصة في أي تجاوزات”.
لكنّ أطرافًا عدة من الكتّاب والمثقفين السوريين اتهمت الاتحاد بعدم الشفافية، وقالت إن المنع جاء من رئيس الاتحاد نفسه، وليس من رئيس التحرير.
وأكد محمد منصور، لموقع تلفزيون سوريا، أن “الدكتور أحمد جاسم الحسين هو من اتخذ قرار المنع، قائلا “أبلغني عبر رئيس التحرير أن بإمكاني نشر المقال في أي مكان آخر”.
وأضاف أنّ قرار إقالة رئيس التحرير ليس من صلاحيات رئيس الاتّحاد بل من صلاحيات حجلس الإدارة بالكامل.
من جانبه قال رئيس التحرير، حسن قنطار، لموقع تلفزيون سوريا، إنه لا علاقة لع بإلغاء مقال السيد محمد منصور، فمن منع نشره هو رئيس الاتحاد شخصيا، بحجّة انّ المقال جريء.
وأضاف أنّه تفاجأ بقرار إقالته حين قرأه على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إذ لم يخضع القرار للإجراءات الإداريّة الصحيحة.
تضامن وانتقادات واسعة
عدد كبير من الكتّاب والمثقفين أعلنوا تضامنهم مع قنطار، معتبرين أن القرار “تعسفي وغير قانوني”، وأنه “يعبّر عن شللية وصراع نفوذ داخل الاتحاد”.
وقال أحد الكتّاب: “لا لتصفية الحسابات باسم الحرية، فالاتحاد يجب أن يكون منبرًا لكل الأصوات، لا ساحة للخصومات”.
فيما دعا آخرون إلى مراجعة القرار، مطالبين باتحاد “يُعيد الاعتبار للكاتب السوري، ويفتح الأبواب أمام ثقافة حرة ومسؤولة”.
أزمة حرية أم خلاف إداري؟
القضية التي بدأت كموقف من نشر مقال، تحولت اليوم إلى نقاش أوسع حول مستقبل المؤسسات الثقافية في سوريا:
هل يُسمح بنقد قرارات الاتحاد من داخله؟ وهل يمكن الدفاع عن “حرية التعبير” بقرار إقالة إداري؟
بينما يؤكد اتحاد الكتّاب أن خطوته تهدف إلى “ترسيخ الحرية والمسؤولية الفردية للكاتب”، يرى مثقفون أن ما حدث يكشف عن أزمة عميقة في آليات إدارة الشأن الثقافي السوري، حيث تلتبس الحرية مع الولاء، والنقد مع المعارضة.
المصدر: تلفزيون سوريا




