تصفح فيسبوكي صباحي 

أسامة الحويج العمر

اعتدت منذ فترة طويلة، وقبيل ذهابي إلى العمل على تصفح الفيسبوك لبضع دقائق.

الصفحة ١: وزير الدفاع الإسرائيلي يقول بانفعال: نحن نتعامل مع حيوانات… ينبغي على العالم أجمع أن يدرك بأننا نتعامل مع حيوانات…

الصفحة ٢: شاب أميركي يصور أصابع قدميه المطلية بألوان قوس قزح وهي تداعب كلبه الأسود أثناء مشاهدته مباراة البيسبول على شاشة التلفزيون.

الصفحة ٣: فيديو قصير يظهر طفل سوري لا يتجاوز التاسعة رث الثياب أشعث الشعر يبحث بين أكوام القمامة المنتشرة حول حاوية كبيرة عن شيء ما، وفجأة يظهر رجل نحيل خمسيني مضغته الحياة بأنيابها الحادة يحمل عصى غليظة يركض باتجاه الطفل وهو يصرخ  : يا كلب يا حقير ! يهرب الطفل باكيا ليختفي بين الأبنية في لحظات.

الصفحة ٤ : شابة شقراء جميلة تصور ساقيها الناعمتين على الفيديو تقول بانفعال موجهة كلامها للمشاهدين : أنا أربح من هذا العمل أكثر من عشرين ألف دولار شهريا توقفوا عن انتقادي…توقفوا عن انتقادي.

الصفحة ٥ : أشلاء ضحايا فلسطينيين متناثرة في الشوارع في أحدث قصف إسرائيلي على مدينة غزة…الصراخ والبكاء يمزقان عنان السماء.

الصفحة ٦ : متظاهرون في شوارع العاصمة الأميركية واشنطن يهتفون : يسقط يسقط حكم العسكر…لا للاستبداد…لا للنظام الملكي.

  الصفحة ٧  : مظاهرات حاشدة في عدة مدن أمريكية تهتف بصوت هادر: الله أميركا ترمب وبس… الله أميركا ترمب وبس… بالروح بالدم نفديك يا ترمب بالروح بالدم نفديك يا ترمب..

قائدنا إلى الأبد الرئيس المفدى دونالد ترمب.

الصفحة ٨ : محللون سياسيون سوريون من مختلف الطوائف يشتمون بعضهم بعضا على الهواء مباشرة بأقذع الشتائم والمذيع يقطع البث.

الصفحة ٩ : الرئيس الأميركي ترمب يقرر تغيير اسم الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتحاد الجمهوريات الأميركية الديمقراطية الشعبية العظمى ، ويعلن البدء بتأليف كتاب يحمل عنوان : الكتاب الأسود ، سيكون دستورا جديدا للدولة الجديدة.

الصفحة ١٠ : انتشار عشرات الحواجز الأمنية في مختلف المدن والقرى الأميركية لتفتيش الناس والقبض على المعارضين الخونة الذين يأتمرون بأوامر خارجية بهدف تدمير البلاد .

الصفحة ١١ : سجينة أمريكية تجلس في قاعة المحكمة بجانب المحامي متهمة بقتل أطفالها الثلاثة تهجم فجأة على القاضي بعد نطقه بالحكم ، يندفع نحوها رجال الأمن ويرمونها أرضا وتعم الفوضى العارمة قاعة المحكمة.

الصفحة ١٢ : فتاة تنشر صورة ليدها وهي ترفع اصبعها الوسطى لتنهمر عليها آلاف الاعجابات والقبلات والقلوب وعبارات العشق والوله.

الصفحة ١٣  : رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو : القينا ١٥٣ طنا من القنابل على غزة يوم الأحد.

الصفحة ١٤ : فوز ناشطة فنزويلية مؤيدة لإسرائيل بجائزة نوبل للسلام وتهدي الجائزة للرئيس ترمب الذي يعمل على إحلال السلام في العالم.

الصفحة ١٥ : توتر في دبلن بعد احتجاج أمام فندق يقيم فيه طالبو لجوء يتحول إلى أعمال عنف شهدت اشتباكات مع الشرطة واحراق مركبة أمنية.

الصفحة ١٦ : شركة أمريكية رائدة في مجال التكنولوجيا تخترع جهازا يمكن الصاقه على الذراع يساعد الناس الذين يرغبون بإقامة علاقات جنسية عابرة خالية من أي التزامات في التعرف على بعضهم في الأماكن العامة ، وقد لاقى الجهاز رواجا منقطع النظير على الرغم من ثمنه المرتفع الذي يصل إلى ألف دولار.

الصفحة ١٧ : وزير الدفاع الإسرائيلي  : نحن نتعامل مع هؤلاء الحيوانات بمنتهى الجدية ولن نسمح لأحد بالمساس بأمن وسلامة إسرائيل ومواطنيها.

الصفحة ١٨  : شركة ألمانية مختصة بصناعة مستلزمات الكلاب قامت بصناعة عربة صغيرة مبطنة بعدة طبقات من الحرير الطبيعي يوضع فيها الكلب في حال شعوره بالتعب أو الإرهاق أثناء سيره مع سيده أو سيدته ، وتعمل الشركة على تطوير العربة لتوفير أقصى درجات الراحة والرفاهية للكلاب.

الصفحة ١٩ : اللاجئون الأميركيون يتدفقون إلى الحدود المكسيكية الكندية هربا من الحرب الأهلية التي اندلعت منذ أيام قليلة وسلطات البلدين تغلق حدودها في وجه اللاجئين.

الصفحة ٢٠ : العديد من اللاجئين الاميركيين يغرقون في المحيط الأطلسي أثناء محاولاتهم الهروب من الحرب الأهلية الطاحنة مستخدمين زوارق محلية الصنع.

المعارضة الأميركية تعلن عن تأسيس حكومة في المنفى.

الصفحة ٢١  : مسؤول أميركي كبير لوسائل الإعلام : كل من يجرؤ على انتقاد إسرائيل في حربها على الإرهاب في غزة وغيرها سيتعرض للاعتقال والمحاكمة بتهمة معاداة السامية.

الصفحة ٢٢ : الكلاب الضالة تأكل جثث أربعة شهداء فلسطينيين قتلوا في قصف إسرائيلي على مدينة غزة فجر هذا اليوم.

الصفحة ٢٣ : افتتاح مهرجان كان السينمائي هذا المساء وسط تغطية إعلامية كبيرة ونجوم العالم يبتسمون لكاميرات التصوير وسط إقبال جماهيري كبير على حفل الافتتاح.

توقفت عن التصفح بعد أن شعرت بالغثيان والرغبة بالتقيؤ وضعت جهاز الهاتف على الطاولة وطلبت من زوجتي إحضار دواء مضاد للإقياء، شعرت بالوهن والاعياء الشديدين وبقيت على هذه الحال لمدة لا تقل عن الساعة، ثم استغرقت في نوم عميق دون أن أتمكن من الذهاب إلى العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى