تنذر التطورات في الجنوب السوري بين قوات النظام والأجهزة الأمنية من جهة، وبين أهالي درعا، باندلاع ثورة جديدة في المنطقة.
التوترات التي بدأت في مدينة الصنمين شمال درعا، بعد محاولة قوات النظام اقتحام الأحياء الغربية منها التي تسجل تواجداً للمقاتلين السابقين في الجيش السوري الحر (فصائل التسوية)، لا زالت متواصلة.
الناطق الإعلامي في «تجمع أحرار حوران» أبو محمود الحوراني، أكد لـ»القدس العربي»، أن الوضع في الصنمين لا زال على حاله، إذ لا تزال قوات النظام تقصف الأحياء الغربية التي يتمترس فيها نحو 500 مقاتل، يرفضون اتفاق الجنوب السوري.
وأضاف أن «درعا تشهد منذ اتفاق الجنوب، حالات توتر ومناوشات محدودة بين قوات النظام وفصائل المصالحات»، مؤكداً أن غالبية المقاتلين هم من الرافضين لاتفاق تسوية الجنوب الذي تم التوصل إليه في تموز/يوليو 2018، برعاية روسية. مصدر من درعا، أكد لـ»القدس العربي» أن السبب المباشر للتوترات، هو رفض المقاتلين المشاركة في معارك إدلب ضد قوات المعارضة.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن أجهزة النظام السوري كثفت من حملات اعتقالها للشباب بغرض سوقهم إلى الخدمة الإلزامية، لتغطية النقص الكبير جراء الخسائر الكبيرة التي تكبدتها قوات النظام في معارك شمال غرب سوريا.
وحسب المصدر ذاته، فإن المقاتلين من أبناء الصنمين طلبوا الانتقال إلى الشمال السوري، غير أن النظام رفض طلبهم، ولا زال مصراً على الحسم العسكري، مشيراً في المقابل إلى دخول روسيا على خط التهدئة، معتبراً أن «التصعيد والتوتر لن يخدم روسيا، التي تعد الضامنة لاتفاق الجنوب السوري». وسرعان ما امتدت التوترات في الصنمين إلى مدن وبلدات عدة في عموم أرياف درعا، بعد استجابة الأهالي لنداءات الاستغاثة التي أطلقها أبناء الصنمين، وقام مسلحون بإطلاق النار على حواجز تابعة للنظام في مناطق عدة، فيما تمكنوا من أسر عدد من عناصر النظام في أكثر من منطقة.
وفي التفاصيل الميدانية، استهدف مقاتلون ليل الاثنين موقعاً للمخابرات الجوية في الحي الشمالي الشرقي لبلدة السهوة بريف درعا الشرقي، بالأسلحة الخفيفة وقذائف «RPG» .
وكذلك استولى مقاتلون على حاجز المخابرات الجوية بين مدينتي داعل وطفس بريف درعا الغربي، وأسروا عناصر قوات النظام المتمركزين على الحاجز، كما تمكنوا من أسر أربعة ضباط واستولوا على أسلحتهم بعد مداهمة مقر ضباط الفرقة الرابعة في بلدة سحم الجولان، في ريف درعا الغربي. وإلى جانب ذلك، قطع الأهالي معظم طرق المحافظة الواصلة بين المدن، بينما خرجت تظاهرة تضامنية في مدينة بصرى الشام، تضامناً مع أهالي الصنمين وإدلب.
المحلل السياسي، الدكتور نصر فروان، من درعا، قال لـ»القدس العربي»: إن جملة من العوامل الموضوعية والذاتية اللازمة لقيام ونجاح الثورة قد توفرت الآن في الجنوب السوري، وخاصة بعد عملية الفرز التي حدثت بعد سيطرة قوات النظام على الجنوب، منذ صيف العام 2018.
وأضاف أن الجنوب السوري، يعاني من انفلات أمني، واستفزازات تقوم بها أجهزة النظام الأمنية، إلى جانب الظروف الاقتصادية القاسية وحياة العوز، وغيرها من العوامل التي دفعت الأهالي إلى التململ من الأوضاع السائدة.
والأهم من كل ذلك، من وجهة نظر فروان، هو انتشار الميليشيات الطائفية المدعومة من إيران في الجنوب، والعبث في النسيج الاجتماعي ومحاولات نشر المذهب الشيعي استغلالاً للظروف الاقتصادية السيئة، وقال «إن كل ذلك خلق نقمة عند غالبية الأهالي في حوران». في المقابل لمح فروان إلى تحركات إقليمية ودولية لإعادة دعم المعارضة السورية من جديد، مشيراً في هذا السياق إلى لاجتماع الذي عقد منذ يومين في السعودية بين الوفدين الأمريكي والسعودي.
ويقسم اتفاق الجنوب السوري الذي وقع في تموز/يوليو 2018، درعا أمنيا إلى قسمين، الأولى تلك التي سيطرت عليها قوات النظام بالقتال في ريف درعا الشرقي في بداية الحملة العسكرية في حزيران/ يونيو 2018، وهذه المناطق جردتها قوات النظام من جميع أنواع الأسلحة، فيما تشكل المناطق التي عقدت اتفاقيات تسوية مع النظام برعاية روسية، القسم الثاني، وهذا القسم احتفظ بسلاحه الخفيف، من دون دخول النظام إلى مناطقه.
المصدر: القدس