المنتديات الثقافية، كفضاءات جديدة للحوار

حسين محمود 

شهدت الساحة السورية في الآونة الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بإنشاء المنتديات الثقافية، في محاولة لإيجاد فضاءات جديدة للحوار والتواصل بين النخب والمجتمع. وتأتي هذه المبادرات في ظل التحولات التي تشهدها البلاد، حيث يُنظر إليها كخطوة نحو تنشيط الحياة الفكرية وإعادة إحياء النقاش العام ضمن أطر منظمة وهادفة.

لكن يبقى السؤال المطروح: هل يمكن للمنتديات التي يُرخَّص لها في سورية الجديدة، وبالرغم من إيجابياتها، أن تكون بديلًا عن إصدار قانون لتشكيل الأحزاب السياسية وإعادة الحياة السياسية للمجتمع السوري؟

مفيدٌ إطلاقُ المنتديات الثقافية في المجتمع السوري من قبل الإدارة الجديدة لسورية، وآخرها منتدى المفكر الفلسطيني السوري سلامة كيلة رحمه الله. وقد تكون هذه المنتديات مساحة جيدة للحوار الديمقراطي، ولكن في المجال الثقافي فقط. غير أنّ السؤال المطروح: أليس من الأجدى أن تُصدر تلك الإدارة قانونًا لتشكيل الأحزاب في سورية؟ بذلك يكون إطلاق الحياة السياسية هو السبيل الأوفر حظًّا للوصول إلى الديمقراطية، من خلال حوارات سياسية قد تكون تشاركية مع السلطة الحاكمة، بدلًا من الاكتفاء بنشر المنتديات التي يُحدد دورها ومواضيعها البحثية سلفًا.

وأنا هنا لا أقلّل من الجهود التي تُبذل في جميع المنتديات، والتي تحاول مجالسها الإدارية العمل في حدود المسموح، بعيدًا عن أي نقد مباشر لممارسات الإدارة السياسية، لأن معظم — بل كل — تلك المنتديات ذات توجه ثقافي.

مع التأكيد على أمر مهم: إنّ المنتديات تساهم في إعادة تشكيل الوعي الجمعي لدى بعض النخب وحتى لدى المواطنين، ولو بشكل نسبي. هذا أولًا.

ثانيًا: لا يمكن لتلك المنتديات أن تكون بديلًا عن الأحزاب السياسية التي تهتم بالشأن العام وبشؤون الإنسان السوري من حيث معيشته وأمنه، والأهم من ذلك مشاركتها في إدارة البلد. وفي المقابل أيضًا، حتى لو شُكِّلت الأحزاب وصدر الترخيص لها، فلن تكون بديلًا عن المنتديات الثقافية، بل سيكون هناك دور مشترك بينهما في بناء الوعي المعرفي لدى المواطن، والتعاون على رفع مستوى التفكير لإيجاد حلول منطقية، بعيدة عن أي ضغينة طائفية، تخدم مصلحة سورية ومستقبل أجيالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى