لماذا وكيف سقط النظام الأسد الأب والابن المجرمين في سورية؟!. ١ من ٢

أحمد العربي

اعرف بداية انني باختيار هذا الموضوع أبدو وكأنني أعود للخلف الذي أصبح وراء الشعب السوري وادارته الجديدة التي ينصب اهتمامها الآن على ملاحقة فلول النظام البائد والحفاظ على الامن والامان للشعب السوري. وبداية العمل على إعادة ضخ أسباب الحياة في كل سورية التي خلفها النظام البائد خرابا على كل المستويات. ونتابع عمل سلطة الثورة الجديدة على خلق روابط ثقة وتواصل وتفاعل مع العالم والمحيط العربي والاقليمي. لتأكيد المشروعية والبدء في إعادة الإعمار.

الحقيقة ان ارادة صناعة الحياة الأفضل للسوريين والعمل الدؤوب لذلك ظهرت منذ اول يوم لسقوط النظام البائد.

مع ذلك وجدت انني مطالب لنفسي اولا ولمن تابعني عبر السنوات الثلاث عشر السابقة كناشط سياسي وناقد فكري وأدبي متابع للشأن السوري من موقع المنتمي للثورة واحد ابنائها وبهذا اعتز. مطالب ان اختم ماكتبت في الماضي عن كيفية إسقاط النظام البائد المجرم الذي ربض على سورية كالموت اثنين وستين عاما تقريبا. إذ بدأ حكم النظام بشكل حقيقي بعد انقلاب عام ١٩٦٣م. واصبح مطلقا بيد الأسد الاب عام ١٩٧٠ والابن بعده بدء من عام ٢٠٠٠م. وهذه عقود من الحكم أظهرت استحالة اسقاطه.

لكنه سقط…

نجيب في هذا النص عن السؤال:

لماذا وكيف سقط النظام السوري المجرم في ٨ كانون أول عام ٢٠٢٤م؟!.

اولا: لن نعود للوراء كثيرا فبعد جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية عام ١٩٤٦م. وحصول حرب مع الكيان الصهيوني الوليد في فلسطين عام ١٩٤٨م. وهزيمة الجيوش العربية ومنها الجيش السوري. ودخول الدولة السورية في سلسلة انقلابات عسكرية بدأها حسني الزعيم ثم سامي الحناوي ثم أديب شيشكلي الذي ترك الحكم عام ١٩٥٤م. لتدخل سورية بعدها في دوامة الاستقطابات الدولية بين الغرب الذي تتزعمه أمريكا والشرق بقيادة الاتحاد السوفييتي. وظهور جمال عبد الناصر كقائد عربي أسقط الملكية في مصر وحررها من الإنجليز عام ١٩٥٤م وأمم قناة السويس عام ١٩٥٦م وحارب محاولة احتلال قناة السويس من قبل فرنسا وانجلترا واسرائيل ولم ينجحوا بسبب مقاومة المصريين وتوافق أمريكي سوفييتي يومها.

منذ ذلك التاريخ تحول جمال عبد الناصر لقائد قومي عربي تحرري يفكر الجميع ان يفتحوا معه أبواب التواصل والعمل المشترك.

ثانيا: في سورية تواجدت قوى سياسية بعد الاستقلال تريد أن تنفذ رؤيتها لبناء المستقبل. وجد الحزب الشيوعي وكذلك الإخوان المسلمون والحزب القومي الاجتماعي وحزب البعث . وكان من أهم المتغيرات أن تم فتح المجال للالتحاق بالجيش لكل مكونات الشعب السوري. وهكذا دخل كثير من الأكراد و العلويّين والدروز والإسماعيليين والسنة بالطبع اغلبهم عرب كطلاب ضباط سيكونون ضباطا في جيش سورية في المستقبل. وكان دخولهم بدفع من احزابهم سالفة الذكر.

ثالثا: بعد الانقلابات السورية التي ذكرنا. بدأت سورية مرحلة ديمقراطية في الخمسينات لكنها لم تطل كثيرا فقد بدأت سورية تدخل في الاستقطابات كما ذكرنا سابقا بين محور الغرب ممثلا بالعراق ومحور الشرق ممثلا بالتوجه نحو مصر عبد الناصر. وهكذا ما ان جاء عام ١٩٥٨م حتى توافقت أغلب القوى السياسية والقيادات العسكرية السورية حتى توجهت لمصر والتقت الرئيس عبد الناصر وطلبت الوحدة بين مصر وسورية. وهكذا حصل .

رابعا: كان جمال عبد الناصر حساسا لموضوع الأحزاب السورية التي طالب بحلها كلها. وهكذا حصل. وكذلك ازاح الكثير من الضباط الحزبيين من سورية الى مصر ليمنع اي امكانية لأي عمل مضاد للوحدة. ولذلك تم إبعاد الضباط محمد عمران وحافظ الأسد وصلاح جديد واحمد المير وعبد الكريم الجندي من ضباط الجيش البعثيين الثلاثة الأوائل منهم علويون والاثنان الباقين اسماعيليين. ابعدوا الى مصر وهناك كونوا اللجنة العسكرية السرية لحزب البعث. التي سيكون لها دور لاحق في انقلاب ١٩٦٣م على الانفصال الذي حصل ضد الوحدة المصرية السورية عام ١٩٦١م.

خامسا: لقد توافق الشارع السوري الوحدوي مع كثير من الضباط الوحدويين السوريين على ضرورة إسقاط الانفصال عن مصر الذي حصل عام ١٩٦٢م وكانوا ضباط ناصريين وبعثيين وغيرهم. وبالفعل اسقط حكم الانفصال عام ١٩٦٣م. وكان الضباط البعثيين المنضوين في اللجنة العسكرية السرية يخططون لإقصاء الضباط الناصريين وتم تسريح المئات من الضباط او نقلهم للعمل ضمن القنصليات الدبلوماسية خارج سورية وتم إعادة الكثير من الضباط البعثيين المسرحين وتعيينهم في مراكز متحكمة في الجيش السوري كان منهم حافظ اسد وصلاح جديد وآخرين كثير منهم علويون.

سادسا: بدأ الانقلابيون حكمهم بإقصاء الضباط الناصريين والقيادات العليا الوطنية حيث حصل البعثيين ومن أصول علوية واسماعيلية ودرزية على المراكز المهمة في الجيش. ثم بعد ذلك عملوا على إقصاء القيادة السياسية لحزب البعث ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار من أي دور في الحكم. وتم ابعادهم مطلقا عام ١٩٦٦م. وخرجوا إلى العراق ليصبح البعث بعثين. ويستفرد  البعثيين بقيادة اللجنة العسكرية بحكم سورية. حيث اصبح حافظ الأسد وزيرا للدفاع وصلاح جديد أمينا عاما لحزب البعث وتم اقصاء محمد عمران وابعد الى لبنان ليتم اغتياله بعد استفراد حافظ الأسد بالسلطة عام ١٩٧٢م.

سابعا: سيتم تصفية مراكز القوى داخل اللجنة العسكرية ذاتها حيث سيتم إقصاء صلاح جديد نفسه بسبب خلاف في الرؤية السياسية بينه وبين حافظ الأسد و لأن الاسد كان يخطط أن يحكم سورية دون اي منازع.

لقد اختلف صلاح جديد مع حافظ الأسد حول مساعدة الفدائيين الفلسطينيين الذين كانوا تحت التهديد في الاردن. صلاح جديد يريد مساعدتهم وحافظ الأسد يريد تركهم لمصيرهم في مذابح أيلول الأسود ضحية الجيش الاردني. وصلاح جديد كان يريد حرب مقاومة لإسرائيل بعد احتلالها للجولان اثر هزيمة ١٩٦٧م . وبالفعل بدأت عمليات مقاومة هناك، كما أنه كان يرفض القرار الأممي ٢٧٢. أما حافظ الأسد الذي كان وزيرا للدفاع في هزيمة ١٩٦٧م. فقد قبل بالقرار ٢٧٢. الذي ينص على ان يجب ان يحل الصراع الاسرائلي السوري وفق شروط تفاوض يتابعها مجلس الامن. ولذلك كان يرفض حافظ الاسد اي عمل عسكري مقاوم في الجولان. واهم خلاف بين صلاح جديد وحافظ الأسد كان حول من يحكم سورية. وهكذا وصل الصراع للذرة وكل يتربص بالآخر. وانتصر الأسد بانقلابه على صلاح جديد الذي اعتقله الأسد وسجنه حتى ما قبل الموت بقليل.

ثامنا: نلتقط من السرد السابق بعضا من الاستنتاجات فهناك من أعطى انطباعا ان حافظ الاسد منسق مع الانكليز على أن يحكم سورية شرط ان يكون متوافقا مع الخطط الغربية في بلادنا العربية. وأنه قد “باع” الجولان للصهاينة حيث انسحب منها دون حرب عام ١٩٦٧م.

الاكيد ان حافظ الاسد كان يتصرف وفق توافقات مع الغرب والصهاينة ضمنا. ذكرنا موقفه من المقاومة الفلسطينية وصمته فعلا عن المذابح بحق الفدائيين في أيلول الأسود. وأنه قبل بالقرار الأممي ٢٧٢ المتعلق بحل ما نتج عن هزيمة ١٩٦٧م امام اسرائيل ودخول سورية في نفق عدم تطبيق هذا القرار الذي قبل به حافظ الأسد والذي يدعو لانسحاب إسرائيل من الجولان السوري الى حدود ٥ حزيران ١٩٦٧م. قبل الاحتلال الإسرائيلي للجولان يوم ٦ حزيران من ذلك العام.

ولم يتم أي تغيير في الواقع الفعلي على جبهة الجولان مع اسرائيل سوى تأبيد واقع الاحتلال إلا عبر الوصول لاتفاق وقف إطلاق النار وفض الاشتباك بعد حرب ١٩٧٣م  وذلك عام ١٩٧٤م على يد كيسنجر وزير خارجية أمريكا وقتها. تحرب تشرين التي كان مفترضا أن تكون تحريرية. لكن خسرت سورية مزيدا من الأراضي. وتم إعادتها مع مدينة القنيطرة المهدمة رمزيا وبجوارها بعض القرى مع تعهد حافظ الأسد بدوام وقف إطلاق النار على الحدود مع الصهاينة في الجولان. استمر عمليا أكثر من نصف قرن وحتى بعد سقوط نظام الاسد الابن أواخر عام ٢٠٢٤م. وبداية تحرش اسرائيلي بالحدود السورية مع الجولان المحتل.

لقد كان النظام السوري الساقط حامي فعلي للحدود مع اسرائيل كل هذه العقود من السنين. وهذا دور له نفهم من خلاله لماذا لم يكن يفكر الغرب والصهاينة بضرورة اسقاط نظام الاسد الاب والابن. حيث صرح كثير من القادة الصهاينة بعد ثورة السوريين على النظام السوري منذ عام ٢٠١١م. بانهم ضد اسقاط نظام الاسد.

وضاعت الجولان مع الوقت ونحن في عام ٢٠٢٥م.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى