اعتقلت سلطات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة الأميركية، ضابط المخابرات السورية السابق، سمير عثمان الشيخ، في مدينة لوس أنجليس في ولاية كاليفورنيا، خلال التاسع من الشهر الحالي، وذلك وفق ما أعلنته “المنظمة السورية للطوارئ – SETF” الاثنين، التي قدمت إلى السلطات الأميركية معلومات عن الضابط المذكور. واعتبرت المنظمة، التي تتخذ من العاصمة الأميركية مقراً لها، ذلك “انتصاراً مهماً في مسيرة العدالة”.
وأشارت المنظمة إلى أن الشيخ “متهم بعدة تهم، ويخضع للتحقيق بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبها في سورية”. وأضافت: “لقد أبلغت SETF الحكومة الأميركية بوجود الشيخ مطلع عام 2022، وتعاونت منذ ذلك الحين مع الجهات الأمنية والوكالات الأميركية المعنية، ما أدى إلى القبض على هذا المسؤول الرفيع في نظام الأسد، وسيضمن ذلك مثول الشيخ أمام العدالة قريباً لمواجهة التهم الجسيمة المنسوبة إليه في سورية”.
وشغل الشيخ، اللواء في جهاز المخابرات السوري، مناصب رفيعة في وزارة الداخلية، بما في ذلك رئاسة سجن عدرا المركزي وفرع الأمن السياسي في مدينة عدرا بريف دمشق، وكان مقرباً من ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة في قوات النظام السوري، وشقيق بشار الأسد رئيس النظام، حيث كان يتمتع بنفوذ كبير. وعلى الرغم من تقاعده في عام 2010، إلا أن الأسد أعاد تعيينه في عام 2011 محافظاً ورئيساً للجنة الأمنية في محافظة دير الزور شرقيّ البلاد لضمان قمع التظاهرات السلمية التي أطلقت شرارة الثورة السورية، بحسب المنظمة.
وأشارت “المنظمة السورية للطوارئ” في البيان، إلى أن فترة عمله في دير الزور اتسمت بالقمع الوحشي، بعد توليه المنصب مباشرة، حيث أمر الشيخ بقمع عنيف للتظاهرات السلمية، ودعا الجيش النظامي إلى محاصرة دير الزور وقصفها، كذلك شهدت فترة توليه السلطة عنفاً واسع النطاق، حيث قُتل واعتُقل وعُذب مئات الآلاف، وكان مسؤولاً عن عدة مجازر، بما في ذلك مجزرة الجورة والقصور التي راح ضحيتها أكثر من 450 مدنياً، إضافة إلى مجازر أخرى كمجزرة القبور، والنفوس، والقورية وغيرها.
وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ، بحسب ما جاء في البيان: “نحن فخورون ليس فقط بأننا وجدنا هذا المجرم الكبير، بل أيضاً بأننا عملنا بلا كلل مع الحكومة الأميركية لضمان القبض عليه ومحاكمته وفقاً لأقصى حد يسمح به القانون”. وقال السفير الأميركي السابق للعدالة الجنائية العالمية وعضو مجلس إدارة المنظمة، السفير ستيفن راب: “هذه هي القضية الأولى في الولايات المتحدة ضد من يُزعم أنه جلاد للحكومة (النظام) السورية، ومع العديد من القضايا في أوروبا، تظهر أنه لن يكون هناك إفلات من العقاب لجرائم نظام الأسد ضد شعبه”.
وعلم “العربي الجديد” أن الضابط الشيخ خرج مع عائلته إلى الأردن، ومن هناك أرسل زوجته إلى الولايات المتحدة، فتقدمت بطلب اللجوء، ثم حصلت على الجنسية لتستقدمه إلى الولايات المتحدة بحكم جنسيتها الأميركية عام 2020، قبل اعتقاله. وأشارت مصادر “العربي الجديد” إلى أن الشيخ عندما علم أن هناك منظمات تحرك ملفه في أروقة السلطات الأميركية لوضعه أمام القانون، حجز ذهاباً دون عودة إلى لبنان في العاشر من الشهر الحالي، لكنه اعتُقِل في التاسع من الشهر، أي قبل يوم من سفره. وتقوم منظمات سورية ودولية تعمل في أوروبا والولايات المتحدة، على ملف المساءلة وملاحقة مرتكبي الجرائم من ضباط النظام السوري، وقد أُوقِف العديد منهم، بالإضافة إلى تقديم بعضهم للمحاكمات في أوروبا.
من جانبها، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في بيان، اليوم الأربعاء، إنه خلال تولي الشيخ منصب محافظ محافظة، اجتاحت عناصر الجيش التابعة لقوات النظام السوري في أغسطس/ آب 2011 مدينة دير الزور لقمع الاحتجاجات الشعبية فيها، وخلال تلك الفترة ترأس فرع الأمن السياسي العقيد محي الدين هرموش، وفرع المخابرات الجوية العميد محمد طيارة، وفرع الأمن العسكري اللواء جامع جامع، وفرع أمن الدولة العميد دعاس العلي.
وبحسب شهادات الناجين من الاعتقال في محافظة دير الزور، وفق الشبكة، فإنه في العديد من الأحيان كان يتم تجميع المعتقلين في مبنى المحافظة قبل أن يتم نقلهم إلى مراكز الاحتجاز في المحافظة. ولفتت الشبكة إلى أن الشيخ كان “مسؤولاً عن الانتهاكات الفظيعة التي تقع ضمن صلاحياته، لأنه لم يعمل على منعها، بل ربما يكون طرفاً في إعطاء الأوامر، أو على الأقل غض الطرف عنها، كما لم يعمل على فتح أي تحقيق فيها، كل ذلك يجعل منه بحسب القانون الدولي شريكاً فيها”.
وأوردت الشبكة أبرز انتهاكات القتل، والاعتقال والاختفاء القسري والتعذيب التي سجلتها في المدة التي تقلد فيها الشيخ مناصب أمنية ومدنية في محافظة دير الزور منذ نهاية إبريل/ نيسان 2011 وحتى منتصف الشهر الأول من العام 2013، وتضمنت مقتل 3933 مدنياً بينهم 312 طفلاً و261 امرأة على يد قوات النظام السوري والمليشيات الموالية له، مشيرة إلى أن من بين الضحايا ما لا يقل عن 14 مدنياً من الكوادر الطبية وما لا يقل عن 13 إعلامياً.
كما وثقت الشبكة مقتل ما لا يقل عن 93 شخصاً، في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري في محافظة دير الزور خلال هذه الفترة، إضافة إلى اعتقال ما لا يقل عن 659 شخصاً، بينهم 31 طفلاً و19 امرأة، في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري في محافظة دير الزور.
المصدر: العربي الجديد
“وبشر الظالمين بظلمهم ولو بعد حين” ملاحقة أزلام نظام دمشق مستمرة، ألقاء السلطات الأمريكية القبض على الضابط السابق بنظام دمشق سمير عثمان الشيخ ، تدل على الموقف الأمريكي من النظام، وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان زودت وزارة العدل الأمريكية بحصيلة أبرز الانتهاكات التي مارسها أثناء عمله.