تحت ستار التحضير لعملية أمنية ضد خلايا تنظيم “داعش”، أقدمت قوات سوريا الديموقراطية “قسد” على تنفيذ مخططها القاضي بتفكيك قيادة مجلس دير الزور العسكري، وهو أحد مكوناتها العسكرية، بعد أسابيع من تصاعد التوتر بين الطرفين على خلفية اختلافهما حول العديد من القضايا التي يأتي في مقدمها تمثيل المكوّن العربي في الإدارة الذاتية، وحدود العلاقة مع قوات التحالف الدولي.
ويبدو أن جولة الاشتباكات بين الطرفين في العشرية الأخيرة من الشهر الماضي أقنعت قادة “قسد” بعدم جدوى الأسلوب العسكري في تحقيق مبتغاها، لذلك لجأت إلى “المكائد الأمنية” حيث أوهمت قائد مجلس ديرالزور العسكري أحمد خبيل الملقب بـ”أبو خولة”، أنه مدعو لحضور اجتماع مع القائد العام لـ”قسد” مظلوم عبدي في استراحة الوزير في الحسكة، وما إن لبّى خبيل الدعوة حتى حاصرته قوات “قسد” وقامت باعتقاله في خطوة تنذر بتصعيد التوتر في مناطق سيطرتها.
وكانت “قسد” قد أصدرت بياناً أطلقت من خلاله حملة “تعزيز الأمن” بهدف ملاحقة خلايا “داعش” في مدجينة الحسكة، الأمر الذي اشتبه على بعض المراقبين الذين ظنوا أن الأمر يتعلق بإجهاض محاولة فرار دواعش من سجن غويران.
وذكرت مصادر سورية معارضة أن “قسد” استدرجت قائد مجلس دير الزور العسكري، أحمد الخبيل “أبو خولة”، إلى قاعدة “عين الوزير” العسكرية في مدينة الحسكة وقامت بإعتقاله، كما حاصرت قادة آخرين من المجلس في حي خشمان المجاور وطالبتهم بتسليم أنفسهم، لكنهم رفضوا ذلك.
وأكد القيادي في “المجلس العسكري” جلال الخبيل خبر اعتقال “قسد” قائد المجلس إثر استدراجه لاجتماع في استراحة الوزير بعد اشتباكات مع المجموعة التي كانت برفقته في حي خشمان. القيادي الذي كان من بين المحاصرين، طالب في مقطع فيديو، التحالف الدولي بالتدخل، ودعا أبناء عشيرة العكيدات التي ينتمي إليها، إلى التحرك الفوري لمحاصرة مقار “قسد” والضغط عليها للإفراج عن القيادي والمجموعة المحاصرة في الحسكة، “حقناً للدماء”.
بدوره هدد أدهم الخبيل، وهو شقيق قائد “المجلس العسكري”، من سماهم “الدواعش الصفر” (في إشارة إلى “قسد”) بقلب الأوضاع على رؤوسهم من نهر الفرات إلى الجزيرة في حال “لم يتم إطلاق سراح المعتقلين فوراً”.
ولم يكن قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل وحده المستهدف في حملة “قسد” المباغتة، بل طالت غالبية قادة المجلس حيث داهمت قوات سوريا الديموقراطية مواقع ومنازل لـ قادة “مجلس دير الزور العسكري”، في أحياء العزيزة وخشمان والنشوة في مدينة الحسكة، إضافة إلى منازل لأفراد من عائلة الخبيل، فيما داهمت قوات خاصة من “قسد” منزل الشيخ حيدر عسكر الهفل في الحسكة بسبب تأييده السابق للمجلس العسكري.
وأكدت المصادر المعارضة أن حملة “قسد” أسفرت حتى تاريخه عن اعتقال ما يقارب عشرين قيادياً وعنصراً من أعضاء المجلس العسكري.
وبعد ساعات من انتشار خبر اعتقال أبو خولة تصاعدت حدة التوتر في محافظتي دير الزور والحسكة، حيث فرضت “قسد” على الفور حظر تجوال في بعض أحياء مدينة الحسكة وقطعت الطرقات الرئيسية فيها، وذلك لمنع وصول تعزيزات أو مناصرين للمجلس ومحاولة فك الحصار عن قادته.
قطع طرق
في المقابل، قام مقاتلون من مجلس دير الزور العسكري بقطع الطرق في أرياف دير الزور ومحاصرة بعض مقار “قسد” فيها، منها مقر لقوات “الكومندوس” في قرية الحصين. كما استولوا على حواجز عسكرية بينها حاجز البصيرة في ريف دير الزور الشرقي. وجاء ذلك بالتزامن مع حشد عسكري لمجلس دير الزور العسكري في كل مناطق ريف دير الزور، بهدف مهاجمة “قسد” في الحسكة خلال الساعات المقبلة وفك الحصار المفروض على قادة المجلس في حي خشمان، وفق تقرير نشرته شبكة “فرات بوست”.
وشهد الشهر الماضي اشتباكات مسلحة واسعة بين “قسد” من جهة ومجلس دير الزور العسكري من جهة ثانية استمرت لأيام عدة وسقط خلالها العديد من القتلى والجرحى، لكنها توقفت نتيجة وساطة قام بها التحالف الدولي بين الطرفين.
وأثناء جولة الاقتتال اتهم الخبيل قيادة “قسد” بتعيين ما سمّاه “مفوضاً سامياً” في دير الزور للتحكّم بمصير المنطقة، وقال إنّه أعطى تعليماته لجميع عناصره بالاستنفار استعداداً لمواجهات مقبلة وصفها بحرب خارجية وداخلية مع أطراف عدّة يختلف معها ومن بينها قيادة “قسد” و”قوات الأسايش” التابعة لها ومع “الإدارة الذاتية الكردية”.
وهاجم المندوبين الساميين المعيّنين من “قـسد” في المنطقة روني وباران واصفاً إيّاهما بالمحتلين.
وكشف الخبيل أنّ “قسد” تحاول أن تفرض عليه الكثير من الأمور التي لا يقبل بها، مثل العودة إلى حضن الدولة السورية أو التصالح مع تركيا، وأنّ بين المنتمين إلى “قـسد” من وصفهم بالخونة، مهدّداً بفضح الكثير من الأمور الأخرى إن لم يتمّ حلّ مشكلاته كتلميح إلى طي قرار عزله المزمع إعلانه.
وأكّد أنّ الوضع مقبل نحو حرب سيخوضها مع العشائر ضدّ من يخونون القضية التي يعمل من أجلها، وسيستهدف من اعتبر أنّهم يقفون ضدّه ويتلونون وفق مصالحهم، وستكون حرباً طاحنة لا تنتهي إلاّ بانتهاء أحد طرفيها.
المصدر: النهار العربي