عبد الإله بلقزيز. كاتب سياسي مغربي متميز. كتب عن التاريخ العربي الإسلامي والمعاصر ايضا. له كثير من الكتابات الفكرية. أما تجربته الأدبية فهذه الاولى التي نطلع عليها
.رواية الحركة تتحدث عن (حركة 20 فبراير المغربية عام 2011م) التي واكبت الربيع العربي وكانت جزء من الربيع المغربي..
.تبدأ الرواية من أحمد الرجل الخمسيني الموظف المسالم الذي يعيش حياته بعيدا عن السياسة بصفتها من منغصات الحياة ومصائبها. احمد الذي علم أن ابنه حسن قد انخرط في نشاط (الحركة) التي بدأت تطرح مطالب التغيير الديمقراطي بالمغرب اسوة بتونس ومصر. واصدم احمد مع ابنه ومما ادى لمغادرة حسن للبيت
.حسن الشاب العادي الذي لم يكن له ميولا سياسية ولم يكن يهتم اصلا بذلك. تأثر كما غيره من الآلاف بما حصل بتونس ومصر وبقية بلاد الربيع العربي. وتحركت داخله نوازع العمل لتحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. في نسختها المغربية انصب النشاط على الدعوة لبناء ملكية برلمانية. فيها ملك يملك وبرلمان يحكم. على طريقة بريطانيا واسبانيا وغيرهم
.حسن جزء من مجموعة شباب وفتيات أغلبهم طلاب جامعيين التقطوا شرارة التغيير و شكلوا تنسيقية تعمل لتصعيد الحراك وتطويره وقيادته. حسن وايمان ونبيلة ووليد وامجد وتوفيق.. وغيرهم شباب يتبادلون الرأي دوما بكيفية التصرف ومحاولة الإجابة عن السؤال ما العمل. ؟ امام اي تجمع او تظاهر او خروج اعلامي او اي حالة تحالف مع الناشطين سواء فعاليات او افراد او احزاب…
.المجموعة التنسيقية المكونة من حسن ورفاقه. منابتها الفكرية والسياسية مختلفة. بعضها دون خلفيه سياسيه كحسن والبعض من عائلات يسارية. والبعض من مجموعات العمل المدني وحقوق الانسان. الكل له رواسبه و رؤاه في قراءة الحدث وكيفية التصرف به. وهم بذلك مختلفين. وهناك أمراض الذات من مزايدة لتخوين لتزعم ..الخ ، وكلها مقترنة مع اندفاع الشباب في ظرف يتطلب دورا تاريخيا. لذلك كانت المجموعة غير منسجمة وتحوي في داخلها أسباب صراعها وانقسامها. لكن الظرف العام واستجابة الناس لمتطلباتها وبتأثير المناخ العام مغربيا وعربيا أجل الصراع ولم ينهه.
.اختلف الشباب والصبايا حول الرؤية السياسية للربيع المغربي وكيفية استخدامه وتحصيل مكتسبات منه لصالح الشعب. فالبعض يراه فرصة لإسقاط الملكية. والبعض يراه فرصة لبناء ملكية برلمانية. والبعض يرى الاستفادة من الحراك قدر الإمكان. لوعيها لقوة السلطة وتاريخها في قمع الحركات أو الالتفاف عليها واعادة تدوير سلوكها ليخدم السلطة الحاكمة.. كما ان هناك اختلاف حول كيفية إدارة التظاهر وتحريكه لأهدافه. وهناك اختلاف في قراءة التحالفات مع القوى الاخرى سياسية وغيره. وعدم ادراك ان كل قوة او حزب سياسي يلتحق بالحراك ينطلق من برنامجه الخاص ومحاولا تجيير الحركة لمطالبه الخاصة..
.تاه الشباب بين قراءة الحدث وإمكانية استثماره واختلفوا لدرجة القطيعة بين بعضهم. ووقع البعض ضحية تحالفات استخدمتهم بدل أن تتقدم معهم للهدف. دخول الأحزاب باختلافها من اليمين لليسار معهم أظهر الحركة وكأنها خليط مصلحي يستثمر اندفاعة الناس نحو حلم حصولهم على حقوقهم.. هذا الخليط الغير موجه لهدف محدد والذي سينفض لاحقا لأن كل طرف كان له مطالب حققها أو لم يحققها وغادر الحركة وفعاليتها…
.في الجانب الأخر كان رد فعل النظام ذكيا. فقد استوعب درس تونس ومصر وبقية بلاد الربيع العربي.. فلم يلجأ للعنف وقدم بعض التنازلات استجابة لمطالب الناس.. ووعد بتعديل الدستور والعمل لتحسين الأوضاع المعيشية. وشروط الحياة الديمقراطية.. وهذا ادى لردود أفعال مختلفة من كل الأحزاب السياسية المغربية وداخل الحركة ايضا. فالبعض يراها خطوات إصلاحية يبنى عليها. والبعض يراها التفاف من السلطة على مطالب الناس وعلى الربيع المغربي.. وهذا أدى لتشتت القوى الشبابية والسياسية. ولبداية اختلافها وتفتت مواقفها الموحدة. وبالمقابل قدمت السلطة مشروع الدستور واستفتت الناس عليه ولقي القبول. وهذا ما جعل الحركة امام مشكله ان تستمر بحركتها وقد انفض اغلب الناس والقوى السياسية عنها. أو ان تنخرط مع من قَبِل بالاستفتاء وتكون جزء من العمل السياسي العام الذي يريد استثمار الحصول على الدستور الجديد والإصلاحات المواكبة له..
.استطاعت السلطة بأدائها وعدم وضوح الرؤية للشباب حول قراءة الحدث وإمكانية استثماره. واختلافهم وضياعهم بين تشدد مرضي وواقعية لم تصنع تيارا. بوجود قوى سياسية متنوعة لها برامجها واجنداتها. وكلها تقع في المجال السياسي للديمقراطية المغربية. التي استطاعت استيعاب أغلب القوى السياسية المغربية ومن أكثر من عقد. بحيث كان المجال السياسي منفتحا نسبيا وغير محتقن وله متنفسه السياسي دوما..
.انتهت الحركة موضوعيا بانتهاء دورها السياسي كرافعة مطلبية وسياسية استثمرت الربيع العربي ومناخه. وانتهى شبابها بين معاند انه سيستمر بنضاله وسيعيد الناس بالالاف للاعتصام والتظاهر والمطالبة بالحقوق.. وهذا ما لن يتحقق. والبعض الذي غادرها وعاد الى النشاط في المجال المدني وجمعيات حقوق الإنسان أو غادر النشاط السياسي مطلقا.. وستصبح الحركة واحدة من القوى السياسية المغربية المتعايشة على اجواء الديمقراطية المغربية النسبية وما تتيحه. ..
.الاهم هو انخراط جيل جديد من الشباب في السياسة. كأحد أهم تبعات الربيع المغربي. ويعيشون علاقات التفاعل والتنافس والحب والانتماء والصراع أيضا.. سيجدون ذواتهم. ثم سيكتشفون انهم امام بحر السياسة العميق وكونه علم ودراية وانتماء وصدق وواجب.. وانه عند البعض مصلحة وتزعم وتهور وايمانية متعصبة وحلبة صراع.. في هذا المناخ وجد الشباب أنفسهم . وفي اشهر قليلة انهم كبروا عشرات السنين واصبح لهم رؤيتهم ومواقفهم ومتابعتهم.. لقد غادروا الى الضفة الاخرى. لقد وجدوا طريقهم وهاهم يقوموا بدورهم. وغادروا الحياة العادية والانسياق لما خُطط لهم وكأنهم مجرد أدوات إنسانية في لعبة الكبار . لقد امتلكوا أقدارهم وبدؤوا يصنعوا مصيرهم..
.تنتهي الرواية عندما يأخذ كل شاب مساره محملا بخبرته مما حصل أيام ربيع المغرب. ومحددا له رسالة ودور ومتابعا له…
.في قراءة الرواية نقول
ان الرواية أقرب للنص سياسي منها لرواية تطال شخوصها وحياتهم التفاعلية على كل المستويات. تنهمك في متابعة الحدث السياسي (ربيع المغرب) عبر حالة التفاعلية بين ابطالها ومع متغيرات الواقع وتفاعلات القوى كلها بما فيها السلطة الحاكمة. رواية تقرأ ما حصل بطريقة شبكية رابطة بين الخاص والعام مجتمعيا وسياسيا. والذاتي والموضوعي عند ابطالها. راسمة صورة مركزة للسياسة في المغرب في هذه اللحظة الفارقة من التاريخ المغربي والعربي عموما.. وهي ايضا تتحدث ضمنا عن الربط بين ربيع المغرب والربيع العربي. وتتكلم عن واقع الثورة في تونس ومصر وبداية الرد المسلح على ثورة ليبيا وكذلك سوريا. والارتياب من تدخل الناتو في ليبيا ودورة في إسقاط القذافي. وكذلك بداية عنف النظام السوري بحق الشعب السوري
..الرواية نشرت في عام 2012. وهذا يعني أنها غير قادرة على قراءة ما حدث بعد ذلك وغيّر المشهد الإقليمي والمحلي والدولي في سوريا والعراق واليمن بشكل خاص كعنف مطلق ضد الشعب. والانقلاب على الثورة المصرية. واغتيالها. …الخ..
2.2.2016…
رواية “الحركة” للكاتب المغربي “عبد الله بلقزيز” قراءة جميلة وتعقيب موضوعي من الكاتب احمد العربي، الرواية تتحدث عن (حركة 20 فبراير المغربية عام 2011م) التي واكبت الربيع العربي وكانت جزء من الربيع المغربي، لتكون الرواية أقرب للنص السياسي منها لرواية تطال شخوصها وحياتهم التفاعلية .