لا أحد ينكر أنّ مصر تضطلع بدور مهمّ على صعيد الجهود المبذولة للتهدئة في قطاع غزة، فضلاً عن كونها تشكّل المحطة لنقل المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وإنما بالقدر الذي تتيحه إسرائيل، التي تستعمل المساعدات الإغاثية سلاحاً للضغط على سكان غزة، وفق ما صرّح به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأربعاء الماضي.
ولعبت مصر إلى جانب قطر والولايات المتحدة، دوراً رئيسياً في التهدئة التي استمرت أسبوعاً في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وهي اليوم تعمل مع الأطراف المعنيين على وضع اقتراح لتهدئة أطول و”خريطة طريق” تشكّل مساراً نحو وضع حدّ نهائي للحرب التي تقترب من إنهاء شهرها الرابع. وتستقبل القاهرة موفدين من الولايات المتحدة وقطر والقيادة السياسية لـ”حماس”، وهي على اتصال مع اسرائيل للتوصل إلى هدنة جديدة.
ومصر معنية بوقف الحرب إدراكاً منها أنّ استمرارها سينعكس حتماً عليها ويهزّ النظام الإقليمي بكامله. ومنذ اليوم الأول للحرب، رفض السيسي خلال استقباله وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أي تلميح إلى تهجير سكان قطاع غزة إلى صحراء سيناء، وفق ما يدعو أكثر من مسؤول إسرائيلي، كحل نهائي.
هل طوت إسرائيل مسألة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء؟ لا شيء يدلّ إلى ذلك، لا بل أنّ المعارك الدائرة الآن في خان يونس والطلب من سكانها الأصليين والنازحين إليها بالمغادرة إلى رفح في أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر، يثبت أنّ الحكومة الإسرائيلية لم تتخلّ عن فكرة التهجير.
وما يزيد من التعقيدات، هو إصرار نتنياهو على احتلال ممر “فيلادلفيا” الذي يفصل بين غزة ومصر. ووفق خطة الفصل التي نفّذها آرييل شارون في غزة في 2005، فإنّه اعترف رسمياً بأنّ هذا الممر هو خط الحدود بين مصر وغزة، وبات ذلك ملحقاً من الملاحق الأمنية لاتفاقية كامب ديفيد الموقّعة بين مصر وإسرائيل عام 1979.
أين تكمن المشكلة؟
يرى القادة الإسرائيليون أنّ تحقيق الهدف المعلن للحرب بـ”سحق” حركة “حماس” تسليحياً وسلطوياً في غزة، لن يكون ممكناً في حال لم تحتل إسرائيل ممر “فيلادلفيا”، الذي يزعمون أنّه يضمّ أنفاق تهريب وإمداداً لـ”حماس”، على رغم أنّ الجانب المصري أغرق هذه الأنفاق وأقام تحصينات على طول الممر منذ سنوات لمنع التهريب.
عرضت إسرائيل على مصر نصب أجهزة إنذار مبكر متطورة في الجانب المصري، الأمر الذي رفضته القاهرة التي أكّدت أنّها تقوم من جانبها بما هي ملزمة القيام به في إطار الاتفاقات مع إسرائيل، وتالياً ليس من ضرورة لتركيب مثل هذه الأجهزة.
كما أنّ هناك خشيةً مصرية من أن تعمد القوات الإسرائيلية، إذا ما احتلت ممر “فيلادلفيا”، إلى دفع السكان الفلسطينيين الذين باتت تضيق بهم رفح، إلى العبور نحو سيناء قسراً. وعندها تكون تل أبيب قد أخلّت من جانب واحد باتفاقات السلام مع مصر، وأوجدت أزمة جديدة في الشرق الأوسط.
كل الإجراءات التي تتخذها إسرائيل تدل إلى أنّها عازمة على تهجير سكان القطاع. من منع عودة الأهالي إلى شمال غزة، حيث يقول الجيش الإسرائيلي، إنّه أنهى عملياته الأساسية هناك، إلى إصدار الأوامر للقاطنين في خان يونس بالتوجّه جنوباً، إلى محاصرة المستشفيات وقصف مجمعات “الأونروا” التي تؤوي نازحين، إلى عرقلة دخول المساعدات الإنسانية، إلى تهديد الجوع لـ500 ألف من سكان قطاع غزة، إلى انتشار الأوبئة والأمراض نتيجة انعدام المياه النظيفة وعدم توفّر ما يكفي من طعام، كل ذلك يؤشر إلى أمر واحد وهو جعل الحياة مستحيلة في غزة، وهذا ما تؤكّد عليه الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة.
وعندما يؤكّد المسؤولون الإسرائيليون، أنّ الحرب ستستمر لأشهر مقبلة وربما طوال عام 2024، فماذا يعني هذا غير تهيئة الظروف لإجبار الفلسطينيين على النزوح نحو مصر، وخلق مشكلة إقليمية أخرى.
المصدر: النهار العربي
قوات الإحتلال الصhيوني تسعى جاهدة لتغطية هدفها بجعل غزة غير قابلة لمعيشة الفلسطينيين وجعلها أرض قابلة لبناء المسTوطنات وتحقيق الإستثمارات المتوقعة بشواطئ دافئة وإستثمار حقول الغاز بالحوض البحري المقابل وتهجير الفلسطينيين الى سيناء ودول العالم ، وإن سعيها للسيطرة على ممر فيلادلFيا يدخل ضمن الخطة فهل تستطيع مصر/السيسي مواجهة الضغوط الصhيونية الأمريكية لذلك ؟.