ألقى تحليل نشره موقع “ريسبونسبل ستيتكرافت” الضوء على ما وصفه بالفشل الأمريكي في بناء تحالف عالمي موحد لدعم رؤيتها للحرب في أوكرانيا، حيث كثفت الولايات المتحدة من محاولة استخدام قوتها للهيمنة من أجل دفع أكبر عدد من الدول حول العالم لإدانة روسيا، لكن ما حدث واقعيا هو أن الدول النامية، وتحديدا دول “الجنوب العالمي” لم تعد مستعدة لاتخاذ خيارات محصلتها صفر بين الولايات المتحدة ومنافسيها الجيوسياسيين.
ويرى التحليل أنه إذا كانت الهيمنة تعني القدرة على حمل الدول الأخرى على الامتثال لمطالب المرء ، فإن الولايات المتحدة بعيدة عن أن تكون قوة مهيمنة عالمية، والدليل هو حرب أوكرانيا، فواشنطن ولندن وعواصم غربية أخرى ترى أن قضية أوكرانيا هي أكثر قضية عادلة الآن في العالم، ولا تزال وسائل الإعلام الأمريكية السائدة ، مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز ، تكرس تغطية أكبر بكثير للحرب في أوكرانيا أكثر من أي صراع آخر في أي مكان آخر في العالم.
هذا التلميع استفز دولا أخرى لديها تواريخ مؤلمة مع النزاعات والحروب التي لم تلق الاهتمام الكافي من الولايات المتحدة والغرب.
الإصرار على الحرب
ورغم أن الدعم العام للحرب في أوكرانيا قد تراجع نسبيا في الولايات المتحدة هذا العام، إلا أن السياسيين الأمريكيين لا يزالون يقاومون بإصرار أي احتمال للتفاوض مع روسيا، ورفض وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في خطاب ألقاه في 2 يونيو/حزيران الجاري، في هلسنكي، ترحيبًا بفنلندا في الناتو، بشدة خيار وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
ومن جانبهما، تعهد الرئيس بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، اللذين اجتمعا في 8 يونيو في البيت الأبيض، بأن يستمران في دعم أوكرانيا “للمدة التي يستغرقها الأمر”.
تمرد مبرر
لكن بلدان الجنوب العالمي تقاوم، حتى الآن، بشدة نداءات الولايات المتحدة وأوروبا للتضامن بشأن أوكرانيا.
وتصف الخبيرة الروسية فيونا هيل، التي تعمل الآن في معهد بروكينجز في واشنطن وتعارض الغزو الروسي لأوكرانيا رفض بلدان الجنوب العالمي الاستجابة لأمريكا والغرب في هذا الملف بأنه “تمرد مفتوح لكنه مبرر”.
وتضيف: “هذا تمرد ضد ما يرون أنه خطاب جمعي من الغرب بحاول السيطرة على الخطاب الدولي ويفرض مشاكله على الآخرين، بينما يتجاهلون أولوياتهم المتعلقة بتعويضات تغير المناخ، والتنمية الاقتصادية، وتخفيف عبء الديون”.
وبالإضافة لدول الجنوب العالمي، حث محلل المخاطر العالمي كليف كوبشان صانعي السياسة الأمريكيين على التركيز على الهند والبرازيل وتركيا وإندونيسيا والسعودية وجنوب أفريقيا، من أجل منع حدوث ضعف كبير في مكانة الولايات المتحدة في ميزان القوى العالمي.
ويشير باحثون آخرون إلى أن “الحرب الحالية على أوكرانيا أدت إلى ظهور سياسات محايدة في ما يقرب من ثلثي العالم”، ويطالبون بعدم إدانة ذلك الحياد، بل يجب الاعتراف به كجزء لا مفر منه من أي صراع بين الدول.
وتطور الأمر ليفرز ما يشبه الظهور الثاني لحركة عدم الانحياز، والتي نشطت خلال فترة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، كما تقول فيونا.
الآسيان أيضا
ويشير التحليل إلى أن رفض الانحياز إلى جانب بين القوى العظمى المتنافسة واضح أيضًا في جنوب شرق آسيا، حيث قد يتوقع المرء أن تكون المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في ذروتها.
ولكن، كما أشار الدبلوماسي السنغافوري الكبير السابق كيشور محبوباني، اختارت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التعاون مع كل من الصين والولايات المتحدة.
المصدر | ويليام وينتر / ريسبونسبل ستيتكرافت – ترجمة وتحرير الخليج الجديد