حتى مع تضييق الفجوة الاستراتيجية، فإن الفجوة الأخلاقية آخذة في الاتساع.
كتب والتر راسل ميد في “وول ستريت جورنال” قائلاً إن رفض إيران جهود الإدارة الأميركية لإحياء الاتفاق النووي وانحيازها الكامل إلى روسيا قربا وجهات النظر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لافتاً إلى أن مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جايك سوليفان يعد لزيارة الدولة العبرية هذا الشهر. “لكن حتى مع تضييق الفجوة الاستراتيجية، فإن الفجوة الأخلاقية آخذة في الاتساع. إن مواقف الحكومة الإسرائيلية الجديدة – بشأن المستوطنات، والسلطة الفلسطينية، والعلمانية، وتعديل قانون العودة، وتغيير ميزان القوى بين المحكمة العليا الإسرائيلية والكنيست – تتعارض كلها مع تفضيلات سياسة إدارة بايدن، فضلاً عن المعتقدات الاجتماعية والثقافية الراسخة للعديد من الليبراليين واليهود الأميركيين”.
وأشار ميد، الزميل المتخصص في الاستراتيجية والعمل السياسي في معهد هدسون والكاتب في الشؤون الدولية لدى “وول ستريت جورنال”، إلى زيارة وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتامار بن غفير الحرم الشريف، وتقييد الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو رفع الأعلام الفلسطينية على الأراضي العامة، وحجبها الإيرادات عن السلطة الفلسطينية، ومنعها نشاط البناء الفلسطيني، وتقليصها امتيازات السفر الخاصة بكبار الشخصيات الفلسطينية. “ومع تصاعد التوترات في الضفة الغربية، يشعر مسؤولو بايدن بالاستياء مما يعتبرونه إجراءات إسرائيلية غير مبررة يمكن أن تشعل جولة أخرى من النزاع”.
وأضاف: “في الوقت نفسه، فإن الشرق الأوسط بأكمله في حالة تغير مستمر”، مشيراً إلى سعي الصين إلى رفع مكانتها الاقتصادية والسياسية “في منطقة ضرورية لمستقبلها”. وقال: “يتغير التوازن الدبلوماسي بطرق أخرى. فالرومانسية الأوروبية الطويلة مع إيران تبرد إذ إن وحشية النظام في الداخل وتواطؤه مع العدوان الروسي في أوكرانيا يفسدان الآمال الأوروبية في علاقات مربحة وسلمية مع الملالي”. وأشار إلى أن “زيارة السيد سوليفان تأتي بعد تراجع نفوذ أميركا الإقليمي لمدة 15 سنة. فالإسرائيليون والعرب والإيرانيون والأتراك لديهم احترام أقل للقوة الأميركية – وبالتالي احترام أقل لرغبات الولايات المتحدة – مما كانوا عليه عام 2008. ذلك أن مراوغة الرئيس أوباما وتقلب الرئيس ترمب تركا القوى الإقليمية مشككة بشدة في الحكمة والاستقرار الأميركيين”.
واعتبر ميد أن إدارة بايدن تواجه معضلة حقيقية. “يريد البيت الأبيض، الذي يشعر بالإرهاق الشديد في مقابل العدوان الروسي في أوكرانيا والطموح الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، تقليل انكشافه على الشرق الأوسط. ومع ذلك، فالمنطقة أهم من أن يجري تجاهلها – وكلما ابتعدت عنها الولايات المتحدة، تقلص نفوذها. وبينما تصبح أميركا أقل مرونة، تشعر الجهات الفاعلة الإقليمية بالحرية في اتخاذ مزيد من القرارات التي لا تروق لواشنطن، ما يقوض فعلياً نفوذ الولايات المتحدة في أنحاء العالم كلها”.
وأضاف: “من المفارقات… أن الفلسطينيين الأضعف من الإسرائيليين بحاجة ماسة إلى وسطاء خارجيين للحصول على تنازلات من [الحكومة الإسرائيلية] لا يستطيع الفلسطينيون انتزاعها بمفردهم”. وقال: “إذا أراد السيد بايدن استعادة النفوذ الأميركي في المنطقة، فلا يزال بإمكانه القيام بذلك… إن سياسة أميركية حازمة وفاعلة لتعطيل قدرة إيران على تهديد جيرانها العرب – إذا اقترنت بتدابير لضمان أن إسرائيل وأصدقاءها يمكنهم، إذا فشل كل شيء آخر، اتخاذ إجراء عسكري لمنع برنامج طهران النووي – من شأنه أن يعيد الولايات المتحدة إلى مركز النظام الشرق أوسطي”.
وختم ميد مقالته في “وول ستريت جورنال” قائلاً: “إن تكلفة النفوذ مرتفعة، لكن العجز كلفته أكثر في الأجل البعيد. إذا كانت رسالة السيد سوليفان إلى [الحكومة الإسرائيلية] هي أن السيد بايدن مستعد للمشاركة الجادة على هذا المنوال، فإن الرد في إسرائيل وخارجها سيكون اهتماماً أكبر بالمخاوف الأميركية. وبخلاف ذلك، ستستمر إسرائيل وجيرانها في اتخاذ قرارات أقل ارتباطاً بالمصالح الأميركية – وستعاني إدارة بايدن في إدارة العواقب”.
المصدر: اندبندنت عربية