أوتوستراد «دمشق ـ عمان» يدخل في صراع النفوذ بالمنطقة الجنوبية

رياض الزين

وثّقت إحصائيات محلية عمليات اغتيال على الأوتوستراد الدولي «دمشق – درعا – عمان»، حيث رصدت الإحصائيات أن عدد عمليات الاستهداف على الأوتوستراد الدولي خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، 8 عمليات اغتيال و6 استهدافات لنقاط النظام السوري القريبة، كانت تتم بشكل مباشر على طريق الأوتوستراد أو تستهدف النقاط والحواجز العسكرية السورية المحاذية للطريق أو الدوريات التي تنتشر في تلك المنطقة، كان آخرها عند بلدة النعيمة بريف درعا الشرقي، حيث عثر الأهالي على جثة تعود لأحد أبناء منطقة حوض اليرموك.
ووفقاً لقيادي سابق بالمعارضة في درعا فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، فإن العمليات الواقعة على هذا الطريق، مرتبطة بوضع المنطقة والحال التي وصلت لها من حالة عدم الاستقرار الأمني، ورغبة المتنافسين على المنطقة ببقائها على هذا الشكل لتسهيل مشاريعهم وتطلعاتهم فيها، حيث إن الروسي كان ضامناً لدمشق قبيل سيطرة النظام على جنوب سوريا في العام 2018، واتبع في ذلك سياسة رامية إلى التقرب من دول المنطقة أو فتح قنوات جديدة من خلال فرض حالة في المنطقة الجنوبية التي كانت أشد المناطق نزاعاً منذ بداية الأحداث السورية، وإبعاد الميليشيات الإيرانية عنها.
ومع انطلاق التسويات، تحاول إيران تمرير نفسها من خلال عمليات تجنيد مجموعات تعمل لصالحها جنوب سوريا، ويرى القيادي السابق أن إيران التي قدمت السلاح والمال والجنود في الحرب السورية، لن ترضى بالتخلي عن نصيبها من جنوب سوريا وتركها ساحة للروس. وظهرت المنافسة على المنطقة وكسب الخزان البشري من الشباب فيها، بشكل واضح بعد التسويات، عندما راحت أوراق المنطقة تختلط بعمليات تجنيد تديرها مركز حميميم (الروسي) من جهة، والأجهزة الأمنية السورية والفرقة الرابعة و«حزب الله» من جهة أخرى.
هذا فضلاً، والحديث للقيادي، عن ظهور فئة من الرافضين للتجنيد في تشكيلات تابعة للنظام وللتهجير، وأخذت هذه الفئة تواجه أي خروقات أو تهديدات تطال مناطقها (مناطق التسويات)، وبرز دورها في السنوات الأولى لعملية التسوية، وتَراجع دورها في السنتين الأخيرتين، نظراً لتصاعد عمليات الاغتيال وانتشار الفلتان الأمني والمجموعات الأمنية المتعاونة مع الأجهزة الأمنية، فضلاً عن ظهور خلايا «داعش» في المنطقة، بعد إطلاق سراح عدد من عناصر التنظيم السابقين من سجون الأجهزة الأمنية بدرعا، عقب التسويات وبصفقات مشبوهة.
ويختم القائد كلامه بالقول إن عمليات الانفلات الأمني التي تقع على الأوتوستراد الدولي «دمشق – عمان»، ليست من مصلحة أبناء المنطقة الذين قبلوا بالتسويات، خصوصاً أنها غير مؤثرة بالإيجاب على وضعهم الأمني ولا تشكِّل تهديداً مباشراً عليهم وعلى مناطقهم، وإنما المستفيد الوحيد منها هم الرافضون لاستقرار المنطقة، لا سيما الميليشيات الإيرانية أو خلايا «داعش».
وكانت قوات النظام السوري قد دفعت بتعزيزات عسكرية تمثلت بعدد من الآليات العسكرية إلى مقر عمليات الملعب البلدي في منطقة البانوراما عند مدخل مدينة درعا المحطة من جهة ريف درعا الشمالي الغربي، وذلك بعد يوم من استهداف مجهولين لدوريات عسكرية أمنية تابعة للنظام في ريف درعا الغربي على الطريق الواصل بين بلدات اليادودة ومدينة درعا قرب منطقة ضاحية درعا. وقد أسفر الحادث عن وقوع قتلى وجرحى بين عناصر النظام السوري، وسط مشهد من الفلتان الأمني لا يتوقف في محافظة درعا، ومخاوف محلية من استغلال النظام للحادثة والدفع بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة، أو تنفيذ عمليات عسكرية فيها، كما حدث مؤخراً في مدينة طفس بتوجيه اتهامات للمدينة بوجود خلايا لـ«داعش».
مصادر محلية من ريف درعا الغربي، أرجعت عمليات الاستهداف لدوريات الأجهزة الأمنية في مناطق التسويات بدرعا، بوصفها باتت تمارس مؤخراً عمليات عسكرية ومداهمات مفاجئة في بلدات وقرى خاضعة لاتفاق التسوية. وينص الاتفاق في هذه المناطق على عدم ممارسة أعمال اعتقال أو مداهمة بحق الخاضعين للتسوية، بينما قوات النظام السوري بررت عملياتها بأنها «تستهدف مجموعات ومقرات تابعة لمجموعات تمارس استهدافات وعمليات قتل بحق عناصر الجيش السوري».
ومثالها ما وقع في بلدة المسيفرة بريف درعا الشرقي قبل أسبوع، عندما داهمت دورية أمنية مشتركة بين جهاز المخابرات الجوية والعسكرية أحد منازل البلدة، واشتبكت مع شبان كانوا فيه. وأسفرت المداهمة عن اعتقال أفراد من المنزل. وحادثة أخرى مشابهة وقعت في مدينة جاسم شمال درعا نهاية سبتمبر الماضي.
ورجح المصدر أن تكون عمليات الاستهداف التي وقعت مؤخراً، بمثابة عمليات استباقية رادعة لتنفيذ مداهمات واعتقالات في مناطق خاضعة لاتفاق التسوية، خصوصاً أن المنطقة تضم الكثير من قادة وعناصر المعارضة السابقة الذين رفضوا التهجير إلى شمال سوريا، إبان اتفاق التسوية وسيطرة النظام السوري على المنطقة الجنوبية عام 2018.

المصدر: الشرق الاوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى