في العام 1952، رغب الرئيس أديب الشيشكلي حضور حفل تكريم طلاب كلية الحقوق، الذي كان يقام بجامعة دمشق، ورغب بتوزيع الشهادات على الطلاب بنفسه، وخلال توزيعه الشهادات رفض الطالب راغب هاني السباعي باستلام شهادته قائلاً إنه يرفض تسلم شهادة الحقوق من رئيس دولة لاتحترم الحقوق. ما كان من أديب الشيشكلي أمام هذا القول الجريء وغير المتوقع، إلا أن ابتسم للطالب قائلاً هؤلاء طلاب الحقوق الذين نرغب بوجودهم بيننا.
إلا أن القصة لم تنتهِ هنا، شعرالعناصر المرافقين للرئيس: أديب الشيشكلي بإهانة للرئيس، جراء ماقام به هذا الطالب، فاقتحمت الشرطة العسكرية حرم الجامعة في اليوم التالي، وقامت باعتقال الطالب، واودعته بمخفر القصر العدلي.
كان العلامة الدكتور قسطنطين زريق رئيساً للجامعة السورية آنذاك، وقد آلمه ما قامت به الشرطة العسكرية من عدم احترام لحرمة الجامعة، بالرغم من محاولته لمنع دخولهم، إلا أنهم لم يعيروا أي اعتبار لهذا المنع، فقدم استقالته مباشرة اعتراضاً على هذا التصرف، ولم تثنه تدخلات عدد كبير من المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية الذي أطلق سراح الطالب المعتقل، وأكد عدم معرفته لهذا التجاوز الذي قامت به الشرطة العسكرية.
استمر الدكتور قسطنطين زريق على موقفه، وذهب إلى بيروت ليعمل استاذاً بالجامعة الامريكية ومن ثم رئيساً لها بالوكالة.
بعد تسلم الرئيس شكري بك القوتلي منصب رئيس الجمهورية، تم منحه وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة عام 1956، نظراً لموقفه الرافض تدخل الجيش في التعليم، الذي دفع ثمنها كرسيه كرئيس للجامعة السورية.
أما من هو قسطنطين زريق، فهو مفكر ومؤرخ سوري من دمشق، ولد عام 1909، ونال شهادة بكالوريوس بالآداب من الجامعة الامريكية ببيروت، ومن ثم تخرج استاذاً في الاداب من جامعة شيكاغو، ونال الدكتوراه بالفلسفة من جامعة برنستون.
عمل وزيراً مفوضاً لسوريا في واشنطن عام 1946، وعين لاحقاً رئيساً للجامعة السورية بدمشق حتى العام 1952، ثم ذهب إلى الجامعة الأمريكية وعمل استاذاً بها ومن ثم نائب لرئيس الجامعة ورئيساً بالتكليف، توفي بمشفى الجامعة الامريكية ببيروت عام 2000.
المصدر: صفحة الدكتورة سراب جمال الأتاسي