قالت مفوّضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، إنه تم إحراز تقدّم “ضئيل بشكل مؤلم” في ملف المعتقلين، مشددة على أن حق معرفة مصير المعتقلين “جزء لا يتجزأ من تحقيق أي شكل من أشكال المساءلة عن الانتهاكات والجرائم المرتكبة في سوريا”.
جاء ذلك في فعالية جانبية أقامتها الأمم المتحدة في إطار الاستعداد لمؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، المزمع عقده في العاصمة البلجيكية بروكسل يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين، بهدف حشد الدعم لسوريا للعام 2022.
وتوجهت المفوضة السامية إلى عائلات المعتقلين والمفقودين السوريين بالقول إن “ثمة شيئين يتضحان: الأول أن الوضع الراهن غير مستدام”، مضيفة أن “هذا ليس رأيي فقط، فكل شخص تحدث معه طاقم مكتبي خلال الأشهر الماضية أثار هذه النقطة، لقد تم إحراز تقدم ضئيل بشكل مؤلم في تقديم إجابات ودعم لعائلات الأشخاص المفقودين”.
وعن الشيء الثاني قالت باشيليت إن “شجاعة وقوة وتصميم العديد من الجمعيات الأسرية ومنظمات المجتمع المدني في الدفاع عن حقوق الأسر والمفقودين تحملنا جميعاً المسؤولية”، داعية إلى “إنشاء مؤسسة جديدة يمكنها الكشف عن مصير وأماكن وجود الأشخاص المفقودين وتقديم الدعم للأسر”.
الوضع في سوريا “مفجع”
وحملت الفعالية عنوان “المضي قدماً في الحقيقة والعدالة: معالجة أزمة المفقودين والاحتجاز في سوريا”، وتحدثت عن أهمية المساءلة من جهة، وإعادة المختفين قسراً وجبر الضرر من جهة أخرى، وفق ما نقل موقع الأمم المتحدة.
وأشارت المفوضة السامية إلى أنه بعد 11 عاماً “لا يزال الوضع على ما هو عليه، مفجع، كما شوهد قبل أسبوع من خلال نشر مقطع فيديو صادم يظهر لقطات لرجال عزّل، يتم اعتقالهم من قبل رجال يرتدون زيّاً عسكرياً، وقد دُفعوا إلى حفرة حيث تم إعدامهم وحرقهم”.
وأضافت “مرة أخرى، تضطر العائلات في سوريا إلى إلقاء نظرة على الصور الوحشية على وسائل التواصل الاجتماعي في بحثهم عن أقاربهم المفقودين”، معتبرة أن “هذه أيضاً فرصة للحصول على مزيد من المعلومات حول الانتهاكات والأشخاص الذين يمكنهم تقديم الشهادة على ما يرونه”.
وأشادت باشيليت بعمل الممثلين عن جمعيات الناجين والأسر، مشيرة إلى أنها “تعمل بلا هوادة لتعزيز الحقيقة والعدالة للأشخاص المفقودين في سوريا”.
وأضافت “أقرّ بالضرر الشخصي الذي يتسبب فيه هذا المسعى، ونحن هنا اليوم لأنكم أنتم وممثلو جمعيات أخرى طالبتم بشجاعة وبشكل متكرر بأن تعرف العائلات ما حدث لأحبائها، المحتجزون والمختفون والمفقودون”.
ثلاث نقاط تدعم العمل حول المفقودين
وذكرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ثلاثة عناصر لدعم العمل من أجل الأشخاص المختفين، وهي:
تطبيق نهج يركز على الضحية / الناجي، وإشراك عائلات المفقودين الذين هم أيضاً ضحايا. باعتبارها الأكثر تضرراً، تعدّ تجارب وأصوات العائلات ضرورية لإيجاد الحلول.
تجب مراعاة التأثير الجنساني والمتعلق بالأجيال عندما يصبح الأشخاص في عداد المفقودين. إذ يمكن للناجيات السوريات وكذلك النساء اللاتي اختفى أقاربهن من الذكور أن يشهدن على تعدد المشكلات القانونية والعملية الإضافية التي يواجهنها لأنهن نساء، ويعود ذلك جزئياً إلى استمرار العمل بالقوانين والممارسات التمييزية التي سبقت النزاع. وتواجه النساء المحتجزات وصمة عار إضافية في أثناء الاحتجاز وبعد الإفراج عنهن، كما هو الحال مع عائلاتهن.
كما تواجه النساء اللاتي يصبحن فجأة ربات أسر مع اختفاء أقاربهن من الذكور خيارات رهيبة. على سبيل المثال، من أجل تغطية الاحتياجات المالية لأسرهن، قد تقبل بعض النساء شهادات وفاة مشكوكاً فيها لأحبائهن مما يؤهلهن للحصول على الدعم، ويُجرّد الأطفال ممن اختفى آباؤهم من طفولتهم.
بالنسبة للعائلات، فإن معرفة ما حدث لأحبائهم ليس مجرد حاجة ملحة، إنه حق: الحق في معرفة مصير ومكان وجود أقاربهم والحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان التي ربما تعرّضوا لها.
وشددت المفوضة السامية لحقوق الإنسان على أن “تحقيق هذه الحقوق جزء لا يتجزأ من تحقيق أي شكل من أشكال المساءلة عن الانتهاكات والجرائم المرتكبة في سوريا”، مؤكدة على منح وكالات حقوق الإنسان والوكالات الإنسانية حق الوصول إلى جميع الأماكن التي يُحتجز فيها المعتقلون والمختطفون”.
مؤتمر “بروكسل السادس”
وتعقد المفوضية الأوروبية مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، وسيكون المؤتمر العاشر حول سوريا، بعد ثلاثة مؤتمرات استضافتها الكويت بين عامي 2013 و2015، ومؤتمر لندن في العام 2016، ومؤتمرات بروكسل الخمسة الأخيرة منذ العام 2017.
ويشارك فيه أكبر نطاق ممكن من المجتمع الدولي، بما في ذلك مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، والمنظمات الإقليمية والدولية، بما فيها الأمم المتحدة ومؤسساتها، والمؤسسات المالية الدولية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية وممثلي المجتمع المدني.
وسيوفر اليوم الأول منصة حوار بين الجهات الفاعلة في المجتمع المدني من داخل سوريا وخارجها، والدول المستضيفة للاجئين، والشركات التنفيذية المشاركة في الاستجابة السورية من الاتحاد الأوروبي وشركائه الرئيسيين، بما في ذلك الأمم المتحدة.
وفي اليوم الثاني، سيُعقد اجتماع وزاري شخصي، يرأسه مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية، جوزيب بوريل، ويشاركه مفوضي سياسة الجوار وإدارة الأزمات، ويضم مندوبي دول الاتحاد الأوروبي، والدول المجاورة لسوريا والدول الشريكة والمنظمات الدولية.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا