اتخذت الإندماجات بين فصائل المعارضة السورية منحى جديداً مع بداية العام 2022 بعد فشل مشروع غرفة القيادة الموحدة “عزم”، وتواصل الانشقاقات والتعديلات والاندماجات، وكان آخرها الإعلان عن انضمام “فيلق الرحمن” إلى صفوف هيئة “ثائرون للتحرير” التي رحبت في بيان بهذا الانضمام.
وسبق أن أعلن عن تأسيس “ثائرون للتحرير” في 23 كانون الثاني/ يناير، وكانت نتاج اندماج بين فصائل “حركة ثائرون” و”الجبهة السورية للتحرير”. وأسست الفصائل هذا التكتل حينها ليكون منافساً لغرفة “عزم” التي انشقوا عنها.
وبعد دخول “فيلق الرحمن”، باتت “ثائرون للتحرير”، التكتل العسكري الأكبر في الشمال السوري، وتضم فصائل “السلطان مراد” و”لواء الشمال” و”الفرقة التاسعة” و”لواء المنتصر” و”فيلق الشام” و”لواء 112″، و”ثوار الشام” اضافة الى فرقتي “المعتصم” و”الحمزة”.
وسبق لـ”فيلق الرحمن” أن أعلن انضمامه لصفوف “الفيلق الثالث” الذي تتزعمه الجبهة الشامية صاحبة “عزم”، وذلك في شباط/فبراير من العام 2019، بعد أن عمل الفيلق على إعادة ترتيب مجموعاته العسكرية عقب خروجه من الغوطة الشرقية في العام 2018، وتمرّكزه في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، والتي تعتبر المعقل الأبرز للفيلق وأنصاره.
ويبدو أن الاندماجات المستمرة والتي تتخللها عمليات انشقاق للفصائل المتنقلة بين الكتل العسكرية الناشئة، تعكس بالضرورة حالة الانقسامات والصراعات المستجدة بين الفصائل، والتي تمت ترجمتها أخيراً في الاقتتال الداخلي الذي بدا أكثر تصعيداً مع بداية شهر نيسان/أبريل الحالي. ومن بين المواجهات الدموية تلك التي اندلعت في ريف مدينة الباب شمال شرقي حلب في 1 نيسان/أبريل، وتسببت بمقتل وإصابة عدد من عناصر “الفيلق الثالث” والذي شهدت صفوفه انشقاقات لحساب “حركة أحرار الشام”.
وقال مصدر عسكري معارض لـ”المدن” إن “الاندماجات بين الفصائل وظهور كتل عسكرية جديدة وتنامي قوتها على حساب كتل أخرى، لا يعني أن المعارضة المسلحة والجيش الوطني كمؤسسة بخير”، مضيفاً: “هناك حالة من الانقسام تمهد لمرحلة جديدة من الصراعات على المعابر وممرات التهريب ومصادر الدعم الذاتي الأخرى، وقد نشهد اقتتالاً متصاعداً بين مكونات الكتل العسكرية التي ستسعى كل واحدة منها إلى فرض نفوذها وهيمنتها والتوسع على حساب الأخرى”.
ولا يرى المصدر هذه التحولات العسكرية، مصدراً للإطمئنان الى قوة المعارضة وتوحّدها، يقول: “بعكس ما يصدر عن الفصائل في بيانات الاندماج، لن تصب هذه التحركات في صالح تقوية وتمكين وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة، ولن تتم عملية إنعاش إدارة الجيش الوطني السوري الذي كان من المفترض أن يكون مظلة تجمع الفصائل في كنف قيادتها، وتنظم عمليات انتشارها وتمنع الاقتتال في ما بينها”.
ومن المتوقع أن يكون لانضمام “فيلق الرحمن” إلى صفوف “ثائرون للتحرير”، أثرٌ تصعيديٌ مع “عزم” التي تضم في صفوفها “جيش الإسلام”، علماً أن الأخير هو الخصم اللدود للفيلق منذ أن كان الفصيلان في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، والتي شهدت مواجهات متكررة بين الطرفين راح ضحيتها عددٌ كبيرٌ من مقاتلي المعارضة.
المصدر: المدن