لعل واحدة من أكبر السقطات في سياسة الائتلاف التي أوصلت للمشاركة باللجنة الدستورية بما يشبه الشحاذة السياسية هي الغفلة عن ترتيب الأولويات . فأول شروط التفاوض هي خلق بيئة تفاوضية تنتزع فيها الاحترام من الطرف الآخر، وتضع الأساس لجدية التفاوض، وذلك يعني وضع النظام أمام امتحان حسن النوايا أولًا . ليس ذلك فقط ، ولكن أن تفرض الاحترام على أصدقائك وحلفائك أيضًا ، بوضع خطوط حمر للتفاوض ، والإصرار على مقدمات لابد منها ليكون للتفاوض معنى لا أن يكون مجرد استجابة لرغبة الحلفاء والأصدقاء . كان ينبغي وضع بند الافراج عن المعتقلين السياسيين ليس ضمن ماسمي بالسلال التفاوضية ولكن كشرط مسبق للدخول في عملية التفاوض . وعلى أية حال ، فقد آن الأوان لتصحيح أخطاء الماضي التي لم يعد خافيًا على أحد أنها أضرت بموقف المعارضة السورية وبالأهداف التي قدم من أجلها الشعب السوري أغلى التضحيات . ينبغي أن تتوقف مهزلة اللجنة الدستورية ، وأن يقال لمن شارك فيها كفى ، ولن يتم ذلك دون حراك واسع يشارك فيه الجميع من أجل إعادة المبادرة لقوى الشعب السوري الحية . ليس الموقف المطلوب مهاجمة مبدأ التفاوض السياسي ، لكن وضع الأساس لتفاوض حقيقي وليس لمهرجانات تفاوض تتنتهي بالمهازل كما هو الحال حتى الآن . من أجل ذلك لابد من الإفراج عن المعتقلين السياسيين وتقديم اللوائح بالمفقودين والكشف عن مصيرهم أولًا وقبل كل شيء . ذلك أبسط الحقوق الإنسانية التي لاجدال فيها ، وهو فقط يمكن أن يكون على قائمة المفاوضات اليوم . أما اللجنة الدستورية فقد آن الأوان لدفنها وغسل الأيدي من مائدتها التي ليست سوى استهزاء واحتقار لشعب عظيم كالشعب السوري .