يبدو أن طلب دمشق من موسكو الاصطفاف معها في الحرب عام 2015، ودخول القوات الروسية بثقلها العسكري، سينعكس سلبا على الحكومة السورية، لا سيما وأن هناك نفور وحرب عالمية ضد روسيا بعد غزوها غير المبرر لأوكرانيا وتسببها بصدع عالمي سواء سياسياً أو اقتصادياً.
الحرب ستنتقل لدمشق
يقول الباحث والسياسي السوري، المحامي بسام العيسمي، لـ”الحل نت”، إنه من حيث المبدأ أي إضعاف لروسيا في أوكرانيا وفي أي مكان آخر هو بالتأكيد سينعكس على الملف السوري إيجابا. فالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بغزوه على دولة مستقلة وذات سيادة قد وضع بلاده ليس في مواجهة أوكرانيا فقط؛ وإنما أيضا في مواجهة والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والمجتمع الدولي بأكمله.
وبحسب العيسمي، فإن ذلك كان واضح تماما في التصويت الذي حدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأربعاء الفائت، فلم تصطف مع روسيا غير أربع دول. ومنها سوريا وإرتيريا، ما يعطي تصورا مدى حجم وثقل الدول التي اصطفت مع روسيا. وهذا دليل واضح بنظر العيسمي، على مدى العزلة الدولية التي وضع بوتين بلاده فيها.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت، قرارا يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، بدعم من 141 دولة من أصل 193 والذي لاقى ترحيبا حارا في القاعة. حيث صوتت روسيا ضد الإجراء، وانضمت إليها بيلاروسيا وكوريا الشمالية وإريتريا وسوريا.
ويعتقد العيسمي، أن الملف السوري حتى الآن لا زال خارج اهتمامات وأولويات الولايات المتحدة الأميركية. ولكنه أيضا وبالتأكيد سيخضع لتجاذبات هذا الصراع الجاري الآن في أوكرانيا، وحراك الملف السوري وتسخينه مرتبط بتطورات المشهد في أوكرانيا. فضلا عن الأشكال التي يمكن أن تأخذها هذه المواجهة وإلى أين ستصل.
المعارضة عقبة تعترض الحل
أما حول الوسم الذي أطلقته السفارة الأميركية في سوريا على موقعها، لا يراه العيسمي، بأنه تصعيد جديد ينبئ بتحريك الملف السوري إلى حالة غير الحالة التي هو عليها الآن. إنما هو تصريح يأتي في إطار حلول الذكرى الحادية عشرة للاحتجاجات السورية. والتي تصادف بعد أيام قليلة من هذا شهر آذار/مارس الجاري.
وهي رسالة أميركية، تقول فيها للسوريين بأن الملف السوري والمسألة السورية لا زالت ضمن اهتماماتنا. كما أنها بنظر الباحث السياسي، رسالة خاصة للروس من موقع السفارة الأميركية في سوريا، تقول لهم “بأننا سنطور المواجهة معكم خارج أوكرانيا وفي أي بقعة من العالم وفي الملف السوري”.
ويرى العيسمي، أن الرسالة هي تطور نوعي جديد بالتعاون مع الملف السوري. وبالتالي فيما إذا خلقت إرادة دولية لمحاسبة هذا النظام ومواجهته على الجرائم التي يرتكبها. على الأقل ترى هذا التوجه لابد من طرف داخلي، وحامل داخلي.
وفي معرض إجابته عن من هو الحامل الداخلي، قال الباحث السياسي، إن الحامل الداخلي للمعارضة السورية إن كان عسكرية أو مدنية، هذه المؤسسات القائمة هي جزء من المشكلة، وأصبحت جزء من حالة العطالة. وهي التي تولّفت على سكونية هذا الملف وإضاعته.
ويرى العيسمي، أنه لا يمكن أن تكون المعارضة السورية الحالية، حامل لأي تطور جديد يجري في الملف السوري. فلا بد من تبديل كامل لها وإزاحتها من خلال تشكيل جديد، بوجوه جديدة ضمن مؤسسة بنيوية تكون قادرة فعلا على أن تستجيب لمتطلبات الحركة النوعية والجديدة في الملف السوري.
المحاسبة على نار هادئة
ومن جهته، يقول الباحث في العلاقات الدولية، طارق وهبي، لـ”الحل نت”، إن واشنطن لا تحاسب بالجملة؛ بل تتابع وبتدقيق ما يحصل في سوريا. إذ “لا تزال العقوبات على سوريا سائرة المفعول والنظام السوري الذي يمثله الرئيس بشّار الاسد لا يزال غير مرغوب فيه كمحاور لمستقبل سوريا”.
ويضيف وهبي، أن النشاط الأميركي المرتبط بالمساعدة بترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، قد يتطرق للحدود السورية الإسرائيلية، وهذا النشاط سيعطي تقريرا لمدى تعاون الحكومة السورية. لكن الظروف الحالية لا تضع هذه المحاسبة على سلم الأولويات.
ويشير وهبي، أنه لا يزال قانون “قيصر” ساري المفعول في سوريا. ولكن إذا تم تفعيل قوانين أخرى قد يتم رفع قضية شخصية ضد الرئيس السوري أمام محكمة الجنايات الدولية، ومنعه من السفر لأية دولة عضو في الأمم المتحدة.
ويعتقد الباحث في العلاقات الدولية، أن شهر المحاسبة هو شهر الأولويات مع أزمة أوكرانيا، والكل ينتظر. و”إذا تم إذلال بوتين بحربه، ستكون سورية تحت الوصاية الأميركية، ولكن كالعادة مع انقسام المعارضة السورية لا أفق واضح. ولكن ضروري أن تمر سوريا بمرحلة تأسيسية، وهذا لن يكون سهلا من كل الأطراف”.
وكانت السفارة الأميركية في دمشق، أعلنت الأربعاء الفائت، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن شهر آذار/مارس سيكون شهر محاسبة لحكومة دمشق. مشجعة السوريين على المشاركة من خلال هاشتاغ “#شهر_المحاسبة”.
إعلان واشنطن، أن الإفلات من العقاب سينتهي في سوريا، طرح عدة تساؤلات حول كيفية محاسبة الولايات المتحدة للرئيس السوري، بشار الأسد، في مثل هذا الوقت. فضلا عن حدود هذه المحاسبة وما المتوقع منها، وفيما إذا سيشهد الملف السوري الكثير من المتغيرات، بانطلاق شهر المحاسبة.
المصدر: الحل نت