نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً يتحدث عن انتهاكات جنود الاحتلال في قرية جلجيليا في الضفة الغربية، وملابسات استشهاد مواطن أمريكي من أصول فلسطينية يدعى عمر عبد المجيد أسعد، ضمن ظروف غامضة.
ونقل التقرير الذي ترجمته “عربي21” عن شهود عيان قولهم، إن وجه أسعد البالغ من العمر 78 عاما الذي احتجزه جنود الاحتلال لمدة ساعة كان أزرق شاحبا بسبب نقص الأكسجين.
وقبل ساعات كان أسعد، في حالة معنوية عالية، وهو يلعب الورق ويشرب القهوة، ومتفائلا أنه سيتمكن قريباً من التنقل بحرية بين مسقط رأسه في الضفة الغربية ووطنه المتبنى في أمريكا، التي يعيش فيها أبناؤه وأحفاده، بحسب عائلته.
ولا تزال هناك العديد من الأسئلة حول ما حدث لأسعد منذ وقت اعتقاله من قبل القوات الإسرائيلية حوالي الساعة الثالثة صباح الأربعاء الماضي، فيما وصفوه بأنه “تفتيش روتيني” إلى الوقت الذي وجد فيه مقتولا بعد ساعة، ووجهه للأسفل على الأرض الباردة، كأنه عانى من نوبة قلبية.
وطلبت أمريكا من “إسرائيل” توضيحا لما حدث لأسعد، الذي كان مواطنا أمريكيا.
وطالبت عائلته بإجراء تحقيق أمريكي، كما طالب العديد من أعضاء الكونغرس.
وتشير المقابلات مع شاهدين وأفراد الأسرة والطبيب الذي حاول إنعاشه إلى أنه بينما لم يتعرض أسعد للضرب، كما زعمت بعض التقارير الإخبارية، فقد مات في الحجز، حيث كان الرجل المسن يعاني من اضطرابات صحية، وقد تم تعصيب عينيه وتقييد يديه وإجباره على الاستلقاء على الأرض، وهي ظروف قال طبيبه إنها ساهمت في وفاته.
وعلاوة على ذلك، على حد قول أحد الشهود، عندما اكتشف الجنود حالته، تخلوا عنه بدلا من تقديم الرعاية الطبية.
ومهما كانت ظروف ساعته الأخيرة غامضة، فإن حياة أسعد وموته تتبع قصة مألوفة للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. يعرف الكثيرون جيدا كابوس السيطرة الإسرائيلية على أوراق الهوية الفلسطينية، وهو ما يمكن أن يعني الفرق بين القدرة على السفر إلى الخارج أو عدمه. وهم يعرفون الخوف من أن يتم اعتقالهم في مداهمة ليلية.
لحظة الاعتقال
وقالت الصحيفة: “كان أسعد يقود سيارته إلى منزله في جلجيليا عندما تم إيقافه فيما وصفه الجيش الإسرائيلي بأنه تفتيش روتيني”.
وقال المتحدث العسكري للاحتلال أمنون شيفلر، “انتهى بنا الأمر بالقبض عليه بعد أن قاوم تفتيشا روتينيا، حيث تم استجوابه.. بسبب قلة تعاونه وسلوكه، لهذا أوقفوه”.
وبعد ساعة، غادر الجنود الفناء حيث كان أسعد وأربعة آخرون محتجزين، ووجد أحد المعتقلين، ممدوح عبد الرحمن، أن أسعد لا يستجيب، ووجهه لأسفل على بلاط الساحة، على حد قوله، حيث قام بفحص نبضه، بينما ركض معتقل آخر إلى عيادة قريبة لاستدعاء طبيب.
وقال الطبيب إسلام أبو زاهر، الذي حاول إنقاذ أسعد بأسلوب الإنعاش القلبي الرئوي ومزيل الرجفان: “كان وجهه أزرق.. نحن نتحدث عن شخص انقطع عنه الأكسجين لمدة 15 أو 20 دقيقة، قد يتسبب هذا في توقف قلبه ورئتيه”.
من جانبه، قال بكري وشهود آخرون إنه بمجرد خروج أسعد من السيارة، كان معصوب العينين بكوفية حمراء وبيضاء، ويداه مقيدتان خلف ظهره برباطات سوداء.
وأضاف: “إنه رجل مسن.. ماذا سيفعل بهم؟ ما نوع المقاومة التي سيقوم بها؟ إذا جلس على كرسي، فإنه يحتاج إلى خمس دقائق ليقوم من جديد”.
وبعد حوالي 10 دقائق، على حد قوله، رأى الجنود يجرون أسعد نحو 50 ذراعا في شارع جانبي باتجاه فناء منزل قيد الإنشاء.
بعد ذلك بقليل، جاء جندي للنظر إلى أسعد، ورفع سترته التي كانت ملقاة على الجزء العلوي من جسده، على حد قول عبد الرحمن. همس بشيء لزملائه الجنود. قال عبد الرحمن إن أحد الجنود قطع أحد الروابط المضغوطة على معصم أسعد وغادروا بسرعة.
وقال الدكتور أبو زاهر إنه كان يعالج أسعد من مرض الانسداد الرئوي في الأشهر الأخيرة وأنه منذ حوالي أربع سنوات خضع مريضه لعملية قلب مفتوح وزُرع له عدة دعامات. وأضاف أن مرض الرئة كان يمكن أن يجعل من الصعب على أسعد أن يتنفس وهو مستلق للأسفل.
المصدر: عربي 21