على الرغم من قرب انعقاد جلسة البرلمان العراقي الأولى المقررة الأحد، يستمر الجدل السياسي بشأن “الكتلة الكبرى” التي تمتلك حق ترشيح رئيس الوزراء الجديد، وسط توقعات بتأخر تشكيل الحكومة نتيجة لتلك الخلافات.
ويمنح الدستور العراقي “الكتلة الكبرى”، الأكثر عدداً بمقاعد البرلمان، حق ترشيح شخصية لرئاسة الوزراء، يقوم بعدها رئيس الجمهورية بتكليفه تشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان خلال شهر للتصويت عليها.
ووفقاً لقيادي في التيار الصدري، فإن “الكتلة الصدرية ما زالت تصر على تسجيل نفسها على أنها الكتلة الكبرى دون أي تحالف مع أي قوى أخرى، لا سيما أن قانون الانتخابات الجديد أكد أن الكتلة الكبرى هي التي تحصل على عدد أكبر من المقاعد البرلمانية، وليس الكتل التي تشكل تحالفاً مع عدد من القوى”.
وقال القيادي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن “التيار الصدري سيسعى، بعد أن يسجل كتلته الكبرى بشكل رسمي، للعمل على تشكيل تحالف سياسي كبير يضم قوى سياسية مؤثرة وفاعلة، هي من سوف تشكل حكومة الأغلبية الوطنية”.
وأوضح في تصريح خاص لـ”العربي الجديد” أن “التحالف سيضم كل المكونات العراقية، لكن ليس كل القوى السياسية، حتى لا نعود إلى المحاصصة من جديد”، مشيراً إلى أن “قوى الإطار التنسيقي تحاول ضم التيار الصدري ضمن الإطار التنسيقي، لأجل تشكيل الكتلة الكبرى من البيت السياسي الشيعي حصراً، وهذا ما يرفضه زعيم التيار مقتدى الصدر”، مشدداً “نعمل على تشكيل حكومة أغلبية بمشاركة بعض أطراف الإطار التنسيقي وليس جميعها”.
ويصر “الإطار التنسيقي”، الذي يضم القوى التي رفضت نتائج الانتخابات البرلمانية وطعنت بها، على أنه يمثل الكتلة البرلمانية الكبرى.
الحوار مع “الكتلة الصدرية”
وقال القيادي في الإطار وائل الركابي، لـ”العربي الجديد”، إن “الإطار يمثل حالياً الكتلة الكبرى، وهو من سيشكل الحكومة الجديدة، لكنه مع ذلك يريد أن يكون التيار الصدري جزءاً من هذه الكتلة وجزءاً من الحكومة الجديدة، وهذا ما يجعلنا نستمر في التفاوض والحوار حتى الآن مع الكتلة الصدرية”.
وأوضح أن “الإطار التنسيقي يسعى إلى تسجيل وإعلان الكتلة الكبرى في جلسة البرلمان الأولى بالتحالف مع الكتلة الصدرية، لكن الصدريين لا يرغبون بأي تحالف يضم ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي”، مشيراً إلى أن “تفسير المحكمة الاتحادية العليا واضح بشأن الكتلة الكبرى، وأن استمرار هذا الخلاف سيكرر مشهد انتخابات 2018 بوجود كتلتين كبيرتين، وهذا ما سيعرقل كل الحوارات والتفاوض بشأن تشكيل الحكومة الجديدة”.
وشدد “سنعمل على حل هذا الخلاف قبل انعقاد الجلسة الأولى، لكن حتى الآن، لا يوجد أي اتفاق وتوافق على هذا الأمر بين الإطار والتيار”، مشيراً إلى أن “عدد نواب الإطار تخطى عدد نواب التيار الصدري، كما أن هناك نواباً مستقلين سيكونون ضمن الإطار في الجلسة الأولى وبعد أداء اليمين الدستورية”.
وفي ظل هذا الجدل المحتدم، توقع مراقبون أن تشهد الجلسة البرلمانية الأولى خلافات عميقة. وقال المحلل السياسي محمد التميمي، لـ”العربي الجديد”، إن “جلسة البرلمان الأولى ستشهد خلافات سياسية كبيرة بين كل القوى السياسية، لا سيما في ما يتعلق بالكتلة الكبرى ومنصب رئيس البرلمان”، مؤكداً “ستسجل الجلسة الأولى كتلتين كبيرتين، كما حصل في انتخابات 2018”.
وشدد أن “المشهد الحالي معقد بشكل أكبر من المشهد السياسي والانتخابي في سنة 2018، ولذا، فإن حسم قضية الكتلة الكبرى سيطول كثيراً، وربما سيستغرق تشكيل الحكومة الجديدة أشهر طويلة”.
وفد كردي
ووصل إلى العاصمة العراقية بغداد وفد كردي مشترك يمثل “الحزب الديمقراطي الكردستاني”، الذي حصل على 31 مقعدا في الانتخابات التشريعية التي جرت قبل نحو ثلاثة أشهر، و”الاتحاد الوطني الكردستاني” الذي حصد 14 مقعدا في الانتخابات ذاتها.
وتأتي الزيارة قبل يومين من موعد الجلسة الأولى للبرلمان، المقرر أن تنعقد بعد غد الأحد، لاختيار رئيس ونائبين لمجلس النواب، ثم المضي ببقية الاستحقاقات الدستورية.
وكانت وسائل إعلام كردية قالت إن الوفد برئاسة القيادي في “الديمقراطي الكردستاني” هوشيار زيباري والقيادي في “الوطني الكردستاني” عماد أحمد، موضحة أن الوفد يحمل ورقة تفاوضية لتسوية الخلافات والقضايا العالقة بين بغداد وأربيل.
وأكدت مصادر سياسية مقربة من “الحزب الديمقراطي الكردستاني” أن الوفد سيجري حوارات مكثفة مع مختلف القوى الفائزة في الانتخابات، في محاولة للتوصل إلى الخطوط العريضة للتفاهمات قبل انعقاد الجلسة الاولى، موضحة لـ”العربي الجديد” أن القوى الكردية تعتقد أن هذه التفاهمات ضرورية جدا لضمان انعقاد الجلسة بسلاسة من دون أن يتخللها إرباك أو مطالبات بالتأجيل.
وبينت أن المفاوضات ستركز على الشراكة التي من شأنها ضمان مشاركة فاعلة للقوى الكردية في الحكومة المقبلة، فضلا عن الاستحقاقات المالية لإقليم كردستان، وكذلك الأوضاع في المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، مشيرة إلى أن الحوارات السياسية في بغداد ستستمر حتى انعقاد جلسة البرلمان في التاسع من الشهر الحالي.
وأصدر “الحزب الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني الكردستاني”، أمس الخميس، بيانا مشتركا، أعلنا فيه أن وفدا مشتركا من الحزبين سيبدأ المفاوضات مع الأحزاب العراقية الأخرى، بهدف تشكيل الحكومة الجديدة.
وتابع البيان “بعد المناقشة وتبادل الآراء في الاجتماع الذي عقد، اتفق الجانبان على تشكيل وفد مشترك من إقليم كردستان في عملية التفاوض مع الأطراف السياسية العراقية حول تشكيل الحكومة الجديدة، وتم إعداد ورقة عمل مشتركة لهذا الغرض”.
وأكد القيادي في “الديمقراطي الكردستاني” هوشيار زيباري أن حزبه ناقش، خلال اجتماع عقد مع “الاتحاد الوطني الكردستاني” أول من أمس الاربعاء، الأوضاع السياسية في البلاد، مشددا خلال مؤتمر صحافي على ضرورة مشاركة القوى الكردية الأخرى في الحوارات الجارية حاليا.
وفي السياق، قال عضو البرلمان السابق عن “الاتحاد الإسلامي الكردستاني” جمال كوجر إن القوى الكردية لم تتوصل حتى اليوم إلى اتفاق مع الأطراف السياسية الأخرى، مبينا خلال تصريح صحافي أن القوى السياسية قد تتوصل إلى رؤية مشتركة قبل انعقاد جلسة البرلمان.
ووفقا للدستور، فإن على البرلمان أن يصوت في جلسته الأولى لاختيار رئيس مجلس النواب ونائبيه بأغلبية (النصف زائد واحد)، ثم اختيار رئيس للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضاء البرلمان، بعدها يقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة البرلمانية الكبرى لرئاسة الوزراء بتشكيل الكابينة الحكومية في مدة أقصاها شهر واحد.
وتأمل القوى السياسية العراقية المضي بالإجراءات الدستورية، واختيار رئيس البرلمان ونائبيه في الجلسة الأولى، تمهيداً لتنصيب رئيس جمهورية ثم رئيس للبرلمان العراقي.
المصدر: العربي الجديد