يصعب عليّ التحدث عن شخص ربطتني به علاقة متميزة منذ ما يقارب أربعة عقود، نصفها أمضيناها بشكل متواصل من العمل المشترك في مرحلة قاسية من العمل السري والتصدي لمسؤولية
القيادة في حزب تعرض لضربة قاصمة عام 1980 من قبل أجهزة أمن النظام مع توقيع المعاهدة السوفيتية السورية ضمن حملة اعتقالات شاملة فقد الحزب فيها القسم الأكبر من قياداته (رياض الترك، عمر قشاش، فايز الفواز، منذر الشمعة..) ومن مرتكزاته اللوجستية (بيوت، اجهزة طباعية وغيرها) وأودع خلالها ما يقارب مائتين وخمسين من كادراته في المعتقلات والسجون لسنوات ناهيك عن عشرات الملاحقين والمطاردين في معركة مفتوحة بوجه سلطة الاستبداد خاضها الحزب ببسالة.. وساهم مع حلفائه في التجمع الوطني الديمقراطي في قيادة العمل الوطني والديمقراطي المعارض لعقدين من الزمن خلال حقبتي الثمانينات والتسعينات. .لقد غادر عبد الله هوشة / ابو يوسف عضو لجنة المراقبة المركزية ومسؤول منظمة اللاذقية للحزب سكنه في اللاذقية اثر تعرض بيته للمداهمة في تشرين اول /أكتوبر 1980 وتخفى فيها لأشهر، ثم قَدَمَ الى دمشق لينضم الى القيادة الجديدة بعد توسيع اللجنة المركزية وكان من الأعضاء الجدد الذين انتخبهم اجتماع الكادر المركزي الموسع الذي عقد في دمشق في كانون اول /ديسمبر 1980 اثر دعوة القيادة لمؤقتة التي تشكلت من أعضاء في المركزية أفلتوا من الاعتقال وتصدوا لتحمل المسؤولية ، واستقال من لجنة الرقابة المركزية التي كان يرأسها محمد الحجار (ابو غسان) المنتخبة من المؤتمر الخامس للحزب أواخر 1978 كي لا يجمع بين سلطتي الرقابة من جهة و اتخاذ القرار من جهة اخرى في حزب حديث العهد بالديمقراطية يطمح لتكريس مبدأ فصل السلطات في ممارسته الديمقراطية وتأكيد استقلاليته بعد ان اعتمدها بنهجه الفكري والسياسي . و بقي ابو يوسف وفيا لهذا النهج حتى وفاته ، و كان من الطبيعي ان يلتحق بلجنة المركز (الأمانة المركزية ) اثر انتقاله الى دمشق واستمر في ممارسة مسؤولياته حتى عام 2006 اثر استقالته من اللجنة المركزية وتخليه عن عضويته التي تجددت في المؤتمر السادس وعن موقعه الذي انتخبته فيها المركزية المنبثقة عن المؤتمر كأمين اول لها ، مع الإشارة الى ان المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوري /المكتب السياسي انعقد في نيسان / ابريل من عام 2005 و صار اسمه منذ ذلك الحين حزب الشعب الديمقراطي السوري ، وهو آخر مؤتمر يعقده الحزب حتى تاريخه. .
تعرفت على ابي يوسف بشكل مباشر عام 1979 في الاجتماع الموسع الذي عقد بُعيد المؤتمر الخامس (المنعقد في كانون اول / ديسمبر 1978) والذي جرى على اثره توسيع اللجنة المركزية بثمانية أعضاء كنت واحدا منهم وتشكلت فيه المكاتب فالتقينا معا في مكتب الاعلام المركزي المعني بإصدار النشرة المركزية (نضال الشعب) والنشرات المنطقية و كان يرأسه في حينه فايز الفواز وكان عبد الله هوشة ابو يوسف مسؤولاً عن جريدة” الساحل” (اللاذقية وطرطوس ) و بدر الدين شنن عن جريدة “الحقيقة” ( المنطقة الشمالية والشرقية ) و موفق نيربية و مازن عدي (الداعي ) عن جريدة “الفجر ” في المنطقة الوسطى ( حمص وحماة ) و كان النقابي عمر قشاش يحرر ويشرف على اصدار الجريدة المطلبية المركزية “قضايا الجماهير”.
منذ اللقاء الاول بيننا نشأت رابطة صداقة تجاوزت الحالة الرفاقية الى جوانب شخصية واهتمامات مشتركة ذات طابع ثقافي فيها الكثير من المشتركات اذ كنت قارئا جيدا ومتأثراً بالمفكر الياس مرقص واحترم مخزونه المعرفي وعقله النقدي وبعد نظره الاستراتيجي، وسعدت بالعلاقة المتينة التي تربطه مع ابي يوسف، وكنا نعتبره أستاذا لنا في العديد من الجوانب ، وفي مرحلة لاحقة بعد عشر سنوات تبادلنا الأدوار تمتنت علاقتي مع الياس في الوقت الذي كان يتعذر على ابي يوسف التواصل معه مباشرة… تعمقت العلاقة بيني وبين ابي يوسف بعد التحاقه بلجنة المركز في دمشق وصار لنا بيت مشترك لعملنا السري في السنوات الاولى للملاحقة و لعدة سنوات (ملحق صغير في منطقة عين الكرش في وسط دمشق) .. وكذلك في منطقة وادي بردى، وفي تلك الفترة تعرف اطفالنا على بعضهم البعض وصار جزء من حيواتنا مشتركاً، وتمتٌنت العلاقة بين الأسرتين.. نتشارك كما يقال بالسراء والضراء وأمضينا معاً وقتا طيلة عقدين يتجاوز الزمن الذي أمضيناه مع اخوتنا او أسرنا.. .. ولازال أولادي يذكرون جيدا مداعبته لهم حين كانوا أطفالا وروحه المرحة وباله الطويل.. وما زال محفورا في ذاكرتهم طريقته اللطيفة في رواية الحكايات (الحتوتات) وتظاهره البارع في عرض الامور بجدية مقنعة يقلبها في لحظات الى مزاح. واستمرت تلك العلاقة الى المراحل التي تلتها عند خروجنا الى العلن رغم التباعد الجغرافي الذي حصل.
كان لشخصيته الهادئة والمتفائلة والمحبة للترتيب والتنظيم وكفاءاته اللغوية والسياسية وصدقيته في التعامل عوامل جاذبة للآخرين في محيط الحزب وخارجه ومصدر حب وتقدير، ولم تغير معاناته الشديدة في ظروف التشرد والملاحقة وظلم بعض الأقربين من صفاته وعطائه، ولم تفارق البسمة محياه حتى في مرضه العضال اذ تغلب على المرض في جولته الاولى منذ أكثر من عشر سنوات لكن المرض قهره سريعا في جولته الثانية بعد فترة وجيزة من وفاة زوجته دعد مسرة (ام يوسف) التي شاركته وشاركها كل المحن.
بعض التفاصيل بخصوص مسؤولياته والعمل المشترك
كنّا معنيين مباشرة منذ عام 1981 بتحرير وإصدار الجريدة المركزية “نضال الشعب” وفي قيادة العمل التنظيمي وإصدار الرسائل الداخلية وكان شريكنا في العمل عضو لجنة المركز محمد منير مسوتي (ابو ماهر) وهو عضو مركزية منتخب في المؤتمرين الرابع 1974 والخامس 1978 الذي اعتقل في أيلول /سبتمبر 1987 مع جورج صبرة (عضو المركزية منذ عام 1986).وشاركنا معا في التحضير للمؤتمر التداولي الثاني للحزب المنعقد عام 1984 وإصدار وثائقه في دمشق بظروف العمل السري وفي بيت عضو اللجنة المركزية عبد الرزاق ابا زيد( شهيد التعذيب عام 1987) ، كان ابو يوسف دقيقاً و مخلصاً في عمله، وتولى مسؤولية مكتب الاعلام المركزي ، وغالباً ما كان يتولى تحرير افتتاحية نضال الشعب. ومنذ عام 1985 صار لهيئة تحرير الجريدة قوام مستقر بعد ان انضم اليها صبحي حديدي وموفق نيربية. واستمر عملنا المشترك في الاعلام، ابو يوسف وانا، بعد توقف جريدة “نضال الشعب” لصالح جريدة “الموقف الديمقراطي” التي باشرت الصدور في بداية عام 1991. كانت “الموقف الديمقراطي” الجريدة المعبرة عن مواقف وسياسات التجمع الوطني الديمقراطي والتي كان لها دورا كبير في تعميم الخط الوطني الديمقراطي المعارض في الساحة السياسية السورية، وساهم في تحريرها اسماء لها مكانتها في العمل الوطني المعارض منها جاد كريم الجباعي وحبيب عيسى وسليمان شمر وحازم نهار وأحمد مظهر سعدو ومروان الخطيب وفايز الفواز.. بالإضافة الى مساهمات ميشيل كيلو واخرين.. وترأس عبد الله هوشه مكتب إعلام التجمع لفترة طويلة نسبيا. وكنا شركاء معا ومع جمال الأتاسي واخرين في القيادة المركزية للتجمع الوطني الديمقراطي في إقرار افتتاحية ” الموقف الديمقراطي” المعبرة عن الموقف الرسمي لقيادة التجمع الوطني الديمقراطي..
كما تولى ابو يوسف الإشراف على تحرير الجريدة المركزية للحزب التي استؤنف إصدارها بعد عام 2000 باسم جريدة “الرأي”، وأعقب ذلك تأسيس (موقع الرأي) برعاية فهمي يوسف (عضو المركزية من عام 1987) كان ابو يوسف هادئا في الحياة الداخلية التنظيمية صارماً في احترام القرارات وعمل المؤسسات متقبلاً النقد، مدافعاً شرساً عن نهج استقلالية الحزب داخل الحزب وخارجه، كان العمل معه مريحا بعيدا عن التوترات رغم التباين او الاختلاف في وجهات النظر الذي يحصل في بعض المسائل.. كنّا ندرك تماما اننا نحتاج دوما للتدرب على الممارسة الديمقراطية.. وكنا ننبذ معا الارث الستاليني والمدرسة البكداشية.. كان جمال الأتاسي الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي يقبل بصدر رحب ولا يناقش اي تعديل مقترح من قبله او قبلي على الافتتاحيات التي كان يصيغها وكان ابو يوسف مفوضاً من قبل جمال الأتاسي ويحظى بثقة قيادة التجمع. وكان محبوباً ومحترماً في الأوساط السياسية المعارضة وكان اسمه كمرشح مطروحا من قبل قوى وشخصيات خارج دائرة الحزب لترؤس اول مجلس وطني لإعلان دمشق..
معاناته في حياة التخفي والوضع السري؛
ربما تكون تجربة الحياة في التخفي والوضع السري لزمن طويل من التجارب النادرة التي لم يكتب عنها بعد، خاصة في الحالة السورية، في الوقت الذي حظيت تجربة السجون والمعتقلات بحيز مهم من الشهادات والأدبيات.
هناك تعقيدات كبيرة تنشأ في شروط حياة التخفي لتوفير الحماية الشخصية من الانكشاف على الأجهزة الأمنية ودرء خطر الاعتقال؛ هذه الشروط بشكل عام قاسية وفي بعض الحالات والمواقف قاسية جداً؛ الاضطرار للعزلة النسبية، وتقييد العلاقات الاجتماعية، والحرمان من واجباتها وأخذ الحذر الدائم خلال الحركة أو التنقل أو السفر أو العلاج في المشافي في ظل الضائقة المالية او الاضطرار للحصول على وثائق تعريف رسمية كالهوية او غيرها، ناهيك عن القلق الدائم وعدم الإحساس في الأمان، بالإضافة لتبعات هذه الأمور على الاسرة. .
هذه الأمور لو تسنى لابي يوسف ان يكتب عنها وعن تجربته المريرة لصارت كتابا.. ما سأشير له بهذا الخصوص هو بعض جوانب ما اعرفه وما انا شاهد عليه من خلال المرور على بعض المفاصل في معاناته:
المسألة المعقدة الاولى تتعلق باستئجار بيت مناسب في ظل إجراءات أمنية تفرض على المؤجر التصريح عن هوية المستأجر حتى لو لم يكن هناك عقد ايجار، يتم التسجيل لدى الشرطة المدنية التي ترسله بدورها الى الفروع الأمنية.. هذه المسألة حتى لو تم حلها من خلال تسجيل البيت من قبل أحد المتطوعين لهذه المهمة ممن يمارسون حياتهم الطبيعة، والمجهولين من قبل السلطات الأمنية سواء اكانوا من أعضاء الحزب او الاصدقاء
تتم تغطية وجود ابو يوسف بصفته خال او قريب.. لكن الوضع يبقى مهددا نتيجة المسح الذي تجريه شبكات المخبرين في مختلف الأحياء.. واضطر ابو يوسف مرتين على الأقل ان يترك مكان إقامته بشكل مفاجئ عند تبين مخاطر الانكشاف واللجوء الى أماكن مؤقتة لأصدقاء حتى إيجاد البديل في ظل ضرورة ان تكون دائرة المعرفة من الرفاق او الاصدقاء محدودة جدا.. اذكر تماما كيف التجأ الى مكان في وقت متأخر من الليل بعد ان حذره صاحب البقالية المجاور لسكنه ان عناصر الامن تتحرى عن شخصه. كان امر السفر لضرورات العمل التنظيمي ايضا معقدا لتجنب إجراءات التسجيل او الدوريات والحواجز المفاجئة…وخلال السنوات الاولى للثمانينيات ساء وضعه الصحي لالتهاب المرارة مما تطلب الإقامة في مشفى حكومي وبالقسم الخاص لعمل جراحي اجري له وتم استئصالها بأقل كلفة ممكنة وبمساعدة الاصدقاء وبطريقة تم الاحتيال بها لعدم كشف اسمه.. وعانى أكثر من مرة من أمراض العمود الفقري دسك في الرقبة وايضاً أسفل الظهر واضطراره للعمل الجراحي.. ولم تقعده أوجاعه عن متابعة مهامه، وكان يكابر كثيرا في تحمل الآلام وعدم إظهارها للآخرين الا للحالات المقربة والمطلة على تفاصيل وضعه الصحي.. كان الحصول على وثيقة جديدة للهوية عملية شاقة تقتضي مساعدة شبكة من الاصدقاء غامروا ولجأوا لوسائل مختلفة للإفلات من القبضة الأمنية للسلطة واستغلال كل الثغرات …
ابو يوسف والفكر السياسي المتجدد
ان ما يميز ابو يوسف انفتاحه الفكري وابتعاده عن الفكر الدوغمائي ،كان من المتحمسين والمدافعين عن الخط الفكري والسياسي المعبر عنه بموضوعات المؤتمر الخامس للحزب والذي جرى فيها القطع مع المدرسة الشيوعية التقليدية واعتماد الديمقراطية منطلقا ونهجا ، عندما حصلت البروسترايكا كان يأمل كغيره ان تكون فرصة جدية لإعادة الروح للماركسية كفكر متجدد لكن الواقع أعند من الآمال والرغبات ..كان ابو يوسف يؤكد كثيرا على حرية الفرد وعلى مفهوم الأنسنة وكانت له مساهمته النظرية في صياغة موضوعات وبرنامج المؤتمر السادس للحزب عام 2005 بمنحاه الديمقراطي والاجتماعي الذي احدث نقلة بالخروج من الإسار الايديولوجي وتأكيد حرية الفكر . بالإضافة لدوره على الصعيد الثقافي داخل الحزب كمسؤول عن المكتب الثقافي المركزي في الثمانينات او في المساهمة في مجلة حوارات أوائل التسعينات التي كانت توزع بشكل سري. لم تتوقف كتاباته في إعلام الحزب طيلة عقدين ونصف وكذلك في إعلام التجمع الوطني الديمقراطي (الموقف الديمقراطي) طيلة عقد ونصف.. كانت تتميز افتتاحياته برصانتها وتماسكها. وبقيت إسهاماته بالحوار وابداء الرأي بصلاته الواسعة مع السياسيين والناشطين كان مرجعا استشاريا لكل من كان يعرفه من الاحرار خلال الثورة داخل سوريا وخارجها وكانت له مداخلته المهمة عبر السكايب منذ عدة اشهر في الاجتماع الموسع للكادر الحزبي الذي عقد في ألمانيا في آب/اغسطس 2018 والذي عبر فيها عن قناعته ان قضايا الشعوب لا تموت وان إرادة الشعب السوري بالحرية والحياة الكريمة لن تتوقف ولن تستسلم امام النكبات وان هناك مسؤولية تاريخية للقوى والوطنية والديمقراطية للنهوض السياسي يكون منطلقها في نقد تجربة الماضي واستيعاب الدروس ..وان مسؤولية الحزب كبيرة مع من يماثله لصياغة تحالفات تجمع القوى المناضلة والمستقلة الوطنية والديمقراطية الملتزمة بمفهوم المواطنة ومنظومة حقوق الانسان ومبدأ حيادية الدولة عن اي ايديولوجيا او عصبية او دين ..يمكن لهذا التحالف ان ينهض بطاقات الشباب التي اغتنت كثيرا بتجربة سنوات الثورة ويستطيع ان يشكل مرتكزاً بل رافعة للعمل الوطني في ظل مناخ الاحتلالات والتيئيس والتشظي نحو اعادة تأسيس لنهوض يعيد للشعب السوري مبادرته وفاعلية لفرض مطالبه وانتزاع حقوقه المشروعة التي دفع ومازال يدفع في سبيلها ثمنا باهظا .
مرضه الأخير والوداع
كانت معاناته قاسية مع مرض زوجته قبل مفارقتها الحياة بغياب أولادهما يوسف وريم المضطرين للعيش خارج سوريا لأسباب أمنية واقتصادية، كنت من القلائل الذين يبوح لهم بمعاناته الشديدة لان مرضها كان يتطلب العمل على خدمتها معظم ساعات اليوم، كان مسكونا بالهم العام ويشكل ظرفه الشخصي عنصرا ضاغطا لا مجال للإفلات منه وهو الانسان المعطاء والعطوف. لم يمض شهران على رحيل زوجته حتى أحس بآلام وأوجاع تطال منطقة الصدر في الطرف الاخر من الرئة سبق ان استؤصل له قسم منها في دمشق منذ لا يقل عن أثني عشر عاما وشفي في حينه تماما. بعد الفحوصات تبين انه مصاب بمرض عضال جديد، وكان التصور انه سيتأقلم مع العلاج رغم المعاناة، لكن فوجئ ذووه وأصدقاؤه ان حالته الصحية تتدهور وفي اخر تواصل بيننا تحدث معي انه يواظب على العلاج ولديه أمل بالتحسن.. وتحدثنا بالمسائل العامة وعلق على ما يجري من احداث سياسية باقتضاب، وعبر لي عن حزنه وأسفه لعدم مقدرته بسبب المرض ان يكون فاعلاً في لجنة السياسات والعلاقات الخارجية التي هو عضو فيها.. ثم استرسل معي بالحديث رغم آلامه وكان هاجسه مستقبل العمل الوطني في ظل التعقيدات الدولية والإقليمية وثقته بقدرات الشعب السوري غير المحدودة …
قبل وفاته بأسبوع اتصل معي في النهار بوقت غير معتاد كنت في مكان رسمي لا أستطيع الرد ولم أكن اعلم من المتصل، شعرت بانقباض وقلق حين علمت ان الاتصال كان من قِبله.. حاولت الاتصال أكثر من مرة ولم يجب الى ان أبلغتني ابنته ريم انه بات غير قادر على الاتصال.. ربما كان يود ان يودعني الوداع الأخير.. بكيت وتمنيت له الشفاء..
وداعا ابا يوسف أحسست بغيابك أنّي فقدت جزءاً من روحي.. أبيت ألّا تغادر أرض الوطن الحبيب وألا يحتضنك سوى ترابه المعطر بدماء شهداء الحرية.. لروحك السلام أيها النبيل.
المصدر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة