تشهد جبهات القتال في إدلب ومحيطها شمال غربي سوريا تحركات عسكرية مكثفة للمعارضة السورية من جهة، وقوات النظام والمليشيات الموالية من جهة ثانية، وتنذر الحشود العسكرية المتبادلة لطرفي القتال باقتراب جولة جديدة من المعارك.
وتبدو قوات النظام والمليشيات الإيرانية جاهزة بالفعل لاستئناف العمليات العسكرية بعد أن حشدت المزيد من الأعداد والعتاد الحربي في جبهات القتال.
وتركزت التعزيزات العسكرية لقوات النظام والمليشيات في جبهات جنوبي إدلب بالدرجة الأولى، وهدفها إشغال محاور القتال نحو جبل الزاوية واستكمال السيطرة على المنطقة الوعرة وصولاً إلى الطريق السريع “إم4” في منطقة أريحا، والتشكيلات المسلحة المنتشرة في جبهات الجنوب هي في الغالب من “الفرقة التاسعة” و “لواء القدس الفلسطيني” و”قوات الغيث” التابعة للفرقة الرابعة، إلى جانب تشكيلات من قوات النخبة التابعة لقوات الرضوان في “حزب الله” التي من المفترض أن تقوم بالعمليات الهجومية وتدير بشكل مباشر غرفة العمليات المتقدمة.
باقي التعزيزات العسكرية لقوات النظام والمليشيات توزعت على أكثر من خط تماس، ونالت جبهات كبانة والمرتفعات الجبلية في ريف اللاذقية الشمالي حصة كبيرة من الأعداد والعتاد الحربي لقوات النظام والمليشيات الإيرانية على وجه التحديد، وهي جبهات صعبة فشلت المليشيات في اختراقها في العام 2019، وتحاول مجدداً تغيير خطة العمليات المفترضة في المنطقة الجبلية لكسر دفاعات المعارضة الحصينة هناك.
وأصبح ل”حزب الله” و”لواء الباقر” و “فاطميون” ومليشيات إيرانية أخرى تواجد فعلي في جبهات الساحل، ويتمركز العدد الأكبر من التشكيلات في المنطقة القريبة من نقطة المراقبة الإيرانية في ريف اللاذقية الشمالي.
وفي جبهات ريف حلب الغربي وصولاً إلى جبهات شرقي إدلب تتقاسم المليشيات الإيرانية خطوط التماس مع “الفرقة 25 مهام خاصة” و”الفيلق الخامس” و”الحرس الجمهوري” و”الفرقة الأولى المدرعة” و”القوات الخاصة” و”الفرقة 11 مدرعة”، وهي جبهات مكتظة أصلاً بالتعزيزات قبل التحركات الأخيرة، وهي محاور للإشغال، أي جبهات ثانوية في حال أشغلت جبهات الجنوب وظل تركيز قوات النظام منصباً على الطريق “إم4”.
وتعول قوات النظام على “قوات النخبة” في عدة تشكيلات مسلحة مدعومة من إيران لإحداث تغير سريع في جبهات القتال، وللمليشيات الإيرانية دور مهم في تعديل الموقف العسكرية لقوات النظام ووقف انهيارها أواخر شباط/فبراير بعد تدخل القوات التركية وسلاحها الجوي المسير، نجح “حزب الله” حينها في إبقاء الجبهات متماسكة، وبشكل خاص جبهات شرقي إدلب وعمل على استعادة كامل المناطق في الجانب الشرقي للطريق “إم5”.
الناشط الإعلامي عبد الفتاح الحسين، قال ل”المدن”، إن “نظام الأسد يحاول الاستفادة من الحشود العسكرية الكبيرة للمليشيات الإيرانية في عموم جبهات إدلب ومحيطها، في الساحل وسهل الغاب وريف حلب الغربي لتعطيل العمل باتفاق وقف إطلاق النار الذي تحاول كل من تركيا وروسيا تثبيته”.
وأوضح الحسين أن “الهدف المعلن لقوات النظام والمليشيات الإيرانية هو الوصول إلى الطريق إم4 لكن الواقع مختلف، هناك نية للسيطرة على كامل إدلب ودفع المعارضة للخروج نحو مناطق درع الفرات وغصن الزيتون في ريف حلب، وقد نشهد اختلاق مبررات لإطلاق الجولة الجديدة من المعارك في أي وقت فالمليشيات جاهزة بالفعل”.
ورصدت المعارضة السورية تحركات قوات النظام والمليشيات الموالية التي بدت كثيفة مؤخراً، وقررت رفع جاهزية تشكيلاتها العسكرية في كامل خط التماس. وقالت مصادر عسكرية في “الجبهة الوطنية للتحرير” ل”المدن”، إن “قوات النظام والمليشيات نشرت عتادها الحربي الثقيل في عدد من المحاور التي يتوقع إشغالها في أي لحظة، وبدأت في إجراء عمليات استطلاع بري للأهداف والمحاور التي من المفترض أن يتم استهدافها في العمليات البرية”.
وأنشأ “لواء الشمال” التابع ل”الجيش الوطني” ثكنة عسكرية كبيرة في ريف حلب الغربي، ونقل المزيد من الأعداد والعتاد الحربي من مناطق ريف حلب الشمالي الى مواقع تمركزه الجديدة، كذلك واصلت الفيالق العسكرية الثلاثة التابعة ل”الجيش الوطني” عمليات إعادة الانتشار في جبهات ادلب للتعامل مع أي تطور ميداني غير متوقع.
وفي السياق، أعلنت مجموعات عسكرية في ريف حلب الغربي عن تأسيس غرفة عمليات خاصة بها، وتضم الغرفة عدداً من الكتائب العسكرية المنشأة حديثاً، والتي انضم إليها العشرات من المقاتلين السابقين في الفصائل المعارضة، ومدنيين نازحين من القرى والبلدات التي سيطرت عليها قوات النظام بداية العام 2020 في ريفي حلب الغربي والجنوبي وضواحي حلب، ومن المفترض أن يشارك المقاتلون الجدد بقيادة النقيب أمين ملحيس، في معارك التصدي لقوات النظام في حال هاجمت المنطقة.
مصادر عسكرية معارضة قالت ل”المدن”، إن شكل الدعم التركي الذي سيقدم للفصائل المعارضة في حال أطلقت قوات النظام والمليشيات عملياتها في ادلب، “غير معروف بعد. وهل ستشارك القوات الروسية وطائراتها الحربية بالتمهيد الناري؟”. وأضافت أن “الأيام القادمة ستحمل الكثير من التطورات العسكرية في الميدان، وقد تنجح الجهود التركية بالفعل في تثبيت وقف إطلاق النار.
المصدر: المدن