تستعد اللجنة المصغرة المنبثقة عن “اللجنة الدستورية” السورية، لعقد جولة ثالثة من المحادثات حول الدستور، عن طريق الدوائر التلفزيونية المغلقة (عن بُعد)، وذلك بسبب الظروف الاستثنائية جراء تفشي فيروس كورونا في العالم.
وأوضح الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة السورية هادي البحرة ل”المدن”، أن “العمل جارٍ على دراسة اقتراح عقد جولة جديدة من المحادثات بالسبُل الإلكترونية”.
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير يبدرسن، قد أعلن في وقت سابق، توصل المعارضة والنظام السوري إلى اتفاق حول جدول أعمال الاجتماعات الجديدة، بعد توقف أعمال اللجنة في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2019، على خلفية اتهامات متبادلة من الوفدين (المعارضة والنظام) بالمسؤولية عن تعطيل الجولتين السابقتين.
وأكد بيدرسن أنه يواصل التشاور مع الأطراف حول إمكانية بدء العمل من أجل التحضيرات للدورات المقبلة للجنة، إلى أن يكون عقد اجتماع جديد ممكناً.
وحول تصور المعارضة لسير الجولة الجديدة المرتقبة، قال عضو هيئة المفاوضات السورية إبراهيم الجباوي إن النظام السوري وافق مرغماً على جدول الأعمال، بعد أن فرضت روسيا عليه ذلك، تحت تأثير الضغوط الدولية على موسكو أيضاً.
ومخفضاً من سقف توقعاته بالنتائج المتوقعة من الجولة المرتقبة، قال ل”المدن”، إن النظام سيواصل وضع العراقيل أمام أي تقدم حقيقي، وهو ذهب بعيداً لتفسير جدول الأعمال المتفق عليه، وهو “مناقشة الثوابت والركائز الوطنية، تمشياَ مع التفويض والاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية للجنة الدستورية”.
وأضاف أن “النظام السوري أبعد ما يكون عن الثوابت الوطنية، لأنه لو كان يمتلك شيئاً منها، لما أوصل سوريا إلى ما هي عليه الآن”.
في المقابل، أكد الجباوي استعداد وفد المعارضة لحضور الجلسات، سواء بالطرق الإلكترونية، أو بالاجتماعات المباشرة، مشدداً على انفتاح المعارضة لتحقيق أي تقدم في جلسات الدستور.
تحريك المياه الراكدة
ومن الواضح أن المبعوث الأممي، بيدرسن، يحاول الاستفادة من التهدئة في إدلب، على أمل حلحلة موقف النظام المتشدد في ملف اللجنة الدستورية.
وفي هذا السياق، أشار المحلل السياسي والباحث بالشأن السوري محمد سالم في حديث ل”المدن”، إلى أن بيدرسن قد يرى في اتفاق “موسكو” الأخير، وما حصل بعده من تهدئة نسبية للأوضاع في إدلب فرصة للعمل على إحياء اجتماعات اللجنة الدستورية، خاصة مع تزامنها مع أزمة كورونا.
وأشار إلى احتمال انشغال مختلف الأطراف بكورونا، خاصة النظام، مما يضعف فرصته لإعادة التفكير في الحسم العسكري، وسط الضغوط الدبلوماسية من الأمم المتحدة التي تدعو لإيقاف كافة أعمال العنف للتصدي لكورونا، واستمرار تركيا في تعزيز قواتها في إدلب بما يردع قوات النظام وداعميه عن التفكير في الحسم العسكري مجدداً.
وأوضح سالم أن بيدرسن كان قد مهّد للموضوع في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن في آخر الشهر الماضي قائلا: “دعوني أسجل أنه، وكما كان واضحاً للرئيسين المشاركين منذ البداية، أن الاتفاق خلال الدورة القادمة للجنة الدستورية على الأسس الوطنية والمبادئ ليس شرطاً مسبقاً للانتقال إلى قضايا أخرى”، بالتالي، “هو يريد تجاوز المواضيع التي شكلت حائطاً مسدوداً في الجلسات الماضية، نحو مواضيع يمكن التوافق عليها وإن كانت أقل أهمية”.
لكن ذلك، لا يعني من وجهة نظر سالم، المبالغة في التوقعات، وقال: “لا أتوقع حصول تقدم سياسي حقيقي في عمل اللجنة، فالنظام قادر على التعطيل وممارسة سياسة الإغراق في التفاصيل” التي ذكرها وزير خارجيته وليد المعلم سابقاً.
ولا يبدو أن تغيير المواضيع يمكن أن يحدث تقدماً حقيقياً، إلا إذا توافرت إرادة دولية للضغط عليه وإجباره، الأمر الذي يتعلق بحدوث توافق روسي أميركي بالدرجة الأولى، وهو ما يمكن حدوثه باحتمال ضئيل بعد إدراك الروس لصعوبة تعويم النظام بشكله الحالي أو بإجراء تغييرات شكلية تجميلية دون إحداث إصلاحات حقيقية.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، كانت الأمم المتحدة، أعلنت عن تشكيل اللجنة الدستورية، لتعقد الهيئة الموسعة من اللجنة اجتماعها الأول في 30 تشرين الأول/أكتوبر، ومن ثم اجتماعها الثاني في أواخر تشرين الثاني نوفمبر الماضيين، من دون التوصل إلى أي نتائج.
المصدر: المدن