يعاني أكثر من مليون نازح شمال غربي سوريا من شح المياه النظيفة والصالحة للشرب مع ارتفاع درجات الحرارة، وانعدام شبكات الصرف الصحي، ما تسبب في إصابة عشرات بأمراض جلدية وأوبئة نتيجة استخدام مياه غير صحية.
وقال مسؤول في «فريق منسقي استجابة سوريا» في إدلب إن فرقه الميدانية «وثّقت انعدام المياه الصالحة للشرب في أكثر من 200 مخيم في مناطق أطمة وقاح ودير حسان وحارم وحربنوش وكللي شمال إدلب، وتضم هذه المخيمات ما يقارب 400 ألف نازح، الأمر الذي تسبب في إصابة عدد كبير من النازحين بأمراض جلدية كالجرب وغيره من الأوبئة، بينهم أطفال ونساء». وأضاف: «وجهنا مناشدات للمنظمات الإنسانية العاملة في شمال سوريا إلى الإسراع في إكفاء النازحين من حاجتهم للمياه الصالحة للشرب والاستعمال الشخصي والنظافة لحمايتهم من مخاطر توسع انتشار الإصابة بالأمراض الجلدية والأوبئة الناجمة عن قلة النظافة، بسبب قلة المياه الصالحة لذلك بين النازحين، خاصة مع تفشي انتشار فيروس كورونا في تلك المناطق من جديد».
«أم عمر» أرملة تعيش وأسرتها (7 أطفال) في مخيم الأمل القريب من منطقة دير حسان شمال إدلب، قالت إن شح المياه والكميات القليلة التي «نحصل عليها لا تكاد تكفي للشرب، حيث تقدم لنا إحدى المنظمات يومياً ما يقارب 100 لتر من المياه الصالحة للشرب وهذه لا تكفي سوى للشرب وغسل أواني الطبخ، ومع قدوم فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة اقتصر الاهتمام بنظافة الأطفال على الاستحمام مرة واحدة كل 10 أيام، ما تسبب ذلك بإصابة طفل وطفلة من أبنائي بأمراض جلدية وصفها الطبيب بالجرب نتيجة قلة النظافة، وأخشى من انتقال المرض إلى باقي أطفالي»، فيما أشار مسؤول في مخيم العودة بالقرب من أطمة الحدودية مع تركيا إلى أن المنظمات الإنسانية «تقدم 25 لتر مياه يومياً للفرد الواحد من النازحين، تتم تعبئتها ضمن خزانات مشتركة ضمن قطاعات المخيم، وهذا بالطبع لا يكفي لأسرة يصل عدد أفرادها أحياناً إلى 10 كالشرب والطبخ والتنظيف والاستحمام، ما يدفع بالبعض إلى شراء مياه من الباعة الجوالة، وغالباً هذه المياه لا تكون نظيفة أو معقمة بالكلور ولا حتى الصهاريج التي تنقل فيها المياه، ما يتسبب ذلك بوقوع إصابات مرضية كالتسمم والإسهالات». ويضيف: «ترد إليّ يومياً عشرات الشكاوى من سكان المخيم حول نقص المياه والمطالبة بزيادة الكمية مع قدوم فصل الصيف، ورغم مناشدتنا للمنظمات بشكل متكرر، فإننا لا نتلقى أي استجابة، ما يسبب ذلك أزمة حقيقية مع دخول فصل الصيف في كل عام وتعرض النازحين للإصابة بالأمراض الجلدية والمعوية».
من جهته، حذّر الناشط الإنساني بكار حميدي من مخاطر انتشار الأوبئة والأمراض بين النازحين بسبب انعدام شبكات الصرف الصحي، والاعتماد على سواقي مكشوفة تمر بين الخيام. ويضيف: «مع قدوم فصل الصيف وشح المياه قد تصبح هذه السواقي بيئة مناسبة لنمو الحشرات والديدان والقوارض الضارة بصحة الإنسان، وبالتالي قد تشكل خطراً مباشراً على صحة النازحين»، وحمّل مسؤولية ذلك للمنظمات الإنسانية في المساهمة بتنفيذ شبكات صرف صحي ضمن المخيمات لحماية الأطفال على أقل تقدير من إصابتهم بالأمراض الجلدية وغيرها نتيجة ذلك.
من جهته، قال الطبيب محمد الأحمد في مشفى قاح للأطفال: «يرد إلينا بشكل يومي بين 30 و40 طفلاً يعانون من أمراض جلدية تتراوح بين الجرب والصدف والبثور الجلدية الأخرى، فضلاً عن حالات التسمم والإسهالات والتهاب الأمعاء، الناجمة عن استخدام المياه غير المعقمة أو الصالحة للشرب والاستعمال المنزلي». وأضاف أن معظم الحالات المصابة بهذه الأمراض تعود إلى العنصر الرئيسي وهو قلة النظافة في المخيمات، بسبب شح المياه، لافتاً إلى أن العلاج والإسعافات الأولية للمصابين لا تفي بالغرض إن لم يؤمن للنازحين الكميات الكافية من المياه الصالحة للشرب والاستحمام اليومي في فصل الصيف وغسل الثياب بمياه معقمة.
المصدر: الشرق الأوسط