لقد عرفت الأخ محمد خليفة منذ زمن بعيد مناضلا حرا أبيا مقداما لايخاف في الله لومة لائم هاجسه الأساسي محاربة الاستبداد والفساد في سورية وفي كل أرجاء الوطن العربي. لقد رافقته في الثورة السورية المباركة، وكانت وجهات نظرنا دائما متقاربة في تحليل المواقف، وبنفس الوقت كان إنسانا واضحا في إنسانيته في كل كتاباته وتصرفاته وحليما عطوفا يحفظ المودة والأخوة. شديدا بالحق عندما يتطلب الموقف الشدة وبسبب ذلك حياته كلها مليئة بالعذابات منذ شبابه حتى تغمده الله برحمته. فقد ذاق الأمرين من النظام السوري المستبد ومن الأنظمة العربية التي كان على احتكاك معها، وحتى في بلد المهجر السويد كانت معاناته كبيرة بسبب فضحه للديمقراطية المزيفة في السويد.
لقد كانت عروبته نقية خالية من شوائب التعصب والشوفينية مؤمن بأن الوطن للجميع ولا فرق عنده بين مواطن وآخر إلا بقدر انتماءه لهذا الوطن، وكان جل اهتمامه رحمه الله المحافظة على وحدة سورية، والعمل الدؤوب على تآلف السوريين وتجميعهم في إطار واحد بعيدا عن الإنتماءات الحزبية والإثنية والطائفية، وكان هذا متجليا في كل مجالات نشاطات في الثورة منذ أنطلاقتها. فقد انعكس ذلك في كتاباته، فقد كان كاتبا متميزا يستطيع أن يصل معك إلى ما يفكر به بسلاسة ودون تشنج، وكذلك تجلى في مقالاته الصحفية الإسبوعية الدورية وغير الدورية. فقد كان صحفيا حرا يتلمس الحقيقة أينما وجدها ليعبر عنها، وهذا ما لاحظناه أيضا في شعره فقد كان شاعرا حساسا مرهفا يعكس من خلال شعره شخصيته الإنسانية والعروبية والوطنية المخالصة.
لقد كان أخا صديقا صدوقا مشينا الدرب سوية وكنا متقاربي الأفكار في أغلب الأحيان لدرجة التطابق منذ أربعين سنة حتى الآن، وهذا إن دل على شيئ فهو يدل على ثبات مواقفه المتجلية بالعروبة السمحاء الخالية من التعصب، والوطنية الجامعة، والإنسانية المحبة للخير للجميع.
إن خسارتي على المستوى الشخصي كبيرة لأننا كنا قريبين جدا من بعضنا، وهو بنفس الوقت خسارة كبيرة للثورة والوطن.
رحم الله أخونا أبوخالد وأسكنه فسيح جنانه، وإن العين تدمع والقلب يحزن على فراقك ياأبا خالد
660 دقيقة واحدة