يتجه النظام السوري لتشجيع زيادة الصادرات كآلية لمجابهة العقوبات الاقتصادية وزيادة إيراداته من العملات الأجنبية، متجاهلاً حاجة السوق المحلية التي تعاني من حالة عدم الاكتفاء في كثير من المواد.
وعبّرت عن هذا التوجه، دعوة رئيس حكومة النظام حسين عرنوس القطاعين العام والخاص إلى توسيع الصادرات إلى أسواق جديدة ومعالجة المعوقات التي تواجه هذا القطاع.
وأكد عرنوس أهمية إعادة إحياء قطاع التصدير وتقديم الدعم اللازم له لتجاوز تداعيات الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب السوري ومعالجة الضرر الذي لحق ببنية الإنتاج المحلي وتقديم الدعم اللازم لعودة تنافسية المنتج السوري في الأسواق الخارجية، معتبراً أن من الواجب على كل الجهات المعنية الاهتمام بالإنتاج لزيادة الصادرات السورية وفق أسس مدروسة وتوسيع قاعدتها الجغرافية.
وبطبيعة الحال يعني هذا توجه النظام، إلى زيادة صادرات المنتجات الزراعية والحيوانية إلى العراق والخليج وغيرها من الأسواق المجاورة، وهو ما سيزيد من حرمان السوريين منها.
ورجّحت تقديرات استشرافية لأداء الاقتصاد السوري خلال العام 2021، أن تشهد الصادرات السورية تحسناً بالفعل، بعد تخفيف دول الخليج القيود على البضائع السورية عبر معابر العراق أو الأردن، وبعد توقيع النظام اتفاقات تصدير الخضار والفواكه إلى روسيا وصفقات التبادل مع إيران، وحددت سقف الصادرات في العام الجديد بنحو مليار دولار أميركي، نظراً لغياب المنتجات الصناعية عن قائمة المواد المصدرة.
وتضم قائمة المواد التي يصدرها النظام، الحبوب والبذور، زيت الزيتون، الخضروات والفواكه، المكسرات، المعادن المستعملة، المواد الغذائية المصنعة (مربيات، معلبات، أجبان ومشتقات الحليب)، المنظفات والقطن المعالج والخام. وتذهب هذه المواد نحو لبنان والعراق والأردن، ونحو الخليج وروسيا وإيران.
ويبدو أن السوريين على موعد جديد مع موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، وتحديداً أسعار الفواكه والخضروات والمنتجات الحيوانية. وقال مصادر ل”المدن”، إن أسعار مشتقات الحليب شهدت ارتفاعاً حاداً بسبب زيادة تصديرها إلى العراق، خلال الفترة الأخيرة، ووصل سعر كيلو الجبنة البلدية إلى نحو 10 آلاف ليرة سورية، وهو ما يعادل خمس راتب الموظف الحكومي.
ووصلت نسبة التضخم خلال الأسبوع الأخير فقط إلى ما بين 7-8 في المئة، باعتراف “جمعية حماية المستهلك” التابعة للنظام. ولم تقدم الجمعية تفسيراً لسبب الارتفاع وقالت: ” لم يتبين السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار، هل هو تغير سعر الصرف أم توفر حوامل الطاقة أو طرح فئة نقدية جديدة أو بسبب قلة المواد”. وأضافت أن “ارتفاع الأسعار فاق قدرة المستهلك الشرائية، وهي مشكلة كبيرة لا يمكن إحاطتها بهذا الشكل”.
ويؤكد المراقب الاقتصادي، والمفتش المالي المنشق عن النظام منذر محمد أن توجه النظام نحو زيادة التصدير لن يسهم في تقليص العجز الكبير في الميزان التجاري، لأن قيمة المستوردات تفوق بأضعاف كبيرة قيمة الصادرات. ويقول ل”المدن”: “توجه النظام نحو زيادة الصادرات، لن يُسهم في حلحلة أزمة النظام، وإنما سيجعل الشريحة الواسعة من السوريين أمام أزمة غلاء مستفحلة، تأسيساً على أن الصادرات ستكون على حساب حاجة السوق الداخلية”.
وحسب محمد، فإن الأرقام الصادرة عن النظام تشير إلى أن قيمة الصادرات السورية خلال العام 2020 بلغت مليار يورو، في حين أن قيمة المستوردات تتجاوز ال4 مليارات يورو، ومع ذلك لا يزال الداخل السوري يعاني من أزمات في نقص المواد الأساسية.
وبناءً على ذلك، يجزم المراقب الاقتصادي بأن الميزان التجاري السوري لن يتحسن كما يروج النظام، حتى بزيادة الصادرات المقتطعة من أفواه السوريين.
المصدر: المدن